مشاهد من الكارثة: انتشال طفلة حية ومحمد ظل طوال النهار ينتظر اكتشاف جثتي والديه

TT

انهارت عشرات العمارات على سكانها بفعل الزلزال الذي ضرب الليلة قبل الماضية العاصمة الجزائرية وضواحيها الشرقية. ففي حي الصومام بمدينة الرغاية انهارت عمارة من عشرة طوابق عن آخرها. وقال فريد الذي يسكن في العمارة المقابلة: «إن كل الذين كانوا وسط العمارة التي تضم 200 عائلة بقوا هناك تحت الركام. لقد كانت الضربة مفاجئة وقوية وسريعة جدا، في رمشة عين رأينا غبارا كثيفا يتصاعد في السماء وعلمنا مباشرة أن العمارة هوت، لم نكن نعتقد أنها ستنهار كلها».

غير بعيد عن فريد، كان محمد البالغ من العمر 27 سنة يقف مذهولا في انتظار اكتشاف جثتي والديه اللذين تركهما في المنزل وعاد ليجد سقف العمارة في مستوى الطابق الأرضي والدخان يتصاعد بكثافة. أحد ضباط رجال الحماية المدنية قال لـ«الشرق الاوسط»: «إن ما أخرجناه من الجثث وما أمكننا إنقاذه لا يساوي نصف عدد سكان العمارة».

في حدود الساعة التاسعة والنصف من صباح أمس تمت عملية انتشال طفلة حية تبلغ من العمر 4 سنوات، من تحت الأنقاض. اخرجت الطفلة من تحت الركام مشدوهة لا تعرف ما يجري حولها. لم تكن تقدر إلا على البكاء بصوت ضعيف لا يكاد يسمع. قدمت لها الإسعافات الأولية في انتظار التعرف على هويتها والعثور على أحد أقاربها.

سلطات البلدية فتحت مقرها القريب من مكان الحادث لفرق الإسعافات، بينما خصصت عددا من الخيم لإيواء الذين لا مأوى لهم أو الذين يتم اخراجهم أحياء، في حين خُصصت خيمتان أخريان لجثث القتلى الذين كانوا يُنقلون في شاحنات البلدية إلى مصلحة حفظ الجثث بعد التعرف عليها وتسجيلها في دفتر أعد خصيصا لذلك. وفي خيمة المصابين وجدت «الشرق الاوسط» أيضا سيدة مع ابنتها ذات الـ15 ربيعا، وخارج الخيمة كان طفل في الثامنة من العمر يبكي ورأسه ملفوف بضمادات. قالت السيدة إن الطفل هو ابنها وان لها أربع بنات أخريات، أصغرهن في الثالثة من عمرها انتشلت ميتة، بينما البنتان الأخريان حولتا إلى قسم الاستعجالات بأحد مستشفيات العاصمة. الطفل كان يبكي ويدخل بين الحين والآخر داخل الخيمة ليسأل والدته عن أخته الصغرى فتجيبه بعين باكية إنها في المستشفى.

نفس المناظر كانت تتكرر في المناطق المتضررة، في مدينة زموري، مركز الزلزال، وأيضا في مدينة الثنية التي عجز مستشفاها عن استقبال المصابين لأنه هو الآخر تضرر كثيرا بالزلزال. وفي برج الكيفان تمت مشاهدة منازل وفيلات من طابقين أو ثلاثة تهوي كقصور من الورق.