الجزائر تتعرض إلى أسوأ زلزال منذ 23 سنة خلف أكثر من 700 قتيل ووصلت ارتداداته حتى إسبانيا

مركز الهزة بومرداس والمناطق الواقعة شرق العاصمة الأكثر تضرراً

TT

في أسوأ زلزال تشهده الجزائر منذ 23 سنة، قتل أكثر من 700 شخص وجرح نحو 4700 آخرين عندما تعرضت الجزائر العاصمة وضواحيها الشرقية الليلة قبل الماضية إلى هزة تجاوزت قوتها 8،5 درجات على مقياس ريختر.

فعند قرابة الساعة السابعة و54 دقيقة بالتوقيت المحلي، ضرب الزلزال المدمر وتسبب في انهيار مبان، كما حمل سكان العاصمة الجزائرية ومنطقة بومرداس (50 كلم شرقا) على الخروج من منازلهم بسبب الذعر، في حين دفن الآلاف تحت الانقاض. وقد انهارت المباني الكثيرة خصوصا في مدينة بومرداس ومناطق الثنية ورغاية وبويرة ورويبة الواقعة الى الشرق من العاصمة الجزائرية. كان مركز هذا الزلزال المدمر منطقة بومرداس، وكان قوياً الى درجة ان شُعر به حتى في اسبانيا.

وبسبب الهزات الارتدادية التي تواصلت طوال الليل، وخصوصاً عند قرابة الساعة السادسة صباحاً، فضل عدد كبير من الاشخاص قضاء الليلة في الحدائق او السيارات على الطرقات تخوفا من وقوع زلزال جديد. وقطعت وسائل الاعلام الحكومية برامجها بسبب الكارثة، وبدأت تحث الناس على الخروج الى الهواء الطلق والابتعاد عن المباني العالية. وكانت التوجيهات تدعو السكان لترك المنازل واغلاق الغاز وعدم استخدام المصاعد.

مباشرة بعد وقوع الكارثة، امر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتشكيل خلية ازمة عهدت رئاستها الى رئيس الحكومة الجديد احمد اويحيى، الذي قال امس في حديث اذاعي ان «اشخاصا ما يزالون تحت الانقاض»، و«اننا نواجه كارثة حقيقية لم نضع بعد للأسف حصيلتها النهائية. ومن منتصف الليل حتى الساعة الثالثة صباحا ارتفع عدد القتلى من 250 الى 500 ومن 1600 جريح الى اكثر من اربعة الاف. ما هو اكيد ان عددا غير محدد من الاشخاص ما زال تحت الانقاض».

وشدد رئيس الحكومة الجزائري على ان الجهود تتركز على انقاذ الناجين، مشيراً الى انها «لحظة مأساوية، ومحنة ألمت بالجزائر كلها».

وحثت السلطات الجزائرية الاطباء وافراد التمريض على الذهاب الى المستشفيات والمواطنين على التبرع بالدم.

وتجمع الكثير من الناس امس امام مستشفى مصطفى باشا الرئيسي في الجزائر العاصمة للاستفسار عن مصير اقاربهم، إلا ان الشرطة منعت الحشود المتزايدة من التجمهر امام المستشفى. وقال احمد، 40 سنة، الذي قدم الى الجزائر العاصمة من رويبة «انني اريد أن ارى اخي. اريد ان اعرف ما اذا كان توفي ام انه ما يزال على قيد الحياة. ارجو ان تسمحوا لي بالدخول».

وتحدث عمال الانقاذ عن وجود اعداد كبيرة من الجرحى وعن مواجهة صعوبات بالغة في محاولات انقاذ الناجين. وكانت منطقة رويبة (30 كلم شرق العاصمة) من اكثر الاماكن تضررا، حيث انهارت المباني فيها وتحولت الى انقاض. وقال يزيد خلفاوي الذي فقد والدته في الكارثة «لم اشاهد مثل هذه الكارثة في حياتي. كل شيء انهار».

التلفزيون الجزائري عرض لقطات لعشرات الجثث المغطاة بعضها لاطفال. كانت احدى اللقطات لطفل غطت الدماء وجهه، واخرى لطبيب يقول ان هناك اعدادا كبيرة من الجرحى «لا يمكن ان نحصيهم». كما عرض التلفزيون لقطات للرئيس بوتفليقة الذي كان باديا عليه التأثر الشديد وهو يمسك بيد امرأة في منتصف العمر في المستشفى كانت ترتجف بقوة.

في مدينة بومرداس اشارت تقارير الى ان الناس كانوا يقفزون من النوافذ اثناء محاولتهم النجاة من الزلزال. وافيد ان مستشفى صغيراً في هذه المدينة قد انهار.

أما منطقة القبائل فكانت هي الاخرى من بين المناطق المتضررة، اذ تحدثت الاذاعة الجزائرية الرسمية عن وقوع «اضرار جسيمة» على الطريق السريع بين الجزائر وتيزي وزو عاصمة منطقة القبائل الكبرى (110 كلم شرق الجزائر).

وتضاربت الانباء حول قوة الزلزال، اذ افاد المركز الجزائري للابحاث في علم الفلك والفيزياء الفلكي ان قوة الهزة بلغت 8،5 درجات على مقياس ريختر. ومن جانبه، قال مرصد علوم الارض في ستراسبورغ بشرق فرنسا ان قوة هذا الزلزال بلغت ست درجات على مقياس ريختر المؤلف من تسع درجات.

واعلن الرئيس الجزائري بوتفليقة امس الحداد الوطني لمدة ثلاثة ايام، اعتبارا من اليوم، على ضحايا الزلزال. كما اعلن عن «برنامج خاص للتكفل بالضحايا الذين اصبحوا بلا مأوى»، من جانب الدولة، الى جانب اعلان المناطق الاكثر تضررا بالزلزال «مناطق منكوبة»، حسبما افاد مصدر رسمي.

واشار بيان صادر عن الرئاسة الجزائرية اثر اجتماع لمجلس الوزراء الجزائري عقد امس وخصص لموضوع الزلزال، الى انه سيتم دفع تعويض لم يكشف عن قيمته للعائلات التي فقدت افرادا منها في الكارثة.

وبسبب الزلزال، ألغى بوتفليقة عددا من ارتباطاته على الصعيد الدولي، بينها لقاء مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك في باريس في 26 من الشهر الجاري ومشاركة في اجتماع لدول «نيباد» (الشراكة الجديدة من اجل تنمية افريقيا) في ابوجا لم يعلن عن تاريخه.