ميقاتي ينفي أن تكون زيارة الحريري لباريس «اعتكافا» ومقربون من لحود ينتقدون نظرية «بيروت أو لا أحد»

TT

استمر الجو السياسي بين رئيس الجمهورية اللبناني اميل لحود ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ملبداً امس بانتظار عودة الاخير الى بيروت التي غادرها في زيارة مفاجئة الى باريس وصفت بأنها لتمضية عطلة الاسبوع، فيما نفى وزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي ان تكون الزيارة للاعتكاف.

وابدت مصادر وزارية مقربة من الرئيس لحود استغرابها للحملة المبرمجة التي قام بها عدد من نواب بيروت المنضوين في كتلة الرئيس الحريري النيابية، منطلقين من المناقشات التي شهدتها جلسة مجلس الوزراء، الخميس الماضي، لقضية الاستملاكات والمدارس ليصوروا بأن العاصمة مستهدفة انمائياً وخدماتياً، خصوصاً ان لا رئيس الجمهورية ولا احد من الوزراء طالب بحرمان بيروت من موضوع الاستملاكات والمدارس. كما ان الرئيس لحود شدد خلال الجلسة على حق بيروت بأن تنفذ فيها المشاريع التي تم استملاك الاراضي لها، لان بيروت هي العاصمة ويقيم فيها قسم كبير من اللبنانيين، بيروتيين وغير بيروتيين، الا انه اكد الى جانب المشاريع التي يجب ان تنفذ في بيروت ان يصار الى الاهتمام بمناطق اخرى انطلاقاً من مبدأ الانماء المتوازن.

واوضحت هذه المصادر ان جو النقاش كان عادياً ومثمراً حتى ان مداخلة الوزير كريم بقرادوني التي عاب عليها المقربون من الحريري استخدامها اللغة الطائفية لم تحمل اية بذور استفزاز ولا تضمنت اي توجه طائفي، متساءلة ما اذا كان لا يحق للوزراء السؤال والاستفسار عن مشاريع وطريقة تمويلها. من هنا توقفت المصادر الوزارية عند الكلام الذي صدر عن الحريري لدى مغادرته مجلس الوزراء وقوله «ما في مدارس ببيروت ما في مدارس بمحل (في مكان آخر)، وما في مشاريع ببيروت ما في مشاريع بمحل»، والذي اوحى وكأن جو الجلسة كان متفجراً. واعتبرت هذه المصادر ان نظرية «بيروت أو لا احد» التي اطلقها الرئيس الحريري لا تعكس موقف رجل الدولة الذي يجب ان يكون لكل لبنان، لا لمنطقة دون غيرها.

الا ان النائب وليد عيدو، المقرب من الحريري واحد اعضاء كتلته النيابية، انتقد بعنف استخدام رئاسة الجمهورية لصيغة «المصادر الوزارية» لشرح موقفها مما جرى في جلسة مجلس الوزراء الاخير، مستغرباً نشرها المحضر الكامل لهذه الجلسة في الصحف. وقال في حديث الى تلفزيون «المستقبل» التابع للحريري ان ما يجرى هو «نوع من العقاب لبيروت ومما جرى في الانتخابات النيابية العام 2000 والتي فاز فيها الحريري ولائحته بشكل كاسح». كما عزا تحرك هذه المصادر للدفاع ايضاً عن الوزير كريم بقرادوني «صاحب التاريخ المعروف والذي وفق الوزير سليمان فرنجية في وصفه اول من امس حين قال: لقد سمعته يتحدث باعتداد عن فضله على بشير الجميل والياس سركيس وسمير جعجع والرئيس لحود. نحن عرفنا مصير الثلاثة الاول وليحم الله الرئيس لحود ويساعده».

وفي هذا الاطار اتهم نواب بيروت الارمن يغيا جرجيان واكوب قصارجيان وجان اوغاسبيان وسيرج طورسركيسيان الوزير بقرادوني بانتحال مقعد وزاري يعود للطائفة الارمنية وقالوا في بيان لهم امس «ان تقسيم بيروت الى شرقية وغربية (في اشارة الى ما نسب الى بقرادوني خلال جلسة مجلس الوزراء) يعيد الى الاذهان اجواء الانقسامات والنعرات الطائفية التي ساهم الرئيس الحريري وحلفاؤه جاهدين لوضع حد لها».

ورد الوزير بقرادوني على انتقادات الوزير سليمان فرنجية له والحملة التي شنها نواب بيروت ضده فقال في حديث اذاعي امس: «مهما قال الوزير فرنجية فعلى قلبي احلى من العسل، انه اخي الصغير. اما هجوم نواب كتلة الرئيس الحريري علي فهو لسوء الحظ اتخذ المنحى الطائفي والمذهبي. ولان طرحي كان وطنياً جاء جوابهم طائفياً. فعندما نطالب بكل لبنان وكل بيروت لا اعتقد اننا نكون طائفيين، ولانهم يهتمون بجزء من بيروت ومن لبنان يتهمون الآخرين بالطائفية». وقال بقرادوني: «انا لا اعتقد ابداً ان رئيس الجمهورية او مصادر قصر بعبدا قالوا ان لا مدارس لبيروت، فقد لاحظت ان الرئيس لحود في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء وفي كل الجلسات السابقة هو اكثر الرؤساء من ذوي المنحى الاجتماعي، وهو الوحيد الذي سأل اين ضمان الشيخوخة؟ فهو يطالب بمدارس للجميع ولكل لبنان».

من جهته، وصف وزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي النقاش داخل مجلس الوزراء بأنه «دليل صحة» مشيراً الى «ان التضامن الوزاري يجب ان يكون على القرارات المتخذة». ولفت في حديث الى اذاعة «صوت لبنان» امس الى «ان تسريب محضر الجلسة الى الصحف امر غير مقبول» مشدداً على «ضرورة ان يتحول مجلس الوزراء الى مؤسسة حقيقية تناقش كل المشاريع وعند الضرورة طرحها على التصويت».

واشار الى ان زيارة الحريري الى باريس هي «خاصة وليس للاعتكاف» وقال: «لقد دعينا الى اجتماع بعد ظهر غد للجنة الوزارية المكلفة البحث في موضوع السيارات والفانات العاملة على المازوت. وحسب معلوماتي فان الرئيس الحريري ليس في وارد الاعتكاف، لكن في الجلسة الاخيرة لاحظت انه لم يكن مسروراً».