سورية قد تشارك في القمة العربية ـ الأميركية بشرم الشيخ والأردن يعلن استضافة اجتماع بوش وأبو مازن وشارون

الرئيس الأميركي كان يسعى لأول لقاء عربي جماعي مع شارون ورفض سعودي ـ مصري أدى إلى قرار القمتين

TT

قال مصدر مصري رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» امس انه أصبح في حكم المؤكد ان يشهد منتجع شرم الشيخ قمة عربية مصغرة، تتبعها قمة عربية ـ اميركية يوم الأربعاء المقبل بمشاركة الرئيس الاميركي جورج بوش وذلك بعد قبول الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لخريطة الطريق، والبحث عن الوسائل العملية لوضعها موضع التنفيذ فضلاً عن تحفظ مصري ـ سعودي على الاجتماع مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون.

وعلمت «الشرق الأوسط» انه من المقرر ان يشارك في القمة الامير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي صاحب مبادرة السلام العربية الى جانب الرئيس المصري حسني مبارك ونظيره الاميركي جورج بوش وكذلك العاهلين البحريني حمد بن عيسى آل خليفة باعتباره الرئيس الحالي للقمة العربية، والمغربي محمد السادس باعتباره رئيسا للجنة القدس، فضلا عن الملك عبد الله عاهل الاردن باعتبار ان الاردن الدولة العربية الثانية التي وقعت معاهدة سلام مع اسرائيل.

وأشار المصدر الى ان القادة العرب سيجتمعون قبل لقائهم مع بوش لاجراء محادثات حول عدة مواضيع، سيتم طرحها على الجانب الاميركي، على رأسها خريطة الطريق التي تعد متمشية مع المبادرة العربية التي طرحتها السعودية في قمة بيروت في مارس (آذار) .2002 من جهته، لمح وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الى احتمال مشاركة بلاده في القمة العربية ـ الأميركية المقبلة، مشددا في الوقت ذاته على ان «الامر يتعلق بتكهنات ولم يتبلور شيء بعد». وقالت مصادر دبلوماسية ان هاتين القمتين مرتبطتان بنتائج اللقاء المنتظر بين ابو مازن وشارون، ويذكر ان اللقاء الذي كان مرتقبا اليوم ارجئ لمدة 48 ساعة.

وحول اللقاء المرتقب بين أبو مازن وشارون بحضور الرئيس الاميركي أكدت المصادر انه سيعقد في اليوم التالي للقمة العربية ـ الاميركية أي يوم الخميس 5 يونيو (حزيران) في العقبة، والتي سيقتصر حضورها على القادة الثلاثة، وهو ما أكده وزير الاعلام الاردني محمد العدوان امس، حيث قال ان بلاده ستستضيف قمة يحضرها بوش وابو مازن وشارون.

وقال مصدر مصري: ما نشر حول امكانية عقد هذه القمة في شرم الشيخ غير دقيق، وليس له أساس من الصحة. واضاف: «من البداية كنا نعلم ان اللقاء سيعقد في العقبة، ولم يطرح عقد اللقاء في شرم الشيخ خاصة انه حتى الآن لم تطور العلاقات الدبلوماسية بشكل إيجابي بيننا وبين اسرائيل، ولم يتم اعادة السفير المصري الى تل أبيب.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان مؤتمر شرم الشيخ سيبحث بشكل أساسي خريطة الطريق، والوسائل الكفيلة بتأمين المناخ اللازم لبدء تنفيذ مراحلها، والدور الذي يمكن أن تضطلع به الدول العربية وأطراف المجموعة الرباعية لضمان سلامة تنفيذها، وكذلك ضمان وفاء كل طرف بالتزاماته بعيدا عن الشروط والتحفظات. وقال مصدر دبلوماسي ان خريطة الطريق التي سيدور حولها البحث في كل من شرم الشيخ والعقبة ستطرح في صورتها التي سلمت الى الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي من جانب الحكومة الاميركية والتي اعتمدتها المجموعة الرباعية.

ومن المتوقع ان يصدر عن قمتي شرم الشيخ والعقبة بيان يحدد الخطوات العملية التي ستتبع في المراحل القادمة من أجل ضمان سلامة تنفيذ خريطة الطريق وتجنب أي تعطيل لها. وأكدت مصادر مصرية عليمة ان الولايات المتحدة جادة بالفعل في العمل من أجل تنفيذ خريطة الطريق التي اعلن الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي قبولهما لها، ومن المنتظر ان تشهد الايام القادمة ما يدل على ان الولايات المتحدة عازمة على وضع ثقلها لدعم الجهود الرامية الى تنفيذ المراحل التي تتضمنها تباعا.

وفي الوقت نفسه، حذرت أوساط سياسية عدة من ان الايام القادمة قد تشهد في المقابل محاولات لعرقلة الجهود التي تبذل حاليا لضمان تنفيذ خريطة الطريق وذلك باتباع أساليب سياسية واعلامية لاشاعة حالة من فقدان الثقة واجهاض ما يؤمل احرازه من تقدم في عملية السلام ككل. واشارت الى ان احتمال وقوع هذه المحاولات يلقي على كافة الاطراف مسؤولية كبيرة للتقدم نحو تنفيذ كل ما يتم الاتفاق عليه بجدية وحزم، كما يلقي على الاطراف الاقليمية والدولية عبئا مضاعفا في ضرورة بذل كل جهد ممكن لانجاح المسيرة في مرحلتها الحالية. وبدأ الجانب المصري بالفعل في اتخاذ الترتيبات الأمنية المطلوبة لعقد القمة في شرم الشيخ.

التحفظات المصرية ـ السعودية وعلمت «الشرق الأوسط» ان الرفض السعودي والتحفظ المصري على الاجتماع مباشرة مع شارون قبل البدء في تنفيذ التعهدات الإسرائيلية، حالت دون التئام قمة موسعة كان بوش يضغط لعقدها بين شارون وقادة مصر والسعودية والأردن، لتدشين التحرك الأميركي الرامي إلى اقناع الدول العربية بحدوث تغيير هائل في منطقة الشرق الأوسط، بعد خلع النظام العراقي السابق والتمهيد لقبول إسرائيل في كيان شرق أوسطي جديد.

وأبلغت مصادر مصرية وعربية واسعة الاطلاع «الشرق الأوسط» ان بوش الذي يعتزم القيام بزيارة لعدد غير معلوم من دول المنطقة في مطلع الشهر القادم كان يسعى لضمان موافقة الرئيس المصري وولي العهد السعودي على مقترحات أميركية بعقد قمة موسعة، هي الأولى من نوعها بين رئيس وزراء إسرائيلي وقادة مصر والسعودية والبحرين والمغرب بحضور الأردن لبحث مستقبل العملية السلمية في المنطقة، غير أن التحفظات التي أبدتها القاهرة ورفض الرياض أجبر بوش على تغيير مقترحاته والاكتفاء بقمتين منفصلتين الأولى في العقبة مع شارون وابو مازن بمشاركة العاهل الأردني، في حين ستعقد القمة الثانية بين بوش وقادة مصر والسعودية والأردن والمغرب والبحرين في شرم الشيخ.

وعلمت«الشرق الأوسط» انه كان هناك اتجاه مبدئي لمشاركة تونس باعتبارها الرئيس القادم لدورة القمة العربية التي ستعقد في أراضيها العام المقبل، غير انه تم إشراك المغرب نظرا لترؤسه لجنة القدس وما تشكله من أهمية خلال المرحلة القادمة من مسيرة المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية.

وقالت مصادر دبلوماسية عربية انه كان من المهم وجود إحدى الدول المغاربية في هذه القمة لعدم إعطاء أي انطباع خاطئ بأن هذه القمة تستثنى بلدان اتحاد المغرب العربي.

وهذه هي أول زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الأميركي للمنطقة منذ نحو عام كما أنها الزيارة الأولى أيضا التي يفد فيها إلى المنطقة بعد نجاح قوات التحالف الأميركي ـ البريطاني في الإطاحة بنظام حكم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين .

وقال مسؤول مصري بارز لـ«الشرق الأوسط» لقد أبلغنا الإدارة الأميركية ان العالم العربي غير مهيأ حاليا لعقد قمة موسعة بين القادة العرب وشارون، خاصة ان اللقاء سيبدو كمكافأة له على مجرد قبوله الالتزام بتنفيذ خريطة الطريق. وأضاف: «لقد قلنا أن مثل هذا اللقاء سابق لأوانه وما لم يتم اختبار نوايا شارون على أرض الواقع، وينفذ التعهدات الواردة في هذا المشروع فان لقاء من هذا النوع قد يأتي بنتائج سلبية وعواقب وخيمة أكثر من الفوائد التي تتوقعها واشنطن من انعقاده».

واوضح: «ان قادة مصر والسعودية لا يريدون تحول القمة المرتقبة مع شارون إلى حملة للعلاقات العامة تستفيد منها إسرائيل، على نحو يعطي انطباعات خاطئة للرأي العام العربي والعالمي بأن عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط عادت إلى مسارها الصحيح، بينما ما زال هناك الكثير الذي يتعين على شارون القيام به لتأكيد حسن نواياه».

المطالب العربية وقالت مصادر دبلوماسية غربية أن أول قمة موسعة يعقدها رئيس أميركي مع مجموعة من الزعماء العرب دفعة واحدة تمثل سابقة تاريخية غير معهودة في العلاقات العربية ـ الأميركية، وان بوش سيحاول طمأنة الدول العربية بشأن حقيقة المخططات الأميركية من احتلال العراق والفترة التي ستستمر فيها بلاده في تسيير الشؤون العراقية. وعلمت «الشرق الأوسط» ان المطالب العربية التي ستطرح على بوش في الملف العراقي تتلخص في ما يلي:

* انسحاب القوات الأجنبية من العراق في أسرع وقت ومنح الشعب العراقي حقه المشروع في تقرير مصيره.

* العمل على تولي العراقيين تسيير شؤونهم بأنفسهم بما في ذلك إدارة الموارد الطبيعية للعراق وخاصة منشآته النفطية.

* التزام قوات الاحتلال الأميركية الحياد في ما يتعلق بالصراعات السياسية في العراق وعدم تفضيل أي فصيل عن غيره.

* ضمان مشاركة جميع طوائف الشعب العراقي في السلطة وإجراء انتخابات تخضع للرقابة الدولية في أسرع وقت.

* تحميل الإدارة الأميركية مسؤولية تحقيق الامن والاستقرار في العراق إلى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية مركزية.

وحول عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط فان القادة العرب سيسعون إلى تأكيد سعي الدول العربية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، واخضاع منشآت إسرائيل النووية للرقابة الدولية، وحثها على استئناف المفاوضات المجمدة مع دمشق من النقطة التي توقفت عندها قبل رحيل الرئيس السوري حافظ الأسد، وربط أي محاولات لإنشاء سوق شرق أوسطية تضم العرب وإسرائيل بمدى قيام الأخيرة بتنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية بشأن إعادة جميع الحقوق العربية التي اغتصبتها والانسحاب الفوري من مرتفعات الجولان السورية.

وحول عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط فان القادة العرب سيسعون إلى تأكيد سعي الدول العربية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، واخضاع منشآت إسرائيل النووية للرقابة الدولية، وحثها على استئناف المفاوضات المجمدة مع دمشق من النقطة التي توقفت عندها قبل رحيل الرئيس السوري حافظ الأسد، وربط أي محاولات لإنشاء سوق شرق أوسطية تضم العرب وإسرائيل بمدى قيام الأخيرة بتنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية بشأن إعادة جميع الحقوق العربية التي اغتصبتها والانسحاب الفوري من مرتفعات الجولان السورية.

وفي واشنطن، قال آري فلايشر المتحدث باسم البيت الابيض في مؤتمره الصحافي امس ردا على اسئلة عن القمة "ان الرئيس بوش يواصل مراجعة افضل الطرق للمساعدة في جمع الاطراف المعنية لاحلال السلام في الشرق الأوسط.

واضاف فلايشر: "ان احتمال عقد اجتماع القمة لا يزال قيد مناقشة نشطة وفعالة".

وتابع فلايشر: "انه ومع وصولنا الآن الى ما يمكن وصفه بلحظة واعدة جدا، فان الرئيس بوش يريد العمل بكل ما لديه من قوة ليجعلها لحظة واعدة جدا حقا. وان هذا يجعل الرئيس يواصل وبفعالية مناقشاته مع رئيس الوزراء شارون ومع ابو مازن".

واشار فلايشر الى العمل الكثير والكبير الذي تم من وراء الستار، وقام به الرئيس وآخرون لاشراك الجيران العرب في المنطقة. وشدد على ان الرئيس بوش ملتزم وبقوة لاثبات انه يمكن احلال السلام في الشرق الأوسط.

وبتكرار سؤاله عن احتمالات عقد قمة في العقبة في الاردن واخرى في شرم الشيخ بمصر اجاب "هناك عدد من الامكانيات ينظر فيها الرئيس"، وتجنب فلايشر الاجابة بصراحة ووضوح وان لمح قائلا "انه اذا كانت ستعقد قمة فانها ستأتي عقب قمة الدول الثماني التي ستعقد في فرنسا".