وزير الإعلام السوري السابق يؤكد تصحيح دبلوماسية بلاده للخطأ الإجرائي بشأن القرار 1483

نوه بموقف البطريرك صفير وأبدى عتبه على غسان تويني

TT

قال وزير الاعلام السوري السابق الدكتور محمد سلمان انه تم تصحيح الخطأ الاجرائي الذي نجم عن عدم حضور سورية جلسة التصويت على القرار 1483 في مجلس الامن. واعلن من ناحية ثانية، تقديره للموقف الذي صدر عن البطريرك الماروني نصر الله صفير بشأن الوجود السوري في لبنان ومطالبته بعدم الاستقواء بالخارج. وأبدى عتبه على «الأخ والاستاذ» غسان تويني ناشر صحيفة «النهار» على المقالة التي انتقد فيها بعنف الموقف السوري والخارجية السورية من التعاطي مع هذا القرار.

جاء كلام سلمان خلال مقابلة تلفزيونية اجرتها معه في بيروت مساء اول من امس «الشبكة الوطنية للارسال» NBN وتوقفت عندها اوساط رسمية وسياسية، خصوصاً انها الاطلالة التلفزيونية الاولى له منذ تركه وزارة الاعلام قبل اكثر من سنتين ونصف سنة، إذ حل محله الوزير الحالي الدكتور عدنان عمران.

وفي رد على سؤال حول ما ورد في مقابلة صحافية اجريت مع الرئيس السوري بشار الاسد اخيراً من «ان سورية تنظر الى لبنان كدولة مستقلة وانها لن تبقى فيه يوماً واحداً اذا قالت الغالبية ان وجودها في لبنان احتلال» والانتقادات الموجهة الى سورية بخصوص لبنان، قال سلمان: «اننا كعرب اعتدنا ان ننتقد بعضنا كاخوة ثم نتحاور ونختلف، ولكن نبقى ضمن العلاقات الاخوية مهما بلغت شدة الانتقادات والخلافات. لذلك لا بد ان اذكِّر بكلام صدر قبل ايام عن غبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير اكد فيه ضرورة تمتين العلاقة اللبنانية ـ السورية، معتبراً المطالبة بالانسحاب خطأ ومحذراً من الاستقواء بالخارج». واضاف: «لقد وقفت امام هذا الكلام وقدَّرته. وهذا الاستقراء لشخصية دينية عرفت بعمق تفكيرها وتقديرها لمخاطر التدخل الخارجي بشؤون اي بلد وكم تأتي على البلد من السلبيات اكثر مما تأتي اليه من الايجابيات وبصورة خاصة ان العراق مثال حي لما حدث في هذا البلد».

وتابع سلمان قائلاً: «لذلك اقول بهذه المناسبة ان لبنان وصل الى مرحلة تكوين السيادة الكاملة من خلال توافر المؤسسات الرسمية القانونية. وهي التي تقود لبنان بكل معاني القيادة المعترف بها بمكونات الدولة. والقيادة الدينية في هذا البلد تقوي دائماً وتحرص دائماً على استمرارية المؤسسات الشرعية من اجل ان تبقى للدولة مكانتها وهيبتها وقدرتها على تطبيق القوانين».

واشار سلمان الى ان سورية «تنظر الى لبنان من خلال ما يقول رئيس الجمهورية، باعتباره رأس المؤسسة اللبنانية، عن العلاقة بسورية وتعميقها بما يخدم لبنان ويجعل منه دولة ذات قرار وقيادة وتقف الى جانب شقيقتها سورية من مواجهة العدو الاسرائىلي وفي حجم الصراع الكبير الذي يستهدف لبنان وسورية معاً». ولفت وزير الاعلام السوري السابق الى «ان الجميع ينظر الى لبنان وسورية وهما في خندق واحد في الصراع مع اسرائيل. وبالتالي فان ما حققه لبنان بتعاونه مع سورية كانت نتيجته انجازات كبيرة سجلها التاريخ وسيبينها اكثر مما نتكلم عنها في الوقت الحاضر».

وحول استبعاد سورية عن قمة شرم الشيخ من قبل واشنطن، رأى سلمان «ان هناك نقطة واحدة مدرجة على جدول الاعمال وهي خريطة الطريق، اي ما يتعلق بالمسار الفلسطيني دون سواه، اي السوري واللبناني». واعتبر ان «خريطة الطريق وضعت خارج قرارات الشرعية الدولية ومجلس الامن وتمت باتفاق اللجنة الرباعية. وطالما ان الفلسطينيين قبلوا بهذا المبدأ فهذا امر يتعلق بهم. ولذلك فان سورية لو حضرت فمن اجل ماذا ستحضر؟». وتابع انه «عندما يكون الحل بمنظور شمولي من اجل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة فسيكون لسورية دور وحضور. ولا بد ان يكون لها حضور فاعل عند الدعوة لاقامة سلام عادل وشامل».

العراق وعن ابعاد ما جرى في العراق، قال سلمان: «ان الولايات المتحدة تريد ان تعزل سورية عن محيطها العربي وتجعلها تعيش حياتها الاقليمية داخل القطر السوري». وشدد على «ان العلاقة السورية ـ العراقية هي علاقات متينة نظراً لعمق العلاقات الاجتماعية والعائلية بين البلدين ولن يستطيع احد ان يحد منها».

وحول عدم حضور سورية جلسة التصويت على القرار 1483 في مجلس الامن وموافقتها عليه في ما بعد قال سلمان: «انا أرى الموضوع لا يتعدى خطأ اجرائياً ارتكب في ذلك اليوم وجرى تصحيح الخطأ في حينه ايضاً. الخطأ الاجرائي الذي تم اظهر وكأن هناك موقفاً متحيراً او مغايراً لسورية، لكن الحقيقة أن سورية، وبكل شجاعة وبكل وضوح، عندما سمعت وعرفت بما حصل جاءت بعد ساعات وإن متأخرة لتقول انها مع هذه القرار. لكن هذا الخطأ الإجرائي وجدنا وكأنه تكرر في تلك المرحلة في اكثر من مناسبة». واضاف: «الكل يعرف حجم الخلاف القائم بين النظام السوري والنظام في العراق منذ عام 1966، حتى عام .1979 كانت هناك محطة انفراج مدتها سنة، لكن صدام حسين نائب رئيس الجمهورية آنذاك وعندما رأى ان للرئيس احمد حسن البكر توجهات وحدوية الكل عرف في ما بعد انه عزله وتسلم الرئاسة في العراق ووجه العديد من التهم الى رفاق دربه ورفاق حياته وأصدقائه الشخصيين لأنهم يحبون الرئيس الراحل حافظ الاسد. وقد سماهم في ذلك الحين عملاء للرئيس حافظ الاسد وقام بإعدام العديد منهم نتيجة هذه العلاقة مع سورية. ولذلك نحن لا يمكن ان ننسى في يوم من الايام، ولا الشعب السوري من الآن حتى خمسين سنة، ما أوقعه هذا النظام العراقي السابق بسورية من ويلات ومن أذية وتمويله الارهابيين الاصوليين في سورية. ارادوا ان يخربوا سورية وأن يعطلوا دور سورية سواء الاقليمي او البنيوي في داخل سورية. لذلك كانت هناك بعض المواقف التي يمكن ان تكون قد شوهت هذا الموقف السوري تجاه العراق ولم تستطع ان تميز بين دعم الشعب العراقي ودعم النظام. وبصورة خاصة كانت سورية دائماً تطالب طيلة فترة الحصار برفع الحصار عن الشعب العراقي لما عاناه من هذا الحصار. لذلك هناك موقف اجرائي خاطئ لم يستطع البعض معه التمييز بين الوقوف الى جانب الشعب العراقي والوقوف الى جانب النظام الذي لم يقف في يوم من الايام مع سورية». واوضح سلمان انه يتحدث بهذه اللغة وبهذه الامثلة لأنه عاش ثلاثة عشر عاماً في مرحلة الرئيس الراحل حافظ الاسد كوزير للإعلام وقبلها كمسؤول في حزب البعث او في السلطة. وعاصر هذه الامور بدقة.

وحول مواقف المعارضة اللبنانية ورداً على سؤال عن قراءته للأصوات اللبنانية، خصوصاً الاعلامية منها المنتقدة لدبلوماسية بلاده بصورة خاصة ولسورية بشكل عام، اجاب وزير الاعلام السوري السابق: «انا بالحقيقة اوجه عتباً الى الأخ والاستاذ غسان تويني (ناشر صحيفة «النهار») وهو الصحافي الكبير والباحث، كيف وصل الى استنتاجات من خلال مقالة عنوانها «خريطة الطريق» السوري.. الى الحرب» لا تعبر الا عن رأي كاتبها، خصوصاً انها جاءت في مضامينها العديدة متعارضة مع موقف رأس الدولة وقائد الدولة في سورية. لذلك فإن ما يكتبه احدهم وان كان سورياً لا يعني انه يعبر عن الرأي الرسمي السوري. فنحن في سورية لدينا مؤسسات رسمية تعبر عن الموقف الرسمي لسورية. وكذلك الامر في لبنان. والرئيس بشار الاسد قال بخصوص خريطة الطريق «ان ما يقبل به الشعب الفلسطيني نحن نقبل به في سورية». ان اي رأي آخر او اي اجتهاد آخر هو اجتهاد شخصي ورأي شخصي، لذلك لا يمكن ان تحمل مثل هذه المقالات اكثر مما تحمله، وهي تعبر عن رأي صاحبها فقط». واستطرد قائلاً: «انا احترم وأقدر الاستاذ غسان تويني في وجهة نظره التي يطرحها في هذا الموضوع او غيره.. وقد أتفق معه في ما يكتب او أختلف، لكني لا أتحدث هنا بصفة رسمية انما اعبر عن رأيي في ما قرأته للأستاذ تويني».