كندا: محكمة فيدرالية تجدد احتجاز قيادي أصولي متهم بعلاقاته بقيادات «الجهاد» المصري

زوجة الأصولي المصري لـ«الشرق الأوسط»: القرار الجديد أشبه بقوانين «قراقوش» لأن زوجي في الحبس الانفرادي منذ 23 شهرا

TT

أمرت محكمة فيدرالية كندية باستمرار حبس القيادي الاصولي المصري محمود سيد جاب الله المحتجز في سجن كندي، بزعم انه على علاقة بقيادات تنظيم «الجهاد» المصري، الذي يترأسه الدكتور أيمن الظواهري الحليف الاول لاسامة بن لادن الذي تلاحقه واشنطن بتهمة تفجيرات الولايات المتحدة الى 11 سبتمبر (ايلول) 2001. وقال القاضي الفيدرالي اندرو مكاي الذي انتقد سلطات وزارة شؤون الهجرة الكندية لاحتجازها الاصولي المصري منذ ما يزيد على 23 شهرا «ان هناك أدلة جديدة توجب استمرار حبس جاب الله». وكان القاضي مكاي قد وصف في الجلسة السابقة احتجاز الاصولي المصري في «الحبس الانفرادي» بسجن تورونتو، بأنه يشبه الى حد كبير احتجاز أسرى تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان في معسكر «دلتا» بقاعدة غوانتانامو الاميركية. واوضح القاضي الفيدرالي: «ان هناك خطورة على حياة جاب الله ، اذا ما رحل الى مصر، مما يعني استمرار حبسه في كندا، وهو ما وصفته المصادر الكندية بانه «ورطة قانونية»، لأنه لا يمكن ترحيله الى مصر أو الافراج عنه». من جهته قال الاصولي المصري في اتصال هاتفي اجراه مع «الشرق الاوسط» من داخل سجن تورونتو: «ان الخطوة المقبلة هي تقدم محاميه باستئناف خلال 120 يوما»، مشيرا الى ان «الادلة التي يحتجز بسببها قدمتها المخابرات الكندية بعد تنسيق مع مصر». ومن جهته قال روكو جلياتي محامي جاب الله عقب جلسة اول من امس ان موكله «لم يرتكب اي جريمة، سوى مزاعم الادعاء الكندي بأنه خطر على الامن الكندي»، مشيرا الى ان استمرار احتجاز موكله «يؤكد ان الجالية العربية الكندية بعد أحداث 11 سبتمبر، تتعرض لمضايقات مثلما تعرضت له من قبل الجاليتان الايطالية واليابانية في سنوات الحرب العالمية الثانية». واشار جلياتي الى ان موكله يحتجز طبقا للمادة 40 من قانون الهجرة ، والذي اعتبر بموجبه «خطرا على الامن الكندي». والى ذلك قالت السيدة حسنة المشتولي (ام احمد) زوجة الاصولي المصري، التي كانت بصحبة اكبر اولادها منذر، 15 عاما، في جلسة اول من امس ان ابناءها يعيشون اوقاتا صعبة بسبب استمرار حبس زوجها. واعربت عن اعتقادها ان السلطات تعرضت الى ضغوط خارجية من اميركا او مصر لعدم الافراج عن زوجها. وقالت ان القاضي اقر في قراره الاخير ان زوجها لا يمكن الافراج عنه او تسفيره الى بلده، وتساءلت هل يعني ذلك استمرار حبس زوجها في كندا مدى الحياة؟

ووصفت القرار الاخير بأنه «ليس به عدل او انصاف، واشبه بقوانين «قراقوش». وأوضحت «كنا نتوقع الافراج عنه في 11 ابريل (نيسان) الماضي، لكن القرار الاخير كان صدمة حقيقية». وقالت ان زوجها يمر بمعاناة شديدة بسبب احتجازه طيلة 21 شهرا في الحبس الانفرادي، وكذلك بسبب الاسئلة التي وجهها اليه المحققون في السجن الكندي عن علاقاته برموز جماعة «الجهاد». وهي نفس الاسئلة التي تلقاها من قبل خلال فترة احتجاز زادت عن سبعة أشهر.

واشارت الى انها منذ مغادرتها مصر مع زوجها عام 1991، عملا مدرسين للغة العربية في السعودية، قبل ان ينتقلا الى باكستان حيث عمل زوجها في مدرسة للايتام تابعة لهيئة الاغاثة، مؤكدة ان احدا من عائلتها لم يدخل افغانستان. واضافت انهم مروا فقط بأذربيجان، قبل الوصول الى كندا قبل نحو ست سنوات. ويزعم ملف الادعاء الكندي ان الاصولي جاب الله عنصر فاعل في جماعة «الجهاد» المصرية التي يقودها الدكتور ايمن الظواهري، وان «له علاقات باعضاء التنظيم في داخل مصر وخارجها، خصوصا الاصوليين المصريين المقيمين في بريطانيا».

وكانت المحكمة قد اشارت الى وجود علاقة بين جاب الله وعادل عبد الباري المحتجز في سجن بيل مارش في بريطانيا على ذمة ترحيله الى الولايات المتحدة في قضية تفجير السفارتين الاميركيتين في نيروبي ودار السلام.

وأكدت ان زوجها غير مطلوب على ذمة اي قضية من قضايا «العنف الاصولي» وانه أكد لهيئة المحكمة الكندية ان «تقارير ضباط الاستخبارات الكندية، كانت محض خيال، وبعيدة عن ارض الواقع».

وقالت انها على يقين من ان اعادة اعتقال زوجها بعد احتجازه لمدة سبعة شهور، جاء بعد «ضغوط من السفارة المصرية» في كندا. وكانت السلطات الكندية في اعتقلت جاب الله نهاية مارس (آذار) 1999، واقتيد الى سجن المدينة القريب من مطار تورونتو، حيث خضع لتحقيقات مكثفة لمدة 11 شهرا، حول علاقته بـاعضاء «جماعة الجهاد». وقالت «أم احمد»، ان محكمة تورونتو العليا برأت زوجها قبل ذلك بتاريخ 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، من كافة التهم الموجهة اليه، واقر القاضي حقه في التقدم بطلب للحصول على اللجوء السياسي. ولكن المخابرات الكندية اعادت اعتقال زوجها قبل يومين فقط من الجلسة الاخيرة للبت في طلبه اللجوء السياسي. وأشارت الى ان زوجها هو العائل الوحيد لها ولاطفالهما الستة الذين يبلغ اكبرهم من العمر 15 سنة واصغرهم ثلاث سنوات.

يذكر ان جاب الله حوكم في قضية اغتيال الرئيس المصري الراحل انور السادات عام 1981 وحصل على البراءة، وتعرض لبعض الملاحقات الامنية الى ان غادر مصر عام 1991، الى السعودية، ومنها الى باكستان حيث قضى هناك نحو 4 سنوات، قبل ان يتوجه الى اذربيجان، ومنها الى كندا.

وزعم الادعاء الكندي في محاكمة جاب الله بأنه على علاقة بحادث الانفجارين في سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام في السابع من اغسطس (آب) 1998 الذي اسفر عن مقتل اكثر من مائتي شخص. وزعمت لائحة الاتهامات الموجهة الى الاصولي المصري والمكونة من 21 ورقة فولسكاب، ان جاب الله على اتصال بالقيادي ثروت صلاح شحاتة وايمن الظواهري قائد تنظيم «الجهاد» المسؤول عن اغتيال الرئيس المصري الراحل انور السادات.

ويزعم الادعاء الكندي ان هناك ادلة جديدة تتعلق بالطلب المقدم لترحيله الى بلده الاصلي مصر. وزعم الادعاء الكندي ان جاب الله على علاقة بتنظيم «القاعدة» الذي يتزعمه بن لادن. وقال ان جاب الله استند في طلبه للجوء السياسي في كندا عام 1996، الى اعتقاله سبع مرات بمصر، بتهمة التورط في قضايا العنف الديني. وتطرق الادعاء الى اجراء جاب الله لاكثر من 20 مكالمة هاتفية مع عادل عبد الباري بلندن، ومكالمات اخرى مع ابراهيم عيدروس وكلاهما محتجز في سجن بيل مارش على ذمة طلب الترحيل الى الولايات المتحدة في قضية السفارتين.