كتائب شهداء الأقصى تهاجم دحلان وترفض أي تعاون معه وتتهمه بمحاولة شراء سلاحها.. والوزير ينفي ويعتبرها ادعاءات إسرائيلية كاذبة

الجناح العسكري لفتح يحدد شروطا لقبول وقف إطلاق النار من بينها رفع الحصار كليا عن عرفات وتأكيد حق العودة والقدس

TT

تعرضت حكومة محمود عباس (ابو مازن) وجهودها الرامية للتهدئة والتوصل الى هدنة بين فصائل المقاومة الفلسطينية واسرائيل، لضربة جديدة، بعد قرار حركة حماس قطع الاتصالات بها احتجاجا على المواقف التي اتخذها ابو مازن في خطابه الختامي في قمة العقبة يوم الاربعاء الماضي وتركيزه على مواجهة ما اسماه بالارهاب بدلا من التطرق الى قضايا القدس وحق العودة والمستوطنات، على حد قول عبد العزيز الرنتيسي احد قادة حماس في قطاع غزة.

وجاءت الضربة الجديدة هذه المرة من «ذوي القربى وهي اشد غضاضة» اي من كتائب شهداء الاقصى ـ الجناح العسكري لحركة فتح (بشقيها) او الحزب الحاكم الذي ينتمي اليه جل اعضاء حكومة ابو مازن، والتي وجهت سهامها في اتجاهين; الاول ضد محمد دحلان وزير الدولة للشؤون الامنية الذي يعتمد عليه ابو مازن والولايات المتحدة وكذلك اسرائيل، في اعادة ترتيب الوضع الامني والحفاظ على الامن في اطار عملية تطبيق خطة «خريطة الطريق». واتهمت الكتائب دحلان بمحاولة شراء سلاحها بقيمة 6 الاف دولار للقطعة الواحدة، والثانية ضد ما ورد في بيان ابو مازن وبذلك تضم صوتها الى صوت حركة حماس التي ادانته واعتبرته ارتدادا وتراجعا خطيرين حتى عما جاء في اتفاقات اوسلو. يذكر ان ابو مازن كان قد خاض معركة ضارية مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من اجل تعيين دحلان في هذا المنصب استعدادا لتسليمه وزارة الداخلية. ووصل الحد بابو مازن الى الاستعداد للتضحية برئاسة الوزراء اذا لم يدخل دحلان الحكومة رغم معارضة الرئيس عرفات.

وفي بيان لها هاجمت كتائب الأقصى دحلان، أمس، ووصفته بأنه مشروع أميركي ـ إسرائيلي، وأنه جاء مفروضا على الشعب الفلسطيني وسلطته. وطالبت كتائب الأقصى أبو مازن بـ«عدم الوثوق بأية التزامات تصدر عن دحلان، عندما يتحدث عن كتائب شهداء الأقصى أو باسمها».

وقال البيان الذي كان موجها الى الرئيس عرفات «اولا لا يمكن ان تحل قضايانا من خلال شخص مفروض على شعبنا من قبل الاميركيين والاسرائيليين مثل محمد دحلان حيث يحاول بكل السبل شراء الذمم وبيع نضال شعبنا ودماء شهدائنا بثمن بخس». وطالب البيان عرفات باقالة دحلان او على الاقل عدم اقحامه في الموضوع الامني وكذلك حل القضايا المتعلقة بالكتائب عبر الحكومة واللجنة المركزية لحركة فتح وعلى رأسها عرفات.

وترفض الكتائب الهدنة دون رفع الحصار عن عرفات ودون تعهد اميركي ـ اسرائيلي بعدم العودة الى حصاره او تقييد حركته او نشاطه او المساس بكرامته. ودعا البيان الى اسقاط المطالبة الاسرائيلية بقيادات امنية مثل العميد توفيق الطيراوي مدير المخابرات العامة في الضفة الغربية والعميد فيصل ابو شرخ رئيس قوات الـ 17 (امن الرئاسة) والعقيد رشيد ابو شباك مدير الامن الوقائي في قطاع غزة والعقيد ابو عوض من قادة امن الرئاسة، ورفع الحظر عن نشاطاتهم، وحل قضية اعضاء كتائب الاقصى كمطاردين بالشكل الذي يضمن كرامتهم. وقال ابو مجاهد قائد الكتائب في مدينة نابلس لـ«الشرق الأوسط»: «ان كتائب الاقصى لن تتعامل مع انسان مثل دحلان واي اتصال به مرفوض». واتهمت الكتائب دحلان بمحاولة مقايضة مقاتليها بشراء سلاح بضعف ثمنه اي بحوالي 6 الاف دولار، اضافة الى الانضمام الى قوى الامن الفلسطينية. وردا على سؤال ان كان هو تلقى عرضا على هذا النحو قال «ليس شخصيا لكنه (دحلان) حاول في قطاع غزة وعندما رد على عقبيه اتصل بمفاتلينا في مخيم ومدينة جنين. وافشل مشروعه في مجمل محافظات الوطن وانطلاقا من ذلك نرفض التعامل معه باي شكل من الاشكال».

ويتهم دحلان ايضا بتلقي الميزانيات لشراء الأسلحة من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. ونفى مصدر في وزارة الخارجية البريطانية هذه التقارير حسب ما اوردت صحيفة «يديعوت احرونوت» في عددها الالكتروني باللغة العربية امس، إلا أن المصدر قال إن حكومته مستعدة للمساعدة قدر الإمكان لتحسين احتمالات التوصل إلى سلام. ولم تعقب أية مصادر أميركية على هذه التقارير.

ونفى دحلان ان يكون قد عرض شراء سلاح المقاومة مقابل وقف عملياتهم العسكرية ضد اهداف اسرائيلية. وقال «نحن لم نتطرق لهذا الموضوع لا مع الاخوة في كتائب الاقصى ولا مع غيرهم». واتهم الاسرائيليين ببث ادعاءات كاذبة حول الترتيبات الامنية الفلسطينية الداخلية لان الوفد الفلسطنيي لم يعطهم اي معلومات حول الامن خلال قمتي شرم الشيخ والعقبة. واضاف «هذه دعاية اسرائيلية تحاول ان تستبق الاحداث لاننا رفضنا ان نعطيهم اي معلومات حول الامن وهذه اثارة فتنة ضد الذين قاموا بواجبهم خلال الانتفاضة».

وسبق كتائب الاقصى في رفضها التعامل مع دحلان مدير الامن الوقائي في الضفة الغربية العميد زهير مناصرة الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «حتى هذه اللحظة علاقاتي مع الاخ ابو مازن باعتباره وزير الداخلية ايضا، واتلقى الاوامر منه. ولم اتلق اي اوامر منه في هذا الشأن كما انني لم ابلغ من ابو مازن بان هناك علاقة عمل بيني وبين دحلان».

وقال الشيء ذاته رشيد ابو شباك مدير الجهاز في قطاع غزة وان بشكل اقل وضوحا اذ قال لـ «الشرق الأوسط»: «نحن الان في اطار وزارة الداخلية وحتى الان لم تستكمل التشكيلات في الوزارة. نحن نعمل مع الرئيس (ياسر عرفات) او مع ابو مازن، هذا ليس مهما».

وفي بيان ثان صادر عن شق اخر من كتائب الأقصى تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، نددت كتائب الاقصى بنتائج قمة العقبة. وقالت «ان قمة العقبة ستبقى عقبة في وجه صانعيها من خلال تضحيات شهدائنا ودماء اطفالنا والمجازر التي ارتكبت بحق شعبنا». واضاف البيان «ان الخطاب الموحد الذي صدر عن قمة العقبة الذي خطه سفاح صبرا وشاتيلا (رئيس الوزراء الاسراءيلي ارييل) شارون والارهابي (الرئيس الاميركي جورج) بوش الهدف الوحيد منه وصف المقاومة بالارهاب، وهذا مخالف للقوانين الدولية والشرائع السماوية. وستبقى المقاومة ما دام هناك محتل غاصب على ارضنا وستستمر الانتفاضة حتى التحرير والعودة».

وتابع البيان «ان كتائب الاقصى على العهد والقسم للشهداء والاسرى والجرحى والمبعدين واللاجئين.. على المضي في طريق الجهاد والاستشهاد حتى دحر الغزاة الصهاينة عن ارضنا. وان الكتائب غير معنية بكل الاتفاقات المذلة والتفاهمات المكتوبة بالحبر الصهيوني ـ الاميركي».

وحذر البيان من اسماهم بـ«اولئك المتصهينين الجدد من نعت المقاومة ومجاهديها الاستشهاديين بالارهاب لان شعبنا ومقاومتنا لن تسامح وسترد بحزم على كل من تسول له نفسه الوقوف في وجه المقاومة».

وقال ابو قصي مسؤول كتائب الاقصى في قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مع استمرار المقاومة وبنادقنا ستظل في صدور الاعداء. لكنها ستتحول ضد كل من يقف ضد المقاومة او ضد الثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني، اياً كان هذا الانسان». واكد ابو قصي «نحن مع الاخ ابو عمار (عرفات) الصامد حتى الان رافضا التنازل الى هذه الحكومة النازية (حكومة شارون). ونناشد الاخ ابو مازن الذي نعتبره اخا ولا نخونّه ولا نجرح به او غيره ان يحترم الثوابت الوطنية والشرعية والا يتنازل عن هذه الثوابت والحقوق. واي انسان يفكر في التنازل ستتوجه نحوه بنادقنا».

وحذر بيان ثالث باسم كتائب الأقصى، موجه الى ابو مازن وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، من أن «أي توقيع فلسطيني على أية وثيقة كانت لن يلزم كتائب شهداء الأقصى، إذا ما استمر التصعيد الإسرائيلي، وإذا لم تقم إسرائيل بخطوات ميدانية لفك الحصار عن الرئيس عرفات».

وحدد بيان كتائب الأقصى عددا من المطالب الرئيسية التي على إسرائيل أن تلبيها كي توافق الكتائب على وقف إطلاق النار. ويتمثل المطلب الأول بفك الحصار عن رئيس السلطة الفلسطينية، «يرافقه التزام أميركي وإسرائيلي ودولي بعدم استئناف الحصار مرة أخرى على الرئيس عرفات أو تحديد نشاطه كقائد عام وزعيم منتخب للشعب الفلسطيني».

وتطالب الكتائب بوقف الاغتيالات، والالتزام بالكف عن طلب اعتقال قسم من القادة السياسيين، العسكريين، الأمنيين والوطنيين الفلسطينيين، والالتزام بالإفراج عن كل المعتقلين. وأكدت كتائب شهداء الأقصى على حق العودة للاجئين استنادا لقرارات الأمم المتحدة، وعلى ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود 4 يونيو (حزيران)، وعاصمتها القدس.

وأكدت الكتائب أنه وبدون تنفيذ هذه المطالب فلن تنفذ أية اتفاقية لوقف إطلاق النار من جانبها وانها ننتظر اجابة سريعة من ابو مازن على هذه المطالب.

وتأتي هذه النكسة الجديدة في وقت تبذل فيه المساعي لرأب الصدع الذي نجم عن قرار حماس بقطع الاتصالات مع ابو مازن ووقف الحوار الداخلي بشأن مطلب الهدنة ووقف العمليات. وقال وزير الثقافة الفلسطيني زياد ابو عمرو لوكالة الصحافة الفرنسية امس ان ابو مازن سيلتقي فصائل وحركات المعارضة الوطنية والاسلامية خلال يومين. واضاف عمرو المكلف بملف الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني «هناك لقاء مقرر خلال يومين سيعقده رئيس الوزراء وقوى المعارضة الوطنية والاسلامية».

واوضح ابو عمرو «ربما كان لموقف حماس ما يبرره بعد قمة العقبة ومواصلة اسرائيل لسياسية الاغتيالات، لكن نرجو ان ينجلي الموقف خلال اللقاء مع رئيس الوزراء». وتابع القول «لم تتوقف الاتصالات قبل العقبة ولا بعدها والحوار وصل الى نقطة مهمة نأمل ان لا تؤثر عليها تداعيات العقبة».