واشنطن تطلب من قنصلياتها البدء بالمقابلات الشخصية مع المتقدمين للتأشيرة

TT

اصدرت وزارة الخارجية الاميركية تعليمات لضباط القسم القنصلي بالسفارات الاميركية في الكثير من الدول بالبدء باتباع إجراء مقابلات شخصية مع ملايين المتقدمين للحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة، وهو إجراء تشير وثائق وتعليقات مسؤولين الى انه سيؤدي الى تأخير وتراكم الطلبات المقدمة للحصول على التأشيرة.

هذا الإجراء، الذي ارسلت برقيات رسمية الى 221 سفارة وقنصلية اميركية بغرض البدء بتطبيقه، أثار اعتراضات قوية في دوائر الاعمال التجارية والسياحة والتعليم، اذ يعتقد مسؤولون في هذه الجهات ان التأخر في الحصول على تأشيرات الدخول للولايات المتحدة سيؤدي الى نفور المواطنين الاجانب عن زيارة الولايات المتحدة في وقت يعاني فيه الاقتصاد الاميركي من بعض الصعوبات.

ومن المقرر ان تطبق اجراءات التدقيق الشخصي الجديدة على 90 في المائة من المتقدمين من دول منطقة الشرق الاوسط وآسيا واميركا اللاتينية باستثناء الدبلوماسيين والذين تقل اعمارهم عن 16 سنة او تزيد على 60 سنة. جدير بالذكر ان هذه الاجراءات لن تشمل مواطني كندا و27 دولة اخرى غالبيتها في اوروبا، استثني رعاياها من الحصول على تأشيرات العمل او السياحة، اذ يشكل هؤلاء نصف عدد الاشخاص الذين يزورون الولايات المتحدة سنوياً.

وتشير توجيهات وزارة الخارجية الى ان أمام القنصليات الاميركية فترة حتى أول اغسطس (آب) المقبل للبدء بتطبيق إجراء المقابلات الشخصية للمتقدمين للحصول على تأشيرة الدخول.

ويعتقد راندي جونسون، نائب رئيس قسم العمل والهجرة بالغرفة التجارية الاميركية، ان إجراء مقابلات شخصية للمتقدمين للحصول على تأشير دخول الى الولايات المتحدة ربما يسفر عن تأخير وعرقلة في نظام منح تأشيرات الدخول. وأضاف جونسون ان هناك رجال أعمال يسافرون الى الولايات المتحدة بغرض إبرام صفقات مع نظرائهم الاميركيين بالإضافة الى عمال يأتون لمساعدة الاقتصاد الاميركي. كما علق قائلا ان اجراءات منح التأشيرة اذا استغرقت ستة شهور او اكثر، ستدفع كثيرين الى عدم الاهتمام بالحصول عليها في الاساس.

ويعتبر الإجراء جزءا من قيود جديدة تهدف في الاساس الى تحسين الناحية الامنية وإجراءات رصد الزوار منذ هجمات 11 سبتمبر (ايلول) .2001 وكانت السلطات الاميركية قد أقامت نظام تسجيل عبر شبكة الانترنت للطلاب الاجانب، وطالبت الزوار من الدول الاسلامية بالتسجيل وأخذ بصمات ايديهم.

وكانت وزارتا العدل والامن الداخلي قد اكدتا على ضرورة زيادة عدد المقابلات الشخصية كجزء من إجراء الحصول على تأشيرة دخول للاراضي الاميركية، بيد ان الكثيرين في الدوائر الدبلوماسية الاميركية يعارضون هذا الإجراء بقوة لأنه سيتعين على المتقدمين الانتظار لفترة ثلاثة اشهر او اكثر للحصول على التأشيرة.

وتشير توصيات الخارجية الاميركية الى ان المقابلات الشخصية الإضافية يجب ان تجرى باستخدام الموارد المتوفرة في السفارات والقنصليات الاميركية على الا تحسب كساعات عمل إضافية لموظفي قسم التأشيرة. واشارت البرقية ايضا الى ان «البعثات الاميركية الخارجية يجب ان تتبع نظاما لمقابلة المتقدمين للحصول على التأشيرة واستراتيجيات لتخفيف آثار هذه التغييرات».

من الناحية الفنية، ينص القانون الاميركي المتبع على إجراء مقابلات مع كل المتقدمين للحصول على تأشيرات بخلاف تأشيرات الهجرة، بيد ان زمن إجراء هذه المقابلات يتراوح بين دقيقتين وثلاث دقائق، لكن قواعد وزارة الخارجية الاميركية منحت مسؤولي القنصليات سلطة تقديرية واسعة فيما يتعلق باستثناء بعض المتقدمين من إجراء المقابلة الشخصية.

