انهيار المنطقة الأمنية التي أقامها نظام صدام لحماية نفط كركوك بعد عودة الأكراد المرحلين منها ومطالبتهم بمنازلهم وأراضيهم

TT

كركوك ـ أ.ف.ب: انهارت المنطقة الامنية التي اقامها صدام حسين لحماية حقول النفط في شمال العراق من الميليشيات الكردية، مع عودة الاكراد الى قراهم التي رحلهم منها النظام السابق. وفتح انهيار نظام البعث الذي مارس سياسة تعريب قسرية في المناطق الكردية المجال امام آلاف الاكراد للمطالبة باستعادة اراضيهم في محافظة كركوك وقاموا في بعض الحالات بطرد عرب عراقيين استقروا في قراهم.

وبدأ توطين العرب في كركوك (250 كلم شمال بغداد) سنة 1974 بعد سنة من رفض الاكراد اعلان نظام صدام حسين منحهم حكما ذاتيا محدودا. كان احمد سالم جدوى، 35 سنة، عندما غادر ضفاف دجلة للانتقال الى قرية امشيه التي تقع على بعد 25 كلم شمال كركوك لزراعة القمح والشعير. وقال احمد الذي كان يضع عباءة عربية، «لم نكن نملك اراضي. وعرضت علينا الحكومة منازل وأراضي اذا قدمنا الى هنا». وأقر بأن الاراضي كانت ملك اكراد غير انه اضاف ان القرية كانت خالية عندما قدم اليها مع رفيقه من قبيلة بني تميم. وأدرك العرب القادمون سبب منحهم بعيد وصولهم الى البلدة. واضاف احمد ان الحكومة «وزعت علينا بنادق كلاشنيكوف وطلبت منا حراسة انبوب النفط» الذي ينقل النفط الخام من حقول النفط الى مواقع معالجته في كركوك. مشيرا الى ان «الاكراد كانوا يهاجمون الانبوب».

وامشيه هي احدى القرى الثماني التي يعبرها انبوب النفط والتي اخليت من سكانها الاكراد ليسكنها العرب. واسرة احمد هي واحدة من خمسين اسرة تعيش حاليا في ثكنات الجيش العراقي المتروكة منذ دخول الميليشيات الكردية كركوك في العاشر من ابريل (نيسان). وبعد ذلك بأيام زحف اكراد مسلحون على البلدة وطلبوا من السكان العرب المغادرة، حسبما افاد افراد من بني تميم. واكد احمد «لقد منحونا مهلة من ستة ايام». واشار احد اعيان بني تميم علي عداي انه بعد ان استشار رجاله قرر المغادرة لان الاكراد مدعومون من الاميركيين. واضاف «لم نكن نريد اراقة الدماء». واضاف «حاليا كل ما نأمله هو ان نبقى في هذا المخيم. ليس لدينا اي مكان اخر نذهب اليه كما ان الكلأ حول المخيم جيد للقطعان».

ونفت الاسر الكردية التي عادت الى امشيه من مدن الشمال ان تكون الاسر العربية مهددة. وقال كاظم محمد كريم، 29 سنة، الذي كان عمره بضعة اشهر عندما طردت اسرته من البلدة «الشبان (العرب) كانوا اعضاء في فدائي صدام الذين فروا». وكان كريم وزوجته وابناؤه الاربعة يتجولون في حديقة منزله الذي طالما سمع عنه دون ان يراه الا منذ بضعة اسابيع. وفي الوقت الذي اشتد فيه التوتر بين العرب والاكراد وزع التحالف منشورا يحظر اي اعمال طرد. وقالت الميجور جوسلين ابيرلي من الفرقة الرابعة مشاة «ان اي شخص يقوم بهذا التصرف سيعد مجرما». واضافت ان اعادة توطين الاكراد ستتم في اطار قانون وطني. واشارت الى ان بعض العرب تم ترحيلهم الى كركوك وانهم على استعداد للعودة الى قراهم في الجنوب العراقي اذا تمكنوا من استعادة منازلهم. واكد عادل قزاز الذي عينته الولايات المتحدة مديرا بالنيابة للشركة العامة لنفط الشمال المكلفة بالانتاج في المنطقة «النفط ليس ملك العرب او الاكراد انه ملك العراق». واشار الى ان «عائدات النفط ستستخدم في تنمية البلاد كلها».