الفلوجة تعج بالشائعات: الأميركيون يتلصصون على النساء بالمناظير ويوزعون شيكولاتة خلاعية ومطار بغداد ملوث بالأسلحة الكيمياوية

TT

في المساجد والأسواق يردد الشيوخ والمواطنون العاديون بانتشاء قصصاً عديدة عن أفعال شنيعة ارتكبتها القوات البريطانية والأميركية ثم ينقلونها لغيرهم. وفي الفلوجة، وهي بلدة تقع غرب بغداد كانت مكاناً شهد العديد من المواجهات الدموية بين السكان والقوات الأميركية، فإن إحدى الإشاعات التي تتردد باستمرار هو أن الجنود الأميركيين استخدموا مناظيرهم التي تساعد على الرؤية الليلية للتلصص والنظر عبر العباءة التي ترتديها النساء العراقيات.

والمناظير التي توضح أجهزتها الخاصة بضبط الرؤية الأهداف باللون الأخضر تسمح بالكاد للجنود برؤية أفضل في الظلام. لكن ذلك لم يوقف بعض السكان عن ذكر هذه المناظير «الشريرة» لابداء مقاومتهم للوجود الأميركي.

ثم هنالك أحاديث الشارع بأن الأميركيين وزعوا «شيكولاته فاضحة» يتكشف ورق أغلفتها عن صور فضائحية، وذلك لنشر الفساد بين الأطفال العراقيين. وقد ردد هذا النبأ الشيخ جمال شاكر محمود أحد رجال الدين المحليين خلال خطبة الجمعة في مسجد الفلوجة الكبير.

وقد اقتنع السكان هنا أيضاً بأن مطار صدام الدولي الذي أعيدت تسميته باسم مطار بغداد لا يسمح للجمهور بدخوله لأن الأميركيين استولوا عليه بعد استخدامهم أسلحة كيماوية من أسلحة الدمار الشامل التي زعمت إدارة بوش إنها استولت عليها من نظام صدام حسين.

وقال رجل غاضب لصحافي أميركي سافر من المطار في وقت مبكر من ذلك الأسبوع «أتحداك أن تذهب إلى المطار في بغداد. لا أحد يستطيع أن يبقى حيا». وتستخدم طائرات الجيش الأميركي المطار، وهو كغيره من القواعد العسكرية الأميركية في العراق، تقيد حركة المدنيين فيه كثيراً.

* صرف الرواتب

* أول يوم صرف للعراقيين حرّك العديد من المستهلكين لكنه عطل تحركات سياراتهم.

بعد يوم من تسلم العاملين في الخدمة المدنية مرتباتهم الشهرية اكتظت شوارع البلاد بطوابير من السيارات محملة بالغنائم لكنها غنائم مدفوعة الثمن هذه المرة. وكانت السيارات المتجهة جنوب العاصمة على الطريق السريع بين أربيل وبغداد تئن تحت ثقل ما تحمله من أجهزة التلفزيون ومكيفات الهواء وأطباق استقبال الفضائيات وغيرها من الأجهزة التي تم شراؤها من الشمال.

إن اختناقات الحركة الناشئة عن الفورة الاستهلاكية، مما قد يساعد في إحداث دفعة في الاقتصاد المتهالك، كان لها أيضاً تأثيرها على الأوضاع الأمنية. ومع الدخول والخروج المتعرج للسيارات في الطريق ذي الحركة البطيئة فإن قطاع الطرق الذين كانوا يحرثون الطريق أصبحوا يجدون فرصة في نصب كمين لأي أحد دون أن يسترعوا الانتباه. وقد أقامت القوات الأميركية نقاطا على الطريق لتفتيش السيارات المشبوهة عن أسلحة كما تقوم بتفتيش اكثر للرجال الذين لم يكونوا يتسوقون.

وفي بغداد فإن أول يوم دفع مرتبات بعد الحرب قد تسبب أيضاً في مشاكل تتعلق بحركة السير. فعملية الذهاب يوم السبت لتسلم المرتبات (يصرف للعراقيين نقداً) تسببت في إحداث «أم كل تعقيدات الحركة» على الطريق السريع عبر الجزء الجنوبي من المدينة والذي يضم جسراً عبر نهر دجلة.

ولعدم وجود شرطة مرور تساعد في تنظيم الحركة أو تقدم توجيهات فإن السائقين تولوا الأمر بأنفسهم. فبعد أن اختنقت الحركة في الشوارع الشرقية لعدة أميال قام من تعطلوا في مؤخرة الاختناق بالاستدارة والتحول في الاتجاه المغاير ثم أخذوا أول منعطف إلى شارع من اتجاهين، ولم يتوقفوا وهم يسيرون عكس حركة السير عند ذلك وإنما اندفعوا تحت الطريق السريع ليأتوا إلى القطاع الغربي من الطريق المقسوم ليشقوا طريقهم إلى الجانب الشرقي. ورغم صيحات الاعتراض والدهشة من سائقي السيارات في الجانب الغربي فإن ذلك التكتيك لا شك أفاد في تخفيف الاختناق.

أحد الأسباب في بطء عملية إعادة بناء العراق هو أن سلطات الاحتلال الأميركي وجدت أن المهمات التي تبدو بسيطة ليست كذلك في معظم الأحوال.

ويروي المستشار الأميركي لوزارة الصناعة والمعادن تيموثي كارني كيف ان الحوار بين السلطات عما إذا كان سيتم تزويد الطاقة الضئيلة المتاحة للصناعة وبالتالي توفير وظائف ومرتبات أو إلى مناطق السكن، قد تعطل بفعل مايفرضه الواقع، فالاثنان لن يحصلا على ما يكفي ما لم يتم الوصول إلى اتفاق بخصوص خط كهرباء محول إلى مؤسسة الفرات الصناعية بالقرب من العاصمة.

تنتج المؤسسة غاز كلوراين وحامض السلفوريك الذي يستخدم لتنقية أنظمة تبريد الماء بمنشأة الطاقة. وبدون الحصول على هذه الكيماويات فإن منشآت الطاقة ستتوقف. وبعد نقاشات تم التوصل إلى اتفاقية لتحويل الكهرباء إلى مؤسسة الفرات. وفي وقت متأخر من الأسبوع الماضي قام مسؤولون أميركيون باتخاذ الاجراءات اللازمة للتأكد من أن الكهرباء قد وصلت.

* لوس انجليس تايمز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»