رئيس الكتلة البرلمانية لـ«العدالة والتنمية» الأصولي المغربي: الاستئصاليون موجودون في الحكومة وبعض الأجهزة والأحزاب

TT

يخضع حزب «العدالة والتنمية» المغربي (اصولي معارض) لحملة اعلامية شديدة منذ تفجيرات 16 مايو (ايار) في الدار البيضاء، فقد سعت بعض الاوساط السياسية والاعلامية الى تحميل هذا الحزب الذي ظل يوصف بـ«المعتدل» مسؤولية الاجواء التي ادت الى وقوع ما حدث. وجاء اعتقال احد الاعضاء المنتمين للحزب للاشتباه في تورطه في احداث الدار البيضاء، ليعطي الدليل المادي الذي كان ينقص خصوم ومنتقدي الحزب، الساعين الى الاجهاز عليه مستعملين منطق «الاستئصال» الذي سبق ان جربته الجارة الجزائر، مما اصبح يفرض طرح السؤال التالي بكل حدة: هل المغرب مقبل على تكرار تجربة الجزائر؟

ولمعرفة وجهة نظر الحزب الذي يخضع لحصار اعلامي رسمي التقت «الشرق الاوسط» مصطفى الرميد العضو البارز في حزب «العدالة والتنمية»، ورئيس فريقه في مجلس النواب، وكان معه الحوار التالي:

* كيف تصفون الحالة النفسية داخل الحزب في ظل الضغوط التي يتعرض لها منذ أحداث 16 مايو؟

ـ أؤكد لكم أننا نعيش بالفعل حالة ألم ناتجة عن الأحداث الإجرامية التي ضربت بلادنا بشكل أعمى، وأودت بأرواح الأبرياء، ومست جو الأمن والطمأنينة الذي كان ينعم به المغرب، خصوصا وأن هذه الأعمال الإرهابية دخيلة على ثقافة وسلوك الشعب المغربي، لكن ما آلمنا كثيرا هو ردود الفعل الظالمة، والحملة الممنهجة التي استهدفت حزب العدالة والتنمية. وتجاوزت حزبنا إلى كثير من مظاهر التدين ومؤسسات التدين، حيث لاحظنا أن مساجد عديدة أغلقت بأحياء في الدار البيضاء. ولاحظنا من يتحدث عن مسؤولية الخطباء والخطاب الديني فيما حصل، بل هناك من يحمل المسؤولية لعلاقة الدين بالدولة، إن الكثير من الاستئصاليين يحاولون تصفية حساباتهم الإيديولوجية والسياسية بالجملة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا، وعوض أن يقف المغاربة وقفة واحدة وتكون لهم كلمة واحدة ضد الإرهاب، نجد أن البعض هنا وهناك يستغل بشكل دنيء هذه الأحداث ويحاول توظيفها من أجل خدمة أهداف وضيعة.

نحن في حزب العدالة والتنمية ليس لدينا ما نخاف عليه، إذ كنا دائما على منهج الاعتدال وفي إطاره نقوم بواجبنا، دون أن يعني ذلك أننا نبرئ أنفسنا من أخطاء يمكن أن تكون قد ارتكبت بهذه المناسبة أو تلك. إننا حزب حريص دائما على القيام بالنقد الذاتي الضروري وكل حزب لا يقوم بهذا النقد بشكل منهجي هو حزب ميت، لكن خصومنا قاموا بالافتراء علينا للنيل من صورتنا لدى الشعب المغربي. وأؤكد أن الشعب المغربي واع بحقيقة ما يقال، ولم تنطل عليه حملة التشهير علينا، ومحاصرتنا إعلاميا، فالمغاربة بطبعهم يكرهون الظلم، ويرون في هذه الحملة ظلما في حق حزبنا، لذلك زاد تعاطفهم معنا خصوصا أنهم يعرفون أن هذه الحملة الضارية تقف وراءها بالأساس الحسابات الانتخابية وجهات استئصالية.

نحن لا يهمنا حزبنا فقط، وإنما تهمنا بلادنا التي نريد أن تنجح في هذا الاختبار الذي فرض عليها بمناسبة أحداث 16 مايو الأليمة.

* من تقصد بالاستئصاليين الذين قلت إنهم يقفون وراء هذه الحملة التي تستهدف حزبكم؟

ـ الاستئصاليون موجودون في مواقع متعددة، منهم من يوجد داخل الحكومة ومنهم من يوجد داخل بعض الأجهزة، ومنهم من يوجد في بعض الأحزاب والكثير منهم عبرعن نفسه بقوة في بعض وسائل الإعلام،إنهم أولئك الذين يحاولون الخلط بين الإرهاب، وبين كل ما يمت إلى الدين بصلة، ويخلطون بين الإرهابيين كمجموعة معزولة ومحدودة العدد وبين مؤسسة حزبية تعمل في إطار المشروعية وجماعات كانت على الدوام تحرم على نفسها العنف، إنهم أولئك الذين يحملون الخطاب الديني مسؤولية ما وقع، مع العلم أن هذا الخطاب كان دائما موجودا، وكان عليهم أن يتساءلوا لماذا في هذا الوقت بالذات وقع ما وقع، ليستنتجوا أن المشكلة تكمن في عوامل متعددة متداخلة لا يريدون الخوض فيها لأنهم لا يريدون أن يعرف الناس الحقيقة.

