فرق الإنقاذ تغادر الجزائر إثر تضاؤل فرص العثور على أحياء بعد زلزال الأربعاء وتزايد الغضب الشعبي

موظف إنقاذ: الفوضى والتخبط الحكومي فاقما من الأزمة ورفعا عدد الضحايا

TT

غادرت فرق الانقاذ الاجنبية الجزائر امس بعد فقدانها الامل في العثور على احياء تحت انقاض المباني التي انهارت بفعل الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد الاربعاء الماضي.

ولا يزال كابوس الزلزال الذي بلغت شدته 6.8 درجة على مقياس ريختر، مستمرا يلاحق 15 ألف مشرد يواجهون مخاطر المرض بينما تزايد الغضب العام ازاء اسلوب تعامل الحكومة مع الكارثة. وقالت الاذاعة الجزائرية ان المخاوف تثور من احتمال تفشي الامراض في البلدات التي عصف بها الزلزال على ساحل البلاد على البحر المتوسط بسبب نقص المياه النظيفة ومنشآت الصرف الصحي. وبقيت الحصيلة الرسمية لضحايا الزلزال عند الارقام التي اعلنت اخيرا وبلغت 2162 قتيلا و8965 جريحا. لكن من المنتظر زيادة الحصيلة نظرا لعدم معرفة مصير المئات تحت انقاض المباني التي انهارت شرق العاصمة.

وتركت الصدمة والحزن مكانهما للغضب في مطلع الاسبوع مع تزايد نقمة الاهالي على الحكومة واتهامها بالتقصير في اغاثة المشردين والتغاضي عن بناء رديء في منطقة تتكرر بها الزلازل. وصب البعض جام غضبهم على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حين زار المناطق المنكوبة. وهتفت الحشود الغاضبة «قاتل» لدى مروره وركلوا سيارته وقذفوها بالحجارة. وتكرر الانتقاد العلني النادر للحكومة التي يدعمها الجيش في الصفحة الاولى لصحيفة لو ماتان امس تحت عنوان يقول «السيد بوتفليقة.. لا ترجع ابدا». وقالت صحيفة لوسوار دالجيري ان اعمال عنف وقعت في مجمع سكني في بلدة التنية حيث اغلق السكان طريقا وهددوا بمنع المرور على طريق سريع اذا لم تقدم السلطات المساعدة لهم.

وبدا ان البحث المحموم عن ناجين على مدى ايام انتهى مع توجه فرق الانقاذ من مختلف انحاء العالم مع كلابها المدربة الى المطار. وقال احد افراد هذه الفرق بينما يجمع كلابه في فندق بالجزائر العاصمة «لا يوجد شيء آخر يمكننا عمله. كل من هو اسفل فهو ميت». واستسلم كثير من فرق الانقاذ للامر المحتوم امس وتنحوا جانبا بينما بدأ استخدام الرافعات والشاحنات لازالة حطام المباني وكشف الجثث المتفحمة والمتحللة.

ووصف ولفغانغ زورنر رئيس الفريق العالمي لكلاب الانقاذ لـ«الشرق الأوسط» من مقره باقليم النمسا السفلى الأوضاع في المناطق الجزائرية التي ضربها الزلزال بفوضى لم ير مثيلها مما دفعه للعودة مع بقية الفرق العالمية قبل اكمالها مدتها المحددة إذ لم يعد في استطاعتها تقديم شيء مواصلاً ان فرق الانقاذ التي وصلت من انحاء العالم فاق عددها 19 فريقاً تضم اكثر من ألف شخص بصحبتهم اكثر من مائة كلب، مشيراً الى ان ذلك في حد ذاته عامل يساعد في التخبط «اذ لم تجد تلك الفرق من يوجهها ويخطط للاستفادة القصوى من خدماتها» مؤكداً ان فريقهم، كان من اول الفرق التي وصلت بعد الزلزال وظل دون عمل لأكثر من 14 ساعة وهي فترة زمنية حاسمة في مثل تلك الظروف، الا انهم قضوها ينتظرون وسيلة نقل ترحلهم الى مكان العمليات، وقال ان عددهم «13 فرداً وعشرة كلاب مدربة على البحث عن احياء تحت الانقاض».

ويستدرك زورنر الذي سبق له العمل في عدة مواقع تعرضت لزلازل في بلاد مختلفة على سبيل المثال الهند وتركيا وارمينيا ان حدوث زلزال كارثة تشل الأوصال حتى في اكثر الدول تنظيماً لكن الجهات المسؤولة سريعاً ما تتمالك انفاسها وتسرع بعمليات الانقاذ وتنظيمها إلا ان الأوضاع في الجزائر ضربت فيها فوضى وما تزال مما انعكس على عمليات الانقاذ ورغم العدد الكبير من المتطوعين وفرق الانقاذ المدربة والمجهزة لم يتم انقاذ اكثر من 15 شخصاً احياء من تحت الانقاض، ويستطرد بتردد معبراً عن اعتقاده ان المواطنين الجزائريين لا يفضلون عمل الأجانب ويرغبون في القيام بأعمال الانقاذ بأنفسهم رغم انهم لا يمتلكون المعدات اللازمة وتنقصهم بالطبع الخبرة والتدريب للقيام بتلك المهمات الفنية والدقيقة، موضحاً ان المواطنين في كثير من الأحيان كانوا يحفرون بأيديهم ويستخدمون «بلدوزرات» تزيد من دك الانقاض مؤكداً ان التوتر قد بلغ اقصاه في المنطقة، مع ارتفاع حدة الغضب الشعبي ضد السلطات.

وعما تحتاجه المنطقة من مساعدات عاجلة يقول ان ذلك أمر متروك للسلطات الجزائرية تحديده واعلانه حتى لا تصلها مساعدات في غير حاجة لها. ورداً على سؤال أخير حول ملاحظاته يوضح انه وبعد جولات لعدة مبان تحت التشييد وهي منتشرة جداً لاحظ اخطاء واضحة في طريقة البناء مما لا يتناسب ومنطقة معروفة بالزلازل.