مشعان الجبوري: نرفض تحميل السنة مسؤولية ما فعله صدام والحل الأمثل يكون بأن يتولى شيعي علماني الرئاسة في العراق

القائد الميداني في منطقة الموصل قال لـ«الشرق الأوسط»: صدام حسين وولداه قتلوا وهذه أدلتي

TT

خطط مشعان الجبوري القائد الميداني في منطقة الموصل ورئيس الحزب الوطني العراقي وأحد زعماء قبيلة الجبور في العراق لاغتيال الرئيس العراقي صدام حسين في 6 يونيو (حزيران) .1990 فشلت الخطة مما أدى الى اعتقال كل من شارك في العملية وإعدامهم ومنذ ذلك التاريخ وهو يمثل أحد أقطاب المعارضة العراقية. وقال الجبوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» انه لم يكن شريكاً مالياً لعدي صدام حسين أو أي فرد من عائلة الرئيس العراقي ونفى تعامله مع الجهاز الأمني العراقي السابق في ما يلي نص الحديث:

* بداية لماذا تتهم بأنك مقرب من القيادة الأميركية لحد وصفك بالعمالة الكاملة لها؟

ـ أنا صديق للقيادة الأميركية وبدأت هذه الصداقة منذ شعرت بجديتهم في اسقاط نظام صدام حسين وعندما التقت مصالحي ومصالح الشعب العراقي مع أميركا أيدناها في حربها، وما أريد قوله هنا ان اميركا لا تطمع في نفط العراق وإنما هي تشعر بأن أمنها لم يعد محصوراً في أميركا فقط بل بدأت تخاف من الخطر الذي يأتيها من الخارج، وكان صدام يعتبر مركز خطر يهدد أميركا ولهذا هاجمته وقضت عليه. ضمن هذا التصور أخذت قراري لأكون ضمن خندق الولايات المتحدة وأن أدخل معهم العراق وقد قدت بعض القوات ودخلت الموصل ولم أوقع أية وثيقة استسلام باسم المدينة حتى لا يعتقل أحد وكتب لنا النجاح، والآن نحن شركاء في عملية إعادة بناء العراق وهي التي أسفرت عن تجربة ديمقراطية حقيقية في الموصل أشاد بها الجميع. نحن كعراقيين نرى أن مصلحتنا هي في التعاون مع القيادة الأميركية لأننا بحاجة لها.

* لكنك في فترة سابقة عملت مع النظام العراقي وعندما حاولت اغتيال صدام حسين وباءت المحاولة بالفشل انقلبت عليه وأصبحت معارضاً؟

ـ أنا منذ زمن طويل معارض للظلم الواقع على الشعب العراقي ولهذا فكرنا في اغتيال صدام حسين مثلما حاول الاخرون، لأن النظام السابق شكل رعباً حقيقياً للشعب وحاول الكثيرون ما حاولت القيام به. وفي هذا الاطار أقول انه لم يكن لي أي علاقات أمنية مع النظام العراقي السابق ولم أكن شريكا لعدي صدام ولا لأي أحد من أفراد الأسرة الحاكمة. أنا كغيري من المعارضة نطالب بعراق حر وديمقراطي.

* لماذا تقابل بالرفض الدائم من أفراد قبيلتك ومن أهالي الموصل؟

ـ هذا كلام صحف، العالم كله يشاهد كيف يرد الى مقري يومياً ما يزيد عن ألفي زائر من المهنئين والمؤيدين، أنا لا أزعم بأن الجميع يؤيدني فالانتخابات الأخيرة التي جرت بالموصل أسفرت عن شغل الحزب الوطني العراقي لأربعة مقاعد من مجموع 24 مقعدا، وقبلنا بذلك بكل ديمقراطية وحرية كاملة. من خلال نفوذي في الموصل أنشات ديمقراطية مهمة بالتعاون مع القوات الأميركية وهيأنا أجواء مستقرة وما حصل من مظاهرات لم يكن ضدي بل كانت ضد الحاكم الأميركي السابق، الذي رفع علم بلاده فوق مقر مدينة الموصل والناس استنكروا هذا العمل، مما اضطرهم لإنزاله. وفي ما بعد تسلم الجنرال باتريوس القيادة العسكرية وتعامل مع الأمور بذكاء ولم أر أية مظاهرة تخرج ضدي. وعلى العموم أنا زعيم حزب يضم كل الأديان ومن البديهي أن يقبلني البعض ويرفضني الآخر.