* هناك أصوات داخل الساحة السياسية تنادي بحل حزبكم بعد أن أقصي على مستوى الإعلام الرسمي، ألا تتخوفون من مثل هذه الأصوات؟

ـ لا تخيفنا إطلاقا مثل هذه الأصوات لأنها كانت دائما موجودة وستظل موجودة، لأنهم خصوم ضعفاء وغير ديمقراطيين، يريدون ديمقراطية على مقاسهم يزكون من يشاءون ويقصون من لا يشاطرهم مواقفهم اللائكية وهم على كل حال يبقون قلة لا قيمة ولا صدى لآرائهم داخل المجتمع المغربي.

نحن كنا وما زلنا ننهج منهجا وسطيا معتدلا، ونعمل من خلال المؤسسات، ونعمل من أجل المصالح العليا لبلادنا، ونعتبر أن صياح هؤلاء لا يمكن أن يؤثر على مسيرة حزبنا، وعلى كل حال فإن لنا الثقة في عاهل البلاد بحكم أنه حامي الحريات الفردية والجماعية، كما لنا الثقة في الشعب الذي احتضن حزبنا ومنحه المكانة التي يستحقها في الانتخابات السابقة، ولعل هذا هو الذي يثير حقد أولئك الاستئصاليين.

* ألا تخشى أن تؤثر الحملة على أداء حزبكم في الانتخابات المقبلة؟

ـ أؤكد لكم مرة أخرى أننا من الناحية الحزبية مرتاحون ازاء علاقاتنا بالناس، فعموم المواطنين واعون بحقيقة ما يدور، ولا يمكن أن تخترق قناعاتهم أكاذيب الاستئصاليين، إن ما يهمنا هو أن تتعامل بلادنا في مثل هذا الامتحان بالمنطق الديمقراطي الذي يعتمد أساسا منطق الحق والقانون، وبالتالي تخرج بلادنا بسرعة من هذه الأزمة التي نتمنى أن تكون عابرة، وألا تضيع جزءاً من كيانها بسبب الوشايات والضغوط التي يمارسها الاستئصاليون.

* عبارة «الاستئصاليون» والدعوات لحل حزب معترف به وممثل داخل البرلمان، كلها أشياء تحيلنا على التجربة الجزائرية، ألا تخشى أن يكرر المغرب تجربة جارته الجزائر؟

ـ كثير من العوامل التي كانت موجودة قبل اندلاع الأزمة الجزائرية متوفرة حاليا في بلادنا، و تنقصها فقط ردود الفعل التي اتخذها الإخوة الجزائريون داخل جبهة الإنقاذ. وكما ترى، نحن تعاملنا مع هذه الأزمة بالهدوء اللازم والحكمة المطلوبة، ننأى بأنفسنا الدخول مع الجهات الاستئصالية في احتكاكات أو مشادات وذلك بسبب ما نعطيه من أولوية لاستقرار بلادنا واستقرار مؤسساتها، ولذلك فمهما كان حجم انفعال الاستئصاليين، ومهما كان كيدهم ضدنا فلن نرد عليهم بالمثل. وأؤكد لك أنهم يقومون بالدعاية لحزبنا من حيث أرادوا الإساءة له وكل العقلاء حيوا هدوءنا وقدرتنا على ضبط النفس والدفع بالتي هي أحسن.

* نبرة الهدوء التي أصبحت تطغى على خطابكم الإعلامي وعلى تصريحاتكم، هناك من يفسرها بالخوف أو بالضعف الذي أصبح يحسه حزبكم بسبب اشتداد الحملة ضده؟

ـ نحن لا نخاف إلا الله، أبدا لن يرعبنا البشر، نحن مسؤولون ومتأكدون بأن دعوات الاستئصاليين لن يكون لها أي صدى فلماذا ننفعل إذا كان الانفعال سيؤدي إلى هز استقرار بلادنا ويؤثر على صورتها وأوضاعها. إن الأمر ليس حالة نفسية كما يتوهم البعض وإنما هو خيار اخترناه منذ اليوم الأول الذي قررنا فيه الانخراط في العمل السياسي المؤسساتي، لقد اخترنا أن نكون عنصر تنمية واستقرار وليس عنصر إثارة وبلبلة.

* مقابل هذا الهدوء في خطابكم الإعلامي لمسنا أيضا تراجعا على مستوى مواقفكم المبدئية فأنتم كنتم تعارضون المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب الذي تقدمت به الحكومة، وعشية وقوع الأحداث صوتم لصالح هذا القانون داخل البرلمان كما هو وبدون إبداء أدنى تحفظ، فما الذي جعل موقفكم ينقلب بهذه السرعة أمام قضية ليست ظرفية؟

- موقفنا من قانون مكافحة الإرهاب لم يتغير في العمق كنا ولا زلنا نعتقد بأن الترسانة القانونية الموجودة تغنينا عن هذا القانون، ولا أدل على ذلك أن البحث في الجرائم الإرهابية الأخيرة يتم في إطار المسطرة الجنائية الحالية، كما أن المحاكمة ستتم طبقا للقوانين الجاري العمل بها، ولن يشتكي القضاء من وجود فراغ في هذا الصدد كما أن الحكومة سبق أن تقدمت بتصريح للجنة المختصة في الأمم المتحدة بكون القوانين التي تتوفر عليها المملكة كافية.

إن موقفنا من قانون الإرهاب أخذ البعد السياسي على حساب البعد النصي، وقد أردنا بموقفنا هذا أن نوجه رسالتنا الأولى إلى الإرهابيين لنقول لهم اننا ضمن الصف الوطني الرافض للإرهاب، واننا نتجاوب مع مشاعر الشعب المغربي التي هزتها أحداث 16 مايو، وان تعبيرنا عