إدارة بوش تقول إن عالما عراقيا أبلغها بأن صدام أخفى تسهيلاته لإنتاج أسلحة الدمار الشامل في منشآت تجارية لتعمل عند الحاجة و«وقت الطلب»

TT

تقول إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش ان عالما عراقيا أبلغها بأن صدام حسين اعتمد اللامركزية في توزيع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، خلال السنوات الماضية، وذلك بوضع المعدات الإنتاجية في منشآت ذات طبيعة تجارية حتى لا تكتشف مع إمكانية استخدامها عند الحاجة لإنتاج الاسلحة الفتاكة. وقال العالم العراقي، في وثيقة بتاريخ 7 مايو (أيار) ان العراق «وضع البنيات التحتية، لأسلحته للدمار الشامل، وبحرص شديد، في منشآت الاستخدام المزدوج»، مع توجيه هذه المنشآت الى صنع الاسلحة الكيماوية «عند الطلب» أو «وقت الحاجة إليها».

وتقول الوثيقة ان «منشآت صنع الغازات السامة، كانت تنتج في نفس الوقت منتجات مشروعة مثل مبيدات الحشرات. كما يمكن لهذه المنشآت أن تشغل نظم احتياطية للإنتاح الفوري حتى تتفادى صعوبات التخزين». وتضيف الوثيقة أن الشاحنة التي عثر عليها في شمال العراق في أبريل (نيسان)، ومعها معدات يمكن استخدامها لصناعة العناصر البيولوجية تمثل «شهادة مادية على استخدام ذلك الأسلوب».

وكان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، الذي سبق أن قال ان من المحتمل أن يكون صدام دمر اسلحة الدمار الشامل قبل بداية الحرب، قد اشار إلى هذا الأسلوب الجمعة الماضي عندما قال ان هناك «تكهنات» بأن العراق نظم برامج الاسلحة بحيث «يكون قادرا على ما يسمى في مجال الأعمال التجارية: التسليم عند الطلب». وقال رامسفيلد ان العراق لن يضطر في هذه الحالة إلى تخزين كميات كبيرة من العناصر الكيماوية والبيولوجية الخطيرة التي يمكن أن تسبب مشكلة، بل يكون لديه مثل هذا المعمل المتنقل الذي ينتج الاشياء بسرعة ويوفرها وقت الحاجة إليها».

ويبدو أن هذه هي آخر مبررات إدارة بوش لطرحها بأن صدام كان يمثل خطرا غير مقبول يتمثل في اسلحته للدمار الشامل. وبعد الدفاع غير العادي الذي قدمة جورج تينيت الأحد الماضي عن تقارير محلليه الاستخباراتيين عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، طلب أعضاء في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، عقد جلسات استماع لتحديد ما إذا كان الفشل في العثور على اسلحة الدمار الشامل ناتجا عن مبالغة أجهزة الأمن أو عن تسييس معلوماتها. كما ان هناك دراسة تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية منذ فبراير (شباط). وقالت لجنتا الاستخبارات لمجلسي الشيوخ والنواب، انهما ستجريان تحرياتهما الخاصة.

وقال السناتور الجمهوري جون وارنر، وهو رئيس لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ، انه ربما يلتحق بلجنة التحقيق. وقال وارنر المؤيد القوي للحرب ضد العراق لقناة «سي إن إن»: «حقيقة أننا نحقق في هذه القضية لا تعني أننا نشك في صدقية وكالة الاستخبارات المركزية أو إدارة بوش. وقالت عضوة مجلس النواب الديمقراطية جين هارمون، وهي عضوة بارزة بلجنة استخبارات مجلس النواب، انها ليست قلقة حول تبرير المعلومات الاستخبارية السابقة وحدها، فإذا كانت أسلحة الدمار الشامل مدفونة في مكان ما «فإن شخصا لا بد أن يعرف أين هي. وإذا كان صدام حسين وابناه موجودين، فإن الخطر الأساسي الذي دخلنا من أجله الحرب وهو منعه من استخدام هذه الأسلحة، ربما لا يزال قائما».

من جهته، قال السناتور جوزيف بيدن، وهو من كبار الديمقراطيين بلجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، ان الاعتقاد بأن العراق يملك بعض الاسلحة الكيمياوية والبيولوجية، اعتقاد عقلاني آخذين في الاعتبار تقرير المفتشين عن الاسلحة الذي وردت فيه أسئلة كثيرة بدون إجابات. لكن بيدن قال في تصريحات تلفزيونية ان الإدارة ربما تكون قد «بالغت» في الادعاء بأن صدام يمكن أن تكون لديه اسلحة نووية، وأنهم يعرفون على وجه التحديد مواقع تلك الاسلحة. وكذلك في الزعم بأن هناك علاقة بين صدام وبين «القاعدة». وقال إن مثل هذه المبالغات يمكن أن تترتب عليها نتائج ضارة في المستقبل. مع ذلك قال السناتور الجمهوري جون ماكين والسناتور الديمقراطي كريستوفر دود، انهما مقتنعان بأن العراق كان يملك اسلحة دمار شامل تأسيسا على المعلومات الاستخباراتية التي أطلعا عليها. وأضاف ماكين «استنادا على المقابر الجماعية التي كشفت أعتقد أن تحريرنا للشعب العراقي كان صحيحا تماما».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»