ومن جانبهم، قال مسؤولون بوزارة الخارجية الاميركية انهم لا يستطيعون رصد نسبة المتقدمين الذين يتعين عليهم إجراء مقابلة شخصية قبل الحصول على تأشيرة الدخول، إلا ان خبراء في مجال الهجرة اشاروا الى ان 20 في المائة على الاقل مطالبون بهذا الإجراء في بعض الدول، فيما قال مسؤولون ان 5.8 مليون تأشيرة عمل وسياحة منحت خلال عام .2002 والى جانب زوار الولايات المتحدة من الدول التي لا يتعين على مواطنيها الحصول على تأشيرة دخول الى الاراضي الاميركية، تقسم السلطات الاميركية الزوار من رعايا الدول الاخرى الى عدة مجموعات.

ويقول ستيوارت بات، المتحدث باسم «مكتب الشؤون القنصلية الاميركي» التابع لوزارة الخارجية الاميركية ان المتقدمين للحصول على تأشيرة دخول الذين يتعين عليهم إجراء مقابلة شخصية يسألون عادة عن الجهات التي يودون زيارتها وخططهم خلال الإقامة في الولايات المتحدة. وأضاف بات ان المسؤولين الاميركيين يأملون من خلال إجراء المقابلة الشخصية في زيادة فرص رصد الارهابيين وإلقاء القبض عليهم او منعهم من الحصول على التأشيرة في الاساس. وجدير بالذكر ان رمزي بن الشيبة، المشتبه في مشاركته في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر، فشل في الحصول على تأشيرة دخول الى الولايات المتحدة في اربع محاولات منفصلة، ولم يتمكن بالتالي من دخول الاراضي الاميركية.

وكان مؤيدو اتباع اجراءات صارمة في سياسات الهجرة قد انتقدوا وزارة الخارجية الاميركية مرارا منذ 11 سبتمبر 2001 للفشل في التدقيق في المتقدمين للحصول على تأشيرة الدخول.

كما توصل مكتب المحاسب العام الاميركي الى ان 13 على الاقل من 15 خاطفاً سعودياً شاركوا في هجمات سبتمبر لم تجر لهم مقابلات شخصية قبل منحهم تأشيرة الدخول، ولم يملأ أي منهم استمارة التقديم على النحو المطلوب. يضاف الى ذلك ان ثلاثة من الخاطفين حصلوا على تأشيراتهم عن طريق وكالات سفر بموجب برنامج «فيزا اكسبريس» الخاص الذي الغي بعد الهجمات مباشرة.

ويشكو الكثير من العاملين في سفارات وقنصليات الولايات المتحدة من ان إجراء المقابلات الشخصية للراغبين في الحصول على تأشيرة دخول سيزيد من عبء العمل الكثير اصلا، بل ان بعضهم يخشى من ان العدد الكبير من المقابلات التي يفترض ان تجرى لغالبية المتقدمين ربما يزيد من احتمالات وقوع أخطاء.

واشارت برقية الخارجية الاميركية الى ان الوزارة «ستحاول توفير كل الموارد اللازمة لمقابلة عبء العمل الاضافي المتوقع»، بيد ان الوزارة تتوقع وتتفهم مواجهة الكثير من السفارات والقنصليات تراكما في طلبات التأشيرة مستقبلا.

وأشاد مسؤولو قطاع الاعمال والسياحة من جانبهم بسعي الجهات المسؤولة لتحسين الوضع الامني، لكنهم حذروا من ان وزارة الخارجية ربما تتسبب في اضرار اقتصادية خطيرة اذا لم توفر عددا كافيا من الموظفين القنصليين لمقابلة عبء العمل الاضافي المرتقب. كما اعرب بعض المسؤولين في قطاع التعليم عن قلقهم ازاء احتمال ان تؤدي اجراءات التأشيرة الجديدة الى تقليل سفر الطلاب والمدرسين ايضا من الخارج باتجاه الولايات المتحدة.

ووجه جاك كونرز، نائب رئيس قسم السياسات العامة في رابطة الفنادق والسكن الاميركية، رسالة الى وزير الخارجية الاميركي كولن باول حذر فيه من ان «تطبيق الاجراءات الجديدة دون توفير عدد كاف من الموظفين في مختلف قنصليات الولايات المتحدة، سيؤدي الى تراكم كبير في الطلبات ويقلل كثيرا من حركة السفر الى الولايات المتحدة لأغراض الاعمال التجارية والسياحة». وقالت المجموعة في بيان اصدرته اول من امس ان «وزارة الخارجية تبدو للأسف ماضية قدما في تطبيق الإجراء الجديد دون توفير الموارد اللازمة لذلك».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الاوسط"