تنازلات أميركية محدودة لقادة التنظيمات السياسية العراقية: تخويل المجلس الاستشاري صلاحية تعيين وزراء والمشاركة في صياغة القرارات وتعيين «مبعوثين» في الخارج

المجلس الأعلى للثورة الإسلامية يؤكد أنه لن يشارك في مجلس يعينه بريمر وحزب بارزاني يقول إنه ليس راضيا «مائة في المائة» عن المقترحات

TT

تتحرك سلطات قوى التحالف في العراق باتجاه إرضاء المنتقدين لسياساتها الأخيرة بعرض تشكيل مجلس عراقي مؤقت لديه صلاحيات اختيار وزراء وممثلين دوليين للعراق. ويأتي قرار الولايات المتحدة هذا ردا على النقد الذي وجِّه لها من قبل سبعة تنظيمات عراقية كانت تشكل أهم أطراف في المعارضة للنظام المخلوع بسبب خطتها الأحادية بتعيين كيان حكومي معيَّن يكون دوره استشاريا. وقالت الولايات المتحدة إنها اتخذت هذا القرار للإسراع في عملية إعادة الاعمار، لكنها بالقيام بذلك فإنها لا تمنح القادة السياسيين العراقيين أية سلطة لاختيار مسؤولين حكوميين.

وقدم بول بريمر رئيس الإدارة المدنية الأميركية في العراق حلا وسطا أول من أمس بعد اجتماع طويل مع قادة التنظيمات المعارضة السابقة. وقال هؤلاء إنهم يرحبون بالخطة لكن بحذر معتبرين إياها خطوة باتجاه منح العراقيين قدرا من السلطة داخل الإدارة المؤقتة، لكنهم قالوا إن المخاوف الأساسية ما زالت باقية. وقال هوشيار زيباري أحد المسؤولين الكبار في الحزب الديمقراطي الكردستاني: «هناك اعتراف بأن العراقيين يجب أن يتمتعوا بسلطة أكبر. هناك قدر من الابتعاد عن الخطة الأساسية لكن لم يتَّخذ بعد أي قرار».

وأدى قرار بريمر الذي اتخذه الشهر الماضي إلى ردود فعل غاضبة من قبل التنظيمات السياسية السبع التي تتضمن تنظيمين شيعيين. والغى ذلك القرار قرارا سابقا كان يقضي بعقد مؤتمر عراقي يتم من خلاله انتخاب حكومة مؤقتة وتقرر بدلا من ذلك تعيين مجلس من 25 إلى 30 عراقيا لتقديم المشورة للإدارة التي تسيِّرها الولايات المتحدة. وأهم تنازل قدمه بريمر اول من امس هو حق المجلس في تعيين وزراء للحكومة المؤقتة. كذلك سينشئ المجلس لجانا خاصة لمراجعة البرامج التعليمية والسياسة النفطية وهذه اللجان حسبما ذكر مسؤول أميركي خلال مؤتمر صحافي ستعطي المجلس «دورا مهما في صياغة القرارات».

وسيمنح المقترح الجديد المجلس على الأقل سلطة لتحمل مسؤولية السياسة الخارجية العراقية وسيحضر ممثلوها الاجتماعات الدولية ويعملون كمبعوثين لدى الحكومات الأجنبية. وقال المسؤول الأميركي: «لن يكونوا سفراء لدولة العراق لكنهم صوت للشعب العراقي خلال هذه المرحلة الانتقالية».

وقال بريمر إن حضور القادة العراقيين في اجتماع اول من امس يعكس رسالة الرئيس بوش الداعمة لعراق حر وديمقراطي وهو يتضمن التزاما بتشكيل حكومة تمثل الشعب العراقي. لكن المجلس الذي وافق على تشكيله المسؤولون الأميركيون والتنظيمات السياسية العراقية غير ممثل بشكل كاف للمجتمع العراقي وسيتم توسيعه ليشمل نساء وممثلين عن المسيحيين وزعماء العشائر. مع ذلك يظل المقترَح قادرا على منح سلطات قوى التحالف بقيادة الولايات المتحدة الكلمة الأخيرة حول التركيبة السياسية للمجلس الاستشاري حيث يعمل قادة التنظيمات السبعة كنواة له. الا ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق (شيعي) اكد امس انه لن ينضم الى مجلس سياسي مؤقت تتصوره قوات الاحتلال الاميركي والبريطاني ما لم يكن منتخبا وليس معينا بمعرفة بريمر. وقال حامد البياتي عضو المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق المدعوم من ايران «قلنا في الاجتماع اننا نريد مجلسا سياسيا منتخبا ومجلسا دستوريا منتخبا». واضاف «لن نشارك في ادارة يعينها السفير بريمر. هذا ايضا قرار اتخذته جميع الاحزاب السياسية السبعة». ولم يرفض أي من المنظمات الست الاخرى التي تتألف اساسا من منفيين سابقين من خصوم صدام خطة بريمر علانية التي تهدف الى تعيين مجلس مؤقت يساعد في ادارة العراق سوى انه يجب ان يكون منتخبا في مؤتمر قومي مثلما كان مقترحا من قبل. واشار البياتي الى ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق يمكن ان يقبل مجلسا معينا فقط في حالة ما اذا قامت الاحزاب العراقية وليس بريمر بتعيين اعضائه. وقال ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية سيبقي على الحوار مع الاميركيين. الى ذلك، قال مسؤول كبير في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني وهو احد الجماعات السبع ان الحزب ليس راضيا «بنسبة 100 في المائة» عن خطة بريمر. وامتنع عن الخوض في تفاصيل.

وقال جون سوارز ، وهو اكبر مسؤول بريطاني في «سلطة التحالف المؤقتة» التي تحكم العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة والذي اطاح صدام حسين، ان الاوضاع غير مواتية بعد لاجراء انتخابات في الفوضى التي اعقبت الحرب. واضاف، الجميع اعترفوا (في اجتماع الليلة قبل الماضية) بأنه لا يوجد ببساطة مناخ في هذا البلد في الوقت الراهن لاجراء انتخابات ناجحة». ومضى يقول «لا توجد شروط اساسية معينة لاجراء انتخابات غير متوفرة في الوقت الراهن». وقال «لا يمكن ان نجري انتخابات اذا لم يكن لدينا اجماع وليس لدينا كشوف انتخابية». واضاف سوارز، ان العراقيين يحتاجون الى وقت لتنظيم الاوضاع السياسية لضمان الوصول الى تمثيل عادل. وقال ان الجماعات الوحيدة المنظمة الآن هي «البعثيون والاصوليون».

وتجري سلطة التحالف المؤقتة مشاورات مع كثير من العراقيين بشأن خطتها لتشكيل مجلس مؤقت يتألف من عدد يتراوح بين 25 و30 عضوا الشهر القادم له سلطة تعيين وزراء مؤقتين للمساعدة في ادارة شؤون البلاد. وقال سوارز ان الوزراء العراقيين سينقلون تدريجيا الى المجلس المؤقت. يأتي اولا وزير الشباب والرياضة. ويجب ان ينتظر وزيرا الداخلية والدفاع. وتتصور سلطة التحالف المؤقتة مجلسا دستوريا يتألف من 120 الى 150 عضوا يختار لجنة من 15 عضوا لاعداد دستور جديد. ويطرح النص في استفتاء عام قبل الانتخابات لاختيار حكومة عراقية ذات سيادة. وقال سوارز ان المشاركين اتفقوا على الاجتماع مرة اخرى خلال اسبوعين. وسيقوم معظمهم بدور في المجالس المؤقتة المتنوعة. وسينضم زعماء الاحزاب السبعة اما الى المجلس السياسي أو سيتم تمثيلهم فيه.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»