سكان حي الصدر: لا نشعر بالامتنان لأميركا لإطاحتها نظام صدام

TT

بغداد ـ أ.ف.ب: فيما تحاول قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة اعادة تشكيل العراق في فترة ما بعد الحرب لتجعل منه دولة ليبرالية ديمقراطية، يبدو ان الشيعة الذين يسكنون المناطق الفقيرة من بغداد يتحولون في اتجاه آخر.

وتشهد مدينة الصدر، التي يسكنها حوالي مليوني عراقي شيعي كانوا يعانون من نظام صدام حسين، تحولا سياسيا واجتماعيا ليس له اية علاقة على الاطلاق بالاحتلال الاميركي للبلاد. واصبحت المحاكم الاسلامية التي يرأسها علماء الدين وطلاب المدارس الدينية والتي كان يحظرها النظام العراقي المخلوع، تعمل في العلن في المساجد وتصدر احكامها في كافة الامور بما في ذلك قضايا السرقة وحتى جرائم القتل. وقد اخذت الحوزة، او المدرسة الرئيسية لعلماء الشيعة في العراق، على عاتقها العديد من مهام الحكومة المدنية اذا انها تدير المجلس المحلي وتحرس المستشفيات وتحافظ على النظام في الشوارع.

ومن ناحية اخرى يتردد ان جماعات الضغط المسلحة التي تسيطر عليها الحوزة تنتشر في انحاء المدينة وتنذر دور السينما ومتاجر الكحول بان عليها اغلاق ابوابها والبدء في اتباع الشريعة. وقال الشيخ حسن العداري، 29 عاما، في احد مكاتب الحوزة في قلب مدينة الصدر «نحن نحل مشاكل الناس»، مضيفا «نحن نملا الفراغ الذي خلفه غياب السلطة. ان تلك الطريقة ناجحة لان الناس هنا متدينون ويطيعوننا .. انهم يدركون ان الحوزة لا تريد سوى مصلحتهم». وفي ظل النظام المخلوع كانت مدينة الصدر تعرف رسميا باسم مدينة صدام، في استفزاز متعمد لسكان المنطقة من قبل النخبة الحاكمة من المسلمين السنة الذين احكموا قبضتهم على غالبية السكان من الشيعة.

لكن بعد اطاحة صدام عاد الشيعة الى الظهور لاحكام سيطرتهم على هذا الجزء الكبير من بغداد الذي اعيدت تسميته على الفور باسم محمد باقر الصدر عالم الدين المعروف الذي يعتقد انه اغتيل على يد النظام السابق عام .1999 وانتشرت بعد ذلك صور الصدر في كافة انحاء المنطقة، وتم الاسبوع الماضي الكشف عن صورة جديدة للصدر وابنه الذي يعتقد كذلك انه قتل على يد النظام السابق، في الساحة العامة امام الاف العراقيين الذي احتشدوا لمشاهدة ذلك. وقال المزارع فضل عبد القيوم ان «صدام كان مصاص دماء مص دمنا». وتبرع عبد القيوم بزراعة عشرات الازهار في موقع الصورة الذي اعيدت تسميته كذلك باسم الصدر، وقال ان «الصدر اعطانا دمه ليدافع عنا».

وكالعديد من سكان مدينة الصدر فقد كال عبد القيوم المديح للصدر والحوزة ووجه الادانات الغاضبة للولايات المتحدة. وقال «اعتقد ان ذلك كله جزء من خطة اسرائيلية سرية». واضاف «ان القوات الاميركية لم تفعل شيئا لمساعدتنا، هم فقط يريدون احباطنا. اننا نساعد انفسنا الان». وتعج صحيفة «صدى الصدر» المحلية الجديدة بالخطب الدينية وتقدم «نصائح» حول كيفية التعامل مع قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العاصمة العراقية. وفي الوقت الحاضر تقتصر تلك النصيحة على عدم التجمهر حول تلك القوات في الشوارع او القيام باي شيء يمكن ان يؤدي الى سفك الدماء.

ولكن وطبقا للتقليد الشيعي فان كل شخص حر في اتباع اي مرجع ديني يمكن ان يحكم في اية مسألة، من الزواج الى العقارات الى تحديد الوقت المناسب لبدء الجهاد. ويعني هذا النظام من عدم المركزية بان عشرات او اكثر من علماء الدين واتباعهم المخلصين مستعدون للبدء في تنفيذ هجمات على القوات الاميركية. وفي احتفال اقيم قبل اسبوعين قام 500 شخص بتقبيل يد الشيخ محمود الحساني الذي كان احد تلاميذ الصدر، وتعهدوا بطاعته. وارتدى حوالي 50 شخصا الكفن الابيض الذي يرتديه الراغبون في تنفيد تفجيرات انتحارية. وقال الشيخ «لن نتردد في الهجوم عندما يحين الوقت حتى لو كلفنا ذلك حياتنا» مضيفا «نحن لا نشكر الولايات المتحدة على الاطاحة بصدام. لقد كان ذلك واجبهم الاخلاقي بعد دعمه كل هذه المدة الطويلة».

والامر الذي ربما يحير المخططين السياسيين والعسكريين في الولايات المتحدة ان العديد هنا يتفقون على انهم لا يدينون بالامتنان للولايات المتحدة للتخلص من صدام حسين رغم الكراهية التي يكنونها له بسبب عمليات القمع الدموية التي كان يمارسها. وقال الشيخ حسن المتحدث باسم الحوزة انه «لم تتم اطاحة صدام من قبل الاميركيين.. لقد سقط النظام السابق لان تلك كانت ارادة الله».