* تحدثت مراراً عن دور في الحكومة القادمة كوزير للإعلام، هل هذا هو طموحك أم أن لك طموحات أخرى؟

ـ رغم أن الجميع يريدني لهذه الوزارة فأنا أعتقد أني لا أصلح لها. أنا أطمح أن أكون جزءاً من الوزارة القادمة وأعمل على ذلك وعيني على وزارة النقل والمواصلات لأقدم خدمات للناس وعبرها سأوفر الإنترنت لقرى العراق، إضافة لخدمات الجوال والطرق الحديثة وشبكة قطارات تخدم العراق وساعمل على أن يكون لهذه الوزارة دور مهم في تطوير بلدنا، ومن خلال إدارتي لمنطقة الموصل وبعد 90 يوما من الآن ستنشأ أول خدمة هاتف جوال في العراق في هذه المدينة، وبعد أيام ومع بداية الشهر المقبل سيتم تشغيل أول خدمة انترنت في الموصل. أعود لأقول أنا لا أصلح لوزارة الإعلام لأنني ليبرالي، ولكن ربما نقدم مرشحين من الحزب لشغل مناصب وزارية في الحكومة المقبلة.

* الآن ومع اقتراب التحضير للمؤتمر الوطني العراقي يلاحظ ظهور خلافات بين أقطاب المعارضة السابقة، فما سبب هذا في رأيكم؟

ـ نعم هناك خلافات عميقة فالمعادلة اختلفت مع بعض أفراد المعارضة. هناك من كان يعتقد أنه أخذ حصصا في لندن على أساس ان الشعب نصفه له وعندما عاد للعراق لم يستطع أن يخرج مظاهرة تتجاوز 200 شخص. هناك أحزاب كانت مهمشة وينظر لها بعين الريبة لاحظنا أنها تتمتع بشعبية كبيرة في كل المحافظات. أبرز عقبات المؤتمر المقبل هو عدم معرفة جميع القوى لمستواها الحقيقي، لأن البعض لم يعد يعترف بواقعه على الأرض ويريدون الإستمرار بما كانوا يعتقدونه سابقاً في الخارج وبما كان مفروضاً علينا بعوامل دولية. وهنا أقول إننا في لجنة التنسيق والمتابعة اخترنا 6 قيادات وأنا من قدم المقترح بتفويض هؤلاء الستة. ولكن فوجئنا أنهم أضافوا واحداً سابعاً لهم وقاموا بإخراج عدنان الباجه جي لأنه يقدم آراء جريئة فاستبدلوه بآخر وهؤلاء السبعة يشكلون أربعة من الشيعة واثنين من الأكراد وواحدا عربيا سنيا وهذا لا يمثل الواقع الحقيقي للشعب العراقي بل هو محاولة استحواذ على السلطة، وهناك أطراف عراقية تحمل السنة مسؤولية كل ما فعله صدام حسين وكأن عليهم تحمل وزر ما فعله ونحن نرفض ذلك. المجتمع يضم تركمانا ونصارى فأين ممثلوهم. وأقول هنالك صفقة تجري في الخفاء ولن نسمح بها.

* دعا محمد باقر الحكيم لحكومة اسلامية؟

ـ العراق لا يتحمل أية حكومة ذات توجهات دينية لأنه بلد متعدد الأديان والقوميات، والحل يتم بإنشاء حكومة وطنية ذات برنامج وطني ديمقراطي ولا مجال للتوجهات الطائفية التي لن تؤدي إلا الى حرب أهلية.

* لكن هذا الكلام لن يرضي أصحاب المرجعيات من الشيعة؟

أصحاب المرجعيات مع احترامي لهم ليستمروا في مرجعياتهم وليقوموا بواجباتهم الدينية ويجب ألا نقحم الدين في السياسة فهذا باب خطير. لا يزال الوضع في العراق غير آمن وغير مستقر ولدي شعور مبني على أرضية يقول ان العراق سيقسم مستقبلاً والمشروع الطائفي هو من سيتسبب في هذا التقسيم.

* ألا توجد مخاوف من نشوء حرب أهلية بين العراقيين، إذا ما تفاقمت الخلافات بين أقطاب المعارضة حول تقسيم الكعكة العراقية؟

ـ إذا جرى التعامل مع الوضع من منطلق مصلحة الوطن والحفاظ على عراق موحد لن يحصل للبلد مكروه، أما إذا برزت المصالح الشخصية فالخطر موجود. وفي نظري أن الحل الوحيد هو الإتيان برئيس حكومة شيعي علماني يرضي الشيعة الذين كانوا يشعرون بالتمييز الطائفي وأنا أرشح الدكتور اياد علاوي (رئيس حركة الوفاق الوطني) لهذا المنصب.

* تحدثت بأنك تراقب عزت الدوري، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السابق، وستعتقله، لماذا لم يتم ذلك حتى الآن؟

ـ عزت الدوري موجود في منطقة الموصل ونحن نعلم أين هو ويتنقل بين الموصل وكركوك ونحن لم نعمل مع القوات الأميركية للقبض على أي مواطن عراقي ولن نكون أداة لتسليمهم لهم بغض النظر عن الشخص المطلوب.

* من خلال المعلومات التي ترد اليك ما هي آخر ما توصلت اليه التحقيقات مع القيادات العراقية المعتقلة؟

ـ لا نعلم شيئا وأميركا لا تريد الإفصاح عن نتائج التحقيقات وبعض أفراد أسر المعتقلين لا يزالون تحت حمايتنا والقيادة الأميركية في العراق لا تعلم شيئا عن نتائج التحقيقات.

* ما هو تحليلك الشخصي لسر اختفاء صدام حسين وعدم معرفة مصيره هو وابناه؟

ـ صدام حسين قتل هو ونجلاه عدي وقصي ولدي كل المعطيات التي تشير الى ذلك. فكل من شهد بأنه شاهده بعد حادثة ضرب المنصور تبين من خلال تحقيقاتنا أنه كاذب أو متوهم ولم يثبت أحدهم بالدليل القاطع أنه شاهده. منذ فترة وجدنا جثث أبناء عمومته برزان رزوقي قائد الحرس الخاص وراكان رزوقي المرافق الشخصي لصدام. هذان قتلا في مزرعة بين الرمادي والأردن مع اسرتيهما ولو كان صدام على قيد الحياة لما هرب قائد الحرس الخاص ولما هرب مرافقه الشخصي. الحقيقة تكمن في أن هذين الشخصين قاما بدفن جثة صدام حسين وولديه في مكان ما وبعد دفنهم هربا وعثر عليهما وقتلا في طريق هروبهما للأردن. كل المقربين من صدام وحتى عائلته أكدوا لنا أن اتصالهم به انقطع منذ ضربة المنصور ومعلوماتي المؤكدة ومن محمد سعيد الصحاف (وزير الاعلام السابق)، شخصياً تؤكد انقطاع اتصالاته مع صدام منذ ذلك التاريخ حتى أنه عقد مؤتمره الصحافي في فندق الميرديان ببغداد من تلقاء نفسه وأخبرنا أنه في صباح ذلك اليوم حلق ذقنه وتوجه في سيارة بيك آب مع مصور تلفزيون العراق الى الفندق وهو على غير اتصال مع القيادة العراقية وبعدها عرف الصحاف مصير صدام فقرر الهرب ولو كان صدام على قيد الحياة لأوجد وسيلة للاتصال بالعالم.

* لكن ما هي قصة الأفلام التي ظهرت اخيرا وقيل أنها سجلت لصدام حسين بعد سقوط بغداد؟

ـ أنا أؤكد أن صدام قتل وما ظهر من تسجيلات سجل في وقت سابق وكان مخططا لها أن تذاع في أوقات لاحقة في القصور وفي وزارة الإعلام والتلفزيون العراقي وقام ببيعها الجنود والضباط العراقيون بأسعار باهظة لوسائل الإعلام المختلفة.

* هل لا تزال ساجدة خير الله طلفاح (زوجة صدام الاولى) موجودة في مناطق قبيلة شمر غرب العراق؟

ـ نعم هي موجودة مع بعض بناتها في منطقة شمر والأميركيون ليسوا معنيين بالقبض عليهن ونحن غير معنيين بالإساءة اليهن أبداً لأننا نعمل على خلق مفهوم غير الذي صنعه صدام حسين فنريد ابعاد الأسر عن الصراعات السياسية وعدم التعرض لها كما كان يفعل صدام. نحن نعلم أن زوجته وبناته لا علاقة لهن بما فعله صدام.

* لكن شقيق ساجدة أعتقل منذ عدة أيام؟

ـ نعم لأنه من رموز الإرهاب وله تاريخ طويل من القتل والاعتداءات وهو أحد المقربين من عدي ولهذا تم اعتقاله.