الإدارة الأميركية في العراق تدرس مشروعا لإلغاء الدينار العراقي وتخصص ميزانية خاصة لإقليم كردستان

TT

علمت «الشرق الأوسط» ان الادارة الاميركية في العراق تبحث حاليا مشروع قرار بالغاء الدينار العراقي (الاصلي) المعروف بـ«السويسري» وتداول العملة العراقية من الطبعة المحلية، وذلك بينما تعد ادارتا اربيل والسليمانية لحكومة الاقليم العدة لترتيب اوضاعهما المالية لاحتواء آثار هذا القرار.

ورجحت تلك المصادر ان يتم صرف رواتب الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية للشهرين الماضيين بالدينار العراقي (الطبعة السويسرية) بغية تخلص البنوك والمصارف الحكومية في الاقليم من مخزونها من هذه العملة.

وفي معرض رده على سؤال من «الشرق الأوسط» حول حقيقة هذا المشروع اكتفى وكيل وزارة المالية في حكومة طالباني بالاعراب عن اعتقاده بافتقاد الدينار العراقي (الطبعة السويسرية) لقيمته الحالية متوقعا بالمقابل انتعاش الدولار الاميركي وتخطيه لحاجز (15) دينارا للدولار الواحد بعد ان وصلت اسعار صرفه في الايام الاخيرة الى 5/3 دينار.

واشار عثمان شواني وكيل وزارة المالية الذي كان يتحدث من مكتبه، ان القيمة الحالية للدينار العراقي هي قيمة وهمية يحددها بعض التجار المستغلين في اربيل والسليمانية وهي قيمة لا تستند الى أي اساس اقتصادي، لان قيمة اية عملة يحددها الاقتصاد الوطني، واقتصاد كردستان لم ينتعش بعد الى هذه الدرجة لكي يهبط سعر صرف الدولار من 18 الى 4 دنانير، بالاضافة الى ان ما ساهم في تدني سعر صرف الدولار بانتظام خلال الفترة السابقة هو عدم وجود بنك مركزي في كردستان الذي يحدد في العادة قيمة اية عملة متداولة، وكذلك عدم وجود وفرة من السيولة النقدية لدى الادارة الكردية لضخ كميات منها الى الاسواق لسد حاجتها، فهبوط سعر الدولار ناتج بسبب ازدياد الطلب على الدينار العراقي (السويسري) وفقدان كميات كبيرة منه في الاسواق بسبب ادخار المواطنين له الى جانب تمزق واهتراء كميات كبيرة منه بسبب التقادم.

وذكر شواني ان حكومة الاقليم وخبراء وزارة المالية سبق ان نبهوا المواطنين في الاقليم خلال الندوات والاجتماعات التي عقدت منذ حزيران من العام الماضي الى الاسلوب الخاطئ لادخار العملة العراقية، وبينوا استحالة عودة هذه العملة لاكتساب قيمتها السابقة عندما كانت تساوي 3 دولارات مقابل دينار واحد واعتبروا هذه التخيلات مجرد اوهام، مشيرا الى ان هذه الازمة النقدية كان من الممكن حلها لو تمكنت حكومة الاقليم من طبع كميات جديدة من العملة وضخها للاسواق لسد النقص من العملة العراقية، مضيفا ان ادارتي حكومة الاقليم في اربيل والسليمانية تعملان الآن معا لوضع حد لمضاربات تجار العملة التي ادت الى هذا الهبوط السريع لاسعار صرف الدولار.

وحول حصة الاقليم من التخصيصات المالية الاميركية قال وكيل وزارة مالية حكومة طالباني ان الادارة الاميركية تتولى اعتبارا من يوليو (تموز) وضع ميزانية خاصة لاقليم كردستان تلبي حاجات مشاريعه الخدمية والاستثمارية، الى جانب شمول موظفي الاقليم والعاملين في مؤسساته الحكومية والمتقاعدين وذوي الشهداء بنظام الرواتب الذي وضعته الادارة لعموم العراق، مشيرا الى ان رواتب موظفي الاقليم لشهري ابريل (نيسان) ومايو (ايار) ستصرف خلال الايام القادمة وفق نسب تم تحديدها اثناء المباحثات التي اجراها وفد مشترك من الادارتين مع المسؤولين في الشؤون المالية بالادارة الاميركية في بغداد بعد الاخذ بنظر الاعتبار فروقات العملتين العراقيتين المتداولتين في الاقليم وبقية المحافظات العراقية.

وعن القوانين والقرارات الاقتصادية التي صدرت خلال السنوات الماضية من قبل حكومة السليمانية حول تشجيع الاستثمارات وانشاء البنوك الاهلية ودعم نشاطات القطاع الخاص وتأسيس الشركات الكبرى وكيفية ربط هذه القوانين مع النظام الاقتصادي المركزي المعمول به في بقية المدن العراقية، قال شواني: كنا نعمل في السابق وفق نظامين اقتصاديين مختلفين.. ففيما كنا في الاقليم نسعى منذ عام 1992 الى بناء اسس الاقتصاد الحر، كان الاقتصاد العراقي في ظل النظام السابق يئن تحت وطأة مركزية شديدة يمكن وصفها بـ(رأسمالية الدولة). لذا فان نسب المشاريع الاقتصادية في الاقليم كانت اكبر من نسبها في العراق، وبرغم جميع النواقص التي عانينا منها مثل عدم وجود بنك مركزي لتمويل مشاريع الاعمار والخدمات وانعدام دور الحكومة في تشجيع المشاريع الاعمارية، لكننا تجاوزنا الحالة وتمكننا من بناء نموذج جيد لاقتصاد السوق.

واعرب وكيل وزارة المالية عن اعتقاده بان الاقتصاد العراقي سيشهد تطورا وتغييرا كبيرين في المستقبل القريب وانه بالتأكيد سيتجه نحو نظام الاقتصاد الحر لانه السبيل الوحيد لاعادة احياء الاقتصاد الوطني العراقي، مشيرا الى ان حكومة الاقليم وخبراءها سيكون لهم دور في جهود اعادة بناء الاقتصاد العراقي.