دعوى ضد شارون أمام القضاء الإسرائيلي لوقف اغتيال الفلسطينيين باعتباره «جريمة حرب»

خلال 29 شهرا نفذت إسرائيل 175 عملية اغتيال

TT

في اعقاب قرارات الحكومة الاسرائيلية الاخيرة بمواصلة سياسة الاغتيالات بحق القادة الفلسطينيين الميدانيين، السياسيين منهم ورجال المقاومة، توجهت عدة منظمات حقوقية اسرائيلية وفلسطينية تعمل في مجال حقوق الانسان، بدعوى قضائية الى محكمة العدل العليا في القدس تطالبها فيها باصدار امر واضح يمنع هذه الاغتيالات ويحظرها تماما باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية يحظرها القانون الدولي بشكل قاطع.

وقد اعد الدعوى محاميان يهوديان معروفان في ساحة الدفاع عن حقوق الانسان في المحاكم الاسرائيلية، هما افيغدور فيلدمن وميخائيل سفراد، اللذان يمثلان في هذه القضية كلا من اللجنة الاسرائيلية ضد التعذيب ومنظمة قانون الفلسطينية (العاملة من اجل احقاق حقوق الانسان والحفاظ على البيئة في فلسطيني). وهي موجهة ضد رئيس حكومة اسرائيل، ارييل شارون، ووزير الدفاع، شاؤول موفاز، ورئيس اركان الجيش، الجنرال موشيه يعلون. وتتهمهم فيها بأنهم يجعلون من طياري سلاح الجو الاسرائيلي وغيرهم من منفذي الاغتيالات مجرمي حرب «يصطادون المواطنين الفلسطينيين المطلوبين للعدالة الاسرائيلية، ويقتلونهم من دون محاكمة ومن دون اية اجراءات قانونية».

ويتضح من نص الدعوى ان اسرائيل نفذت 175 جريمة اغتيال ضد الفلسطينيين في الفترة ما بين 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2000 و29 ابريل (نيسان) 2003. وقد قتل في هذه العمليات 235 شخصا، فقط 156 منهم مطلوبون. وتؤكد ان قتل هؤلاء المطلوبين هو عمل غير قانوني وغير اخلاقي. ولكن الى جانبهم قتل ايضا 79 مدنيا من اقارب المطلوبين او جيرانهم او العابرين بالصدفة في المكان، وهم ابرياء تماما ولا علاقة لهم بعمليات الاغتيال. و31 منهم اطفال وفتية تتراوح اعمارهم ما بين شهرين (الطفلة الرضيعة ديانا مطر، التي قتلت خلال اغتيال صلاح شحادة، قائد كتائب عز الدين القسام في غزة) وحتى 18 عاما، وبينهم 11 امرأة. كما اصيب في هذه الاغتيالات 310 اشخاص، فقط 5 منهم مطلوبون. والباقون مواطنون ابرياء. وهذا اضافة الى هدم عشرات البيوت والحوانيت وغيرها من الاضرار المادية والمعنوية والنفسية.

وجاء في نص الدعوى ان هذه الاغتيالات، وما ينجم عنها من آثار، يشكل ليس فقط جرائم حرب، انما هي وصفة طبية لتدمير اخلاقيات المجتمع الاسرائيلي. اذ ان منفذيها باتوا يتعاطون معها وكأنها بطولات حربية. ويشير المحاميان الى تصريحات قائد سلاح الجو الاسرائيلي، دان حلوتس، حولها امام طياريه اذ طالبهم بأن يناموا مرتاحي الضمير.. باعتبار ان ما يفعلونه هو أمر طبيعي. ويقتبسون ما قاله حلوتس ردا على سؤال صحافي، حول شعوره وهو يأمر بالقاء طن من المتفجرات فوق بيت داخل حي مدني، فأجاب: «انا شخصيا انام مرتاح الضمير». ويقولان ان هذه التربية بالغة الخطورة على المجتمع الاسرائيلي، اذ انها تجعل من الجريمة اخلاقا. ويؤكدان ان اعتبار هذه الاغتيالات انتصارا على الارهاب، كما يصرح المسؤولون الاسرائيليون، هو تضليل كاذب وخطير. اذ «اننا في الحقيقة وعندما نقتل المدنيين في شوارع غزة ورام الله وازقة جنين والخليل ونطارد بالطائرات السيارات ونفجرها من الجو بواسطة الصواريخ المضادة للدبابات، وعندما نقتل مواطنين بواسطة القنص وهم داخلون الى بيوتهم ومساجدهم او خارجون منها، وعندما نضع مصيدة متفجرة لهم داخل صندوق الهاتف العمومي ونزرع الخراب والدمار لدى العديد من العائلات، انما نحن نقدم الدعم لمهندسي القتل والدمار الفلسطينيين».

ويدعو المدعون محكمة العدل العليا الى وضع حد لهذه المأساة، باصدار قرار شجاع يؤكد انها غير قانونية بتاتا.

ويذكر ان النيابة قدمت للمحكمة ردا على هذه الدعوى تقول فيه ان الاغتيالات مبررة في هذه الاوضاع لانها تستهدف «القتلة» الفلسطينيين حتى لا يقتلوا مواطنين اسرائيليين. وتضيف ان اسرائيل يمكن ان تخطئ في اختيار الشخص او التنفيذ. ولكنها تفعل ذلك من خلال سلسلة ابحاث وتحقيقات قانونية ومهنية، وهو الامر الذي لا يفعله الفلسطينيون الفدائيون، لذلك تطالب المحكمة بالغاء الدعوى.

يذكر ان دعوى مبدئية كانت قد طرحت بهذا الخصوص قبل سنة ونصف السنة. ولكنها لم تكتمل. وطلب القضاة من المدعين العودة الى طرح الموضوع ناضجا اكثر ومسنودا بالوثائق. وعندما قدمت النيابة مرافعتها بات واضحا انها ستكون محاكمة طويلة وعميقة ذات اثر استراتيجي.