واشنطن تتحدث عن لقاء قمة بين بوش وأبو مازن وشارون على طريقة «كامب ديفيد»

الفلسطينيون يطلبون توضيحات حول «العلاج» الأميركي لاعتراضات إسرائيل على «خريطة الطريق»

TT

يبدو ان لقاء القمة الذي بادر اليه الرئيس الاميركي جورج بوش مع رئيس الوزراء الفلسطيني، محمود عباس (ابو مازن) والاسرائيلي، ارييل شارون، سيكون على طراز مؤتمر كامب ديفيد مصغر، إذ انه ينوي جعله مؤتمرا مغلقا لمدة 3 أيام، سيحاول خلالها انجاز اتفاق اسرائيلي ـ فلسطيني متكامل.

وقالت مصادر اسرائيلية مقربة من شارون ان هذا هو احتمال، لكنه ليس مؤكدا، وان اسرائيل تعتقد انه من السابق لأوانه عقد مثل هذا اللقاء.

ويتضح ان اللقاء لن يعقد قبل عشرة ايام من اليوم، إذ ان الرئيس بوش مشغول هذه الايام، ولا توجد في اجندته 3 أيام فراغ متواصلة. وهو ينوي عقد اللقاء بعد انتهاء قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى (G-8)، الذي سيلتئم في فرنسا. ومن غير المستبعد ان يصل مباشرة من باريس الى القاهرة او شرم الشيخ المصرية.

ويذكر ان الحكومة الاسرائيلية ستبحث في جلستها العادية اليوم، موضوع «خريطة الطريق» بهدف اتخاذ قرار بقبولها. وكان شارون قد ابلغ الرئيس بوش بأنه سيقترح على الحكومة قبولها «بعد ان تعهدت الولايات المتحدة بمعالجة الاعتراضات الاسرائيلية عليها بالكامل وبشكل جدي»، فوافق بوش على هذه الصيغة.

ولكن، خلال محادثات شارون مع وزرائه المعارضين للخريطة، اتضح انه لا يوافق على صيغة «خريطة الطريق» بالكامل، إنما على «البنود التطبيقية» فيها، أي انه يحاول التملص من المقدمة، التي تعتبر الامر الجوهري فيها. والفقرة التي تزعج اسرائيل في المقدمة تقول ما يلي (حسب النص الرسمي للخريطة): «ستؤدي التسوية التي يتم التفاوض حولها بين الجانبين الى قيام دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة قادرة على الحياة، تعيش بسلام وأمن جنبا الى جنب مع اسرائيل وباقي الجيران. وستحل التسوية الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي وتنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 على اساس ركائز مؤتمر مدريد ومبدأ الارض مقابل السلام وقرارات مجلس الامن 242 و330 و1397 والاتفاقات السابقة التي تم التوصل اليها بين الجانبين، ومبادرة ولي العهد السعودي التي تم اعتمادها في مؤتمر القمة العربية في بيروت والتي دعت الى قبول اسرائيل كجارة تعيش في أمن وسلام، ضمن سياق التسوية الشاملة. ان هذه المبادرة تعتبر عنصرا حيويا ضمن الجهود الدولية الساعية لتحقيق سلام شامل على جميع المسارات بما فيها المسار السوري ـ الاسرائيلي، والمسار اللبناني ـ الاسرائيلي. وستجتمع اللجنة الرباعية (الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا) بشكل منتظم على مستوى رفيع لتقييم اداء الطرفين في تطبيق الخطة. وفي كل مرحلة فانه يتوقع من الطرفين تنفيذ التزاماتهما بالتوازي، الا ما حدد عكسا لذلك».

ففي هذه الصيغة توجد عدة بنود لا تعجب اسرائيل منها انهاء احتلال 1967 وذكر المبادرة السعودية والدور المعطى للجنة الرباعية، فضلا عن 14 اعتراضا قدمتها اسرائيل على البنود التطبيقية ايضا.

ويذكر ان الفلسطينيين رحبوا بالموقف الاسرائيلي الجديد بقبول «خريطة الطريق» واعتبروه ايجابيا. لكنهم ـ كما قال وزير الاعلام، نبيل عمرو ـ طلبوا تفسيرا من الادارة الاميركية حول تفاصيل الموقف، فتساءلوا عن معنى تجاهل المقدمة والاعلان عن قبول «البنود التطبيقية» فقط.

وتساءلوا عن معنى موافقة الولايات المتحدة على «معالجة» الاعتراضات الاسرائيلية. وقد حرص مسؤول اميركي على القول، امس، ان معالجة الاعتراضات الاسرائيلية لا تعني ان الادارة الاميركية قبلت بها بالكامل، انما قررت بحثها خلال التطبيق ومن دون اي التزام.

وكان وزير الخارجية الاميركي كولن باول قد اعلن اول من امس انه سيرسل في الايام القريبة وفدا اميركيا ليساعد الطرفين على بحث القضايا الامنية والسياسية، ورفض ان يسميهم «مراقبين».

وجاء من مصدر اميركي في تل أبيب ان الوفد سيضم 7 ـ 10 موظفين كبارا، معظمهم من وزارة الخارجية، وبعضهم من المخابرات، وان مهمتهم ستكون عند اجتماعات اسرائيلية ـ فلسطينية مشتركة ومتابعة تطبيق «خريطة الطريق».

* الحكومة الإسرائيلية

* وقد ابلغ وزراء احزاب اليمين المتطرف في الحكومة الاسرائيلية شارون امس، انهم لن يستطيعوا التعايش مع «خريطة الطريق» حتى بعد قبول التعديلات عليها، وانهم سيصوتون ضدها في جلسة الحكومة اليوم.

كذلك اعلن ثلاثة وزراء من الليكود انهم غير مرتاحين من هذه الخريطة، وقال احدهم، وزير الدولة للشؤون الاستراتيجية، عوزي لانداو، انه سيصوت ضدها.

وقد اعلن شارون انه سيحاول اقناع وزرائه المعارضين خلال محادثات بأربع عيون (اي محادثات ثنائية) مع كل واحد منهم على انفراد، وانه اذا اضطر لتأجيل البحث في الحكومة الى جلستها العادية القادمة (بعد اسبوع) او جلسة غير عادية تعقد في بحر الاسبوع، فانه لن يتردد في ذلك ـ «فالوحدة الداخلية هي عنصر حيوي في الموضوع». الا انه في الوقت نفسه قال «لكنني لن اسمح بالمماطلة في الموضوع، فاذا شعرت ان التأجيل لن يأتي بنتيجة، فسأطرح الموضوع على الحكومة في جلستها هذه (اليوم) ولتكن النتيجة ما تكون».

ويتوقع المراقبون ان يمرر شارون هذا القرار في الحكومة عند طرحه، لأن غالبية الوزراء من حزبه، وجميع وزراء حزب «شنوي» يؤيدونه، خصوصا بعد ان طرح الموقف بتلك الصيغة الضبابية العرجاء.

وقد دعته رئيسة كتلة حزب العمل البرلمانية المعارضة، داليا ايشيك (وزيرة التجارة والصناعة في حكومة شارون ـ بيرس السابقة)، الى عدم الرضوخ لقوى اليمين، واعلان قبول الخريطة كما هي بشجاعة. فيما اعربت زهافا غلؤون، رئيسة كتلة «ميرتس» البرلمانية المعارضة، عن شكوكها في صدق نيات شارون، وقالت: «لن اصدق ان شارون جاد في قبول «خريطة الطريق» الا اذا رأيتها مطبقة على الارض».