الزلزال اجتاح كل ما صادفه على الطريق الساحلي شرقي العاصمة الجزائرية

TT

قورصو (الجزائر) ـ أ.ف.ب: ترك الزلزال الذي ضرب العاصمة الجزائرية وضواحيها آثاره المدمرة على المنطقة الممتدة من برج الكيفان الى زموري على الساحل الشرقي للجزائر العاصمة الذي يعتبر أقل ترفا من الساحل الغربي حيث يقيم أعيان النظام.

من الفيلات الفخمة الى المنازل الفقيرة، ومن المباني العامة الى المساجد والمصانع والمحلات التجارية المبنية حديثا او العائدة الى ما قبل الاستقلال، لم ينج شيء من الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 6،7 درجات على مقياس ريختر والذي حدد مركزه في زموري (60 كم شرق الجزائر).

تبدأ آثار الزلزال الذي كان تاثيره ضئيلا على وسط العاصمة، بالظهور بوضوح، انطلاقا من برج الكيفان. تشاهد فيلات وقد انقلبت على احد جانبي الطريق السريع رقم 24 الذي بات يشبه شارعا ضيقا نتيجة كثافة الابنية المحيطة به والممتدة على عشرات الكيلومترات. وعلى بعد مئات الكيلومترات، في مدينة «فيرت ريف» (الضفة الخضراء) حيث يقيم سكان القصبة (مدينة الجزائر القديمة) السابقون الذين نجوا من كوارث سابقة، ترتفع ابنية بلون ترابي تعلوها صحون لاقطة.

ويتسبب مرور آليات تبحث بين الانقاض عن ناجين، بغبار كثيف. وقد تحول مبنيان في المكان الى ركام من الحديد والحجارة.

ويصبح المشهد مأساويا لدى الوصول الى بلدة برج البحري الملاصقة لحيين آخرين لقيا المصير ذاته. ويتكرر المشهد نفسه سواء تم سلوك طريق الشاطئ المحاذي للجزائر او درقانة. فقد اطبقت عشرات المنازل الفخمة المبنية حديثا بمئات الملايين من الدينارات والمؤلفة من ثلاث او اربع طبقات، على بعضها.

الا ان عدد الضحايا في هذه المساكن جاء محدودا، إذ ان عددا كبيرا منها لم يكن مسكونا، حيث كان قيد الانشاء. وبعد بضعة كيلومترات، يمتد شاطئ قدوس الرائع، وهو الشاطئ الوحيد المحاذي للعاصمة الذي حافظ على جماله الطبيعي، ويحيط به البحر الابيض المتوسط وبحيرة رغاية وغابة كان الجزائريون انقطعوا عنها لمدة طويلة بعدما نشطت فيها الجماعات المسلحة، وعادوا يقصدونها قبل عامين فقط.

لم يكن يوجد الا بناء وحيد في هذا المكان هو عبارة عن فندق من ثلاث طبقات تعمل فيه حوالى عشرين فتاة. أما الآن، فلم يعد الفندق موجودا. وتم فقدان حوالي عشرين شخصا بين انقاضه، بينما انتشل مسعفون فرنسيون حوالي عشر جثث من بين ركامه. وقال احد موظفي الفندق الناجين «كنا في بداية السهرة، ولم يكن الزبائن قد وصلوا بعد». واضاف: «سمعت اصوات استغاثة على مدى ساعات. وتأخرت فرق الانقاذ في الوصول».

في عين كحلة، تتجاور الاكواخ مع الفيلات. انما هذه المرة، لا يتحسر الفقراء على مصيرهم، اذ ان جدران مساكنهم الهشة لم تتسبب، عند الاهتزاز، بسقوط عدد كبير من الضحايا، بالقدر نفسه الذي تسببت به الكميات الضخمة من جدران ومواد بناء المنازل الفخمة. وفي الجانبين، عمد الناجون الى افتراش اغطية مدت فوق حقل محروث للنوم، فيما لجأت النساء وراء الاغطية والبطانيات التي استخدمت بمثابة خيم.

في قورصو، يصرخ احد السكان «لقد تم محو قريتنا عن الخريطة». لم يصمد شيء في وجه الزلزال: الفيلات الضخمة، الابنية الجديدة، المدارس، مقر البلدية، مقر الشرطة، فيما قطعت احدى الطرق بانقاض المسجد الذي سقط عليها. ولم يمكن تبين المسجد الا من قبته الخضراء.