منتجع العقبة الأردني عشية القمة: إجراءات أمن مشددة وأزيز طائرات وحشد إعلامي كبير

TT

يستضيف منتجع العقبة الاردني على البحر الاحمر اليوم القمة بين الرئيس الاميركي جورج بوش والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ونظيره الاسرائيلي ارييل شارون، بهدف البحث في آليات تنفيذ «خريطة الطريق». وقد شهدت المدينة إجراءات امنية مشددة استعداداً لبدء القمة التي وضعتها على خريطة السياحة العالمية، كما ارتفع ازيز الطائرات في سمائها، وتدفق عليها مئات الاعلاميين العرب والاجانب. ويعول المسؤولون الاردنيون على القمة التي يصفونها بانها مكافأة للدور السياسي الاردني النشط في الوصول الى «خريطة الطريق». واعتبر وزير الخارجية الدكتور مروان المعشر قمة اليوم «مفصلا هاما على طريق السلام في المنطقة».

وأكد مسؤول اردني ان اختيار الحكومة الاردنية للعقبة أتى في الدرجة الاولى لاسباب أمنية، إذ انها منطقة تسهل السيطرة عليها ووضعها تحت الرقابة الامنية بسرعة فائقة ودون تحضيرات مسبقة. واضاف إن دوافع هذا الاختيار اشتملت أيضاً على الرغبة في وضع اسم المدينة كمنتجع سياحي متطور يليق بالقادة والزعماء، على خريطة السياحة الدولية.

مدينة العقبة وهي المنفذ البحري الوحيد للاردن والمنتجع الذي تمتد شواطئه على طول 27 كم من ايلات الى الحدود السعودية جنوبا، لم تعتد على الضجة التي سيحدثها اليوم ازيز الطائرات القادمة من شرم الشيخ وايلات حاملة وفود الدول الاربع المشاركة وفرق الحراسة والاعلام المرافقة لهم.

الوصول الى المدينة التي تبعد 350 كم عن عمان، كان قبل عدة ايام سهلا ومتاحا للجميع. بيد ان الاجراءات الامنية المفروضة على مداخلها واضحة للعيان خصوصاً ان المنطقة تشهد حملات تفتيش لم تعتد عليها في الاوضاع العادية، إذ يقصدها الاردنيون للتسوق كمنطقة حرة لا تخضع للجمارك.

إلا أن السلطات الاردنية عمدت الى تشديد الحراسة منذ عدة ايام في داخل المدينة وخاصة في المناطق المجاورة للقصر الملكي مكان انعقاد القمة والفنادق الكبيرة التي تستضيف الوفود ومنطقة المطار. لكن هذه الاجراءات لا تظهر للعيان في شوارع المدينة لان التركيز بالاساس على منطقة واحدة اضافة الى انتشار المئات من رجال الامن الاردنيين باللباس المدني.

وأكد سكان تحدثت اليهم «الشرق الاوسط » انهم شعروا منذ ثلاثة ايام ببدء التحضيرات في الفنادق الرئيسية مثل «الموفنبك» الذي حجز بشكل كامل من قبل الديوان الملكي والسفارتين الاميركية والاسرائيلية. اما فندق «الراديسون ساس» فقد اختير مقراً لمركز إعلامي سيعمل فيه مندوبو وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية الذي وصل منهم 550 مراسلاً ومصورا، لتغطية الحدث الذي تذكر اجواؤه وظروف انعقاده بمؤتمر مدريد عام 1991.

ورغم اعلان العقبة مدينة مغلقة منذ الساعات الاولى من فجر اليوم الاربعاء حتى مسائه بعد مغادرة الوفود الرسمية واغلاق الطرق المؤدية الى القصر الملكي، الا ان ذلك لم يغير من طبيعة الحياة اليومية التي تسير كالمعتاد في المدارس والمؤسسات الرسمية والخاصة.

وابدى صحافيون في المركز الاعلامي تشاؤمهم من امكانية الخروج باخبار ساخنة كونهم ابلغوا بأن المؤتمر الصحافي خصص لالقاء كلمات للقادة المشاركين فقط الذين لن يجيبوا عن اي سؤال. واعتبرت وسائل الاعلام ان «الحظر» المفروض على طرح الاسئلة هو عبارة عن اتفاق رباعي ضدها.

الصحافيون الذين اضطروا منذ مساء امس الى القدوم الى العقبة برا مستمتعين بمنظر الطريق الجيد بين عمان والعقبة مخترقا الجبال الصخرية الجرداء المذهلة بارتفاعاتها وتشكيلاتها اللونية، تجولوا في المدينة المتخمة بمئات الدعايات الانتخابية من قبيل «نعم الاسلام هو الحل» و«لا للتطبيع مع العدو» و«النساء شقائق الرجال» التي تدعو المواطنين للتصويت الى 14 مرشحا بينهم ثلاث نساء يتنافسن على مقعدين في انتخابات مجلس النواب التي ستجري في السابع عشر من يونيو (حزيران) الجاري.

والمدينة معروفة بصبغتها الاسلامية المحافظة إذ مثلها في عام 1993 النائب الاخواني بدر الرياطي. بيد انها اوصلت أيضاً للبرلمان مرتين الشخصية الاردنية المعروفة عبد الكريم الكباريتي، رئيس الوزراء الاسبق.

الى ذلك قالت مصادر مطلعة ان هناك نحو 3 آلاف رجل امن منتشرين في المدينة وعلى نواصي الطرق في انحائها، كما توزع عدد منهم على جانبي الطريق الذي سيسلكه موكب الرئيس بوش.

واوضحت المصادر ان رجال البحرية التابعين لسلاح البحرية الملكي الاردني قد انتشروا على شواطئ العقبة وقاموا بتمشيط المنطقة بواسطة كاسحات الالغام في المياه الاردنية، كما اتخذت استعدادات لفرض رقابة جوية خلال وصول الرئيس الاميركي.

واشارت المصادر الى ان رئيس وزراء اسرائيل سيصل بواسطة طائرة هليكوبتر اردنية من مطار ايلات القريب الى القصر الملكي.

وقد وصلت الى مطار العقبة اول من امس طائرة شحن عسكرية اميركية تحمل طائرة الهليكوبتر الخاصة بالرئيس بوش اضافة الى سيارته المصفحة التي ستنقله من المطار الى القصر الملكي. وسيصل الرئيس على ماتن طائرة هليكوبتر من شرم الشيخ جنوب خليج العقبة في رحلة تستغرق 20 دقيقة، الى مطار العقبة الدولي.

وكانت طائرات اف 16 التابعة لسلاح الجو الملكي الاردني قد رافقت طائرة بوش اول من امس اثناء عبورها الاجواء الاردنية باتجاه شرم الشيخ، وقد خرقت هذه الطائرات جدار الصوت فوق العاصمة عمان واحدثت دويا كبيرا اشبه بانفجار ضخم سارع المواطنون الى الاستفسار عن اسبابه.