تحسن في الوضع الأمني بالبصرة لكن سكانها لا يزالون خائفين

TT

البصرة ـ رويترز: تقول القوات البريطانية ان اسلوبها في السيطرة على مدينة البصرة المعتمد على الظهور بادنى حد ممكن جلب الاستقرار وأن الشرطة العراقية عادت الى العمل لكن الناس لا يزالون خائفين خصوصا عندما يطرق أحد الباب ليلا. وبعد مرور شهرين على غزو القوات البريطانية والاميركية للعراق تبدو مدينة البصرة أكثر امنا من بغداد والمحافظات المحيطة، حيث يتعرض الجنود الاميركيون غالبا لاطلاق النار عندما يحاولون فرض الاستقرار.

وعادت أسواق البصرة ثاني أكبر مدن العراق والتي يقطنها 1.5 مليون نسمة للنشاط من جديد، وعاد الصبية الى الشوارع يلعبون كرة القدم وتقوم الشرطة العراقية بدوريات في الشوارع بكامل زيهم. وتقول القوات البريطانية ان اسلوبها في اخماد الاضطراب في المدينة جرى تطويره خلال سنوات طويلة من الخبرة في ايرلندا الشمالية وغيرها من النقاط الساخنة. وقال جستين براوز المتحدث باسم الجيش البريطاني ان الامن تحسن بدرجة كبيرة منذ فورة السلب التي روعت المدينة بعد سقوط صدام حسين في أبريل (نيسان) الماضي. واضاف «ندرب الشرطة العراقية، عاد ما بين 500 والف من أفراد الشرطة للعمل». ومضى يقول «90 في المائة من عملنا يؤدى من خلال دوريات سيرا على الاقدام. هذا يعطيك وجودا. نتحدث مع الائمة المحليين في المساجد. بيننا وبين الناس حوار».

لكن العراقيين يقولون ان هذا لا يكفي لتهدئة مخاوفهم، فهناك مسلحون ما زالوا يطرقون الابواب ويطلبون مالا. ويخشى العراقيون من لصوص السيارات الذين يصوبون مسدساتهم على رؤوس سائقي السيارات قبل سرقة سياراتهم. واثناء الليل يسمع الناس مرارا وابلا من اطلاق النار اما بسبب تبادل اطلاق النار بين عصابات أو منازعات عائلية أو صراعات قبلية دامية. وطبقا لسجلات غرفة الطوارئ في مستشفى البصرة التعليمي حيث يجري تفتيش جميع الزوار للتأكد من أنهم لا يحملون أسلحة يعالج المستشفى يوميا في المتوسط خمسا من المجني عليهم في حوادث اطلاق الرصاص.

واتهمت منظمة مراقبة حقوق الانسان في تقرير لها يقع في 23 صفحة صدر في الاسبوع الماضي القوات الاميركية والبريطانية بالتقاعس عن توفير الامن في البصرة. وقال سمان ضياء الظريفي وهو باحث كبير في المنظمة العاملة في مجال حقوق الانسان «ببساطة فان قوات التحالف الموجودة في البصرة لم تعط أولوية كبيرة للامن وكان ذلك واضحا منذ اللحظة التي دخلوا فيها المدينة». وتابع قائلا «لا عذر لاستمرار حالة انعدام الامن على الارض في المدينة بعد مرور ثمانية اسابيع».

لكن الامن في البصرة افضل حالا من بغداد والمدن الاخرى. فالاميركيون اكثر تعرضا للهجمات على نحو يثير الجدل في وسط العراق الذي كان قاعدة لسلطة صدام حسين حيث يعيش المسلمون السنة الذين خسروا الكثير بالاطاحة به. وغالبية سكان البصرة من الشيعة الذين عانوا من اسوأ صور الانتهاكات خلال حكمه والاقل ميلا لمقاومة القوات الاجنبية على ما يبدو. لكن الجنود البريطانيين في البصرة وعددهم ثلاثة الاف جندي لم يتركوا شيئا للمصادفة. انهم يدربون رجال الشرطة العراقية السابقين ويعيدونهم للعمل. لكنهم كانوا يستخدمون في عهد صدام لحراسة المواقع الحكومية كالمنشآت النفطية ومحطات المياه، ومن ثم فان التصدي لنهابين قساة وعصابات مسلحة ربما لن يكون سهلا.

وتواجه القوات البريطانية الصعوبة الاضافية المتمثلة في الاضطرار الى الاعتماد على اعضاء سابقين في حزب البعث الذي اعتمد عليه صدام في حكم البلاد للمساعدة على ادارة المدينة. وفي مركز شرطة البصرة كان العمال يطلون السقف فيما كان شرطي يصحب متباهيا زوارا في جولة في المركز. وشهد زملاء الرائد عبد الرضا زاهي عضو حزب البعث السابق بأنه «نظيف». ويشرح زاهي الذي يحمل مسدسا ايطاليا من طراز بريتا كيف تحسن الامن منذ ان انتهت الحرب لكنه يخشى مثل كثير من العراقيين الاف السجناء الذين عفا عنهم صدام حسين قبل الحرب الذين اعادوا تجميع انفسهم في عصابات مسلحة. وقال «عفا صدام عن الاف المجرمين منذ أشهر قليلة والان يمثلون مشكلة كبرى». وعدم الاستقرار دفع بعض العراقيين الذين عانوا من القمع الوحشي في عهد صدام الى استخلاص نتيجة مزعجة تقول ان الاوضاع كانت افضل عندما كان صدام موجودا لان الناس كانوا يشعرون بالامن في الشوارع على الاقل.