خبير جمارك أميركي: الكنوز الأثرية العراقية مخبأة «في أعماق مصرف بغداد»

TT

ربما تكون الكنوز الأثرية العراقية التي قيل إنها سرقت من متحف بغداد القومي الشهر الماضي، آمنة وسليمة في خزينة ترقد في أعماق مصرف بغداد الذي كان هو نفسه عرضة للسرقة والنهب الجماعي. ومن ضمن الآثار التي ستسترد في هذه الحالة قطع لا تقل قيمتها عن محتويات مقبرة توت عنخ آمون. وتشمل هذه الكنوز الأثرية قطعا من العاج والذهب والفضة يرجع تاريخها إلى بداية الحضارة وقد استعيدت من تحت انقاض مدينة نمرود، العاصمة المزدهرة للإمبراطورية الآشورية قبل آلاف السنين.

وصرح الأميركي ستيف ماكساري، خبير الشؤون الجمركية الذي يشرف على عملية استرداد الآثار الفنية، يوم الإثنين الماضي، أن وثائق المتحف تشير إلى أن هذه القطع ظلت في الخزائن لمدة عشر سنوات وأن الروايات حول نهبها أثناء الفوضى التي سادت بغداد الشهر الماضي ليست صحيحة. وقال ماكساري «نحن واثقون تماما أنها هناك، وذلك لأننا خلال كل هذه التحقيقات وجدنا كل القطع في نفس الأماكن التي قيل لنا إنها مخبأة فيها. والنتيجة التي توصلنا إليها هي أن أغلبية التحف الأعظم قيمة لم تتعرض للسرقة أو النهب».

وما تزال الجهود مستمرة للوصول الى الجزء التحتي للمصرف المغمور بالمياه حتى الآن. فقد ظلت المياه تتدفق لأكثر من أسبوعين من ماسورة تستمد طاقتها من مولد كهربائي. وقال حراس المصرف إن كمية المياه المتبقية والتي يجب شفطها لتجفيف المصرف، يبلغ ارتفاعها حاليا ثلاثة أقدام.

وقال ماكساري إن القطع التي استردها فريقه حتى الآن تشمل مخطوطات قديمة وكتبا، كان يعتقد من قبل أنها سرقت، ولكنها في الواقع كانت محفوظة في مخبأ واق من القنابل في الجزء الشمالي الغربي من بغداد. وقد اهتدى الفريق إلى ذلك المخبأ بعد استرداد قوائم محتويات المتحف ورقة إثر ورقة من داخل المتحف وأعيدت كتابتها من قبل المحققين.

وقد فتحت خزانة أخرى كانت هي الأخرى غارقة في المياه، فوجدت داخلها مبالغ من المال وصلت إلى 250 مليون دولار أميركي بحالة جيدة، حسب تصريحات أدلى بها يوم الإثنين بول بريمر الإداري الأميركي لشؤون العراق. وإذا وجدت كنوز نمرود، فإنها ستبرئ القوات الأميركية، جزئيا على الأقل، بعد اتهامها بأنها لم تعر التفاتا إلى وصايا الخبراء بحماية الآثار العراقية وأنها لم توفر قوات كافية لحماية المتحف.

وقال مكساري إن النهب كان حدثا سيئا، ولكنه على كل حال لم يكن بدرجة السوء التي كانت متصورة. وبناء على معلومات قوائم المحتويات، فإن بعض الأعمال الأثرية حولت لتحفظ في أماكن آمنة منذ الثمانينات عندما كان العراق يخوض حربه ضد إيران. ولم يعد بعض هذه الآثار منذ ذلك الوقت ليعرض على الجمهور. وربما يرجع ذلك إلى أن القائمين على أمر المتحف شعروا بالقلق لعدم الاستقرار داخل العراق وما ترتب على الحرب العراقية الأولى ضد الولايات المتحدة.

وليس معروفا على وجه اليقين أي القطع موجودة بخزينة المصرف، ولكن استعادة أي منها سيكون أمرا مهما جدا بالنسبة لحضارة ما بين النهرين. وقال ديفيد ستروناخ، استاذ آثار الشرق الأدنى بجامعة كليفورنيا، بيركلي «هذه القطع ترجع إلى لحظات الطلق في ميلاد الحضارة الإنسانية. ويمثل بعضها بداية الفنون الناضجة والمعقدة التي يرجع تاريخها إلى 3000 سنة قبل الميلاد. حينها كان فن النحت الذي أنتج آنية أنيقة وتماثيل متقنة وغيرها في بدايته».

وإحدى النقاط الغامضة التي تواجه التحقيق، هي لماذا لم يقل القائمون على المتحف من قبل إن القطع الأثرية محفوظة ولم تسرق؟ وقد تفادى مدير المتحف، داني جورج، الإجابة عن هذا السؤال في مؤتمر صحافي يوم 15 مايو (أيار)، عندما عرض تقريرا أوليا حول سير التحقيق. وقد ورد في ذلك التقرير الذي صاغه الفريق الأميركي أن الأنباء عن السرقات كان مبالغا فيها بصورة كبيرة. وقال جورج إن المهم هو البحث عن المفقودات من الآثار، وليس التساؤل حول تصرفات الناس في الماضي.

* خدمة «نيوزداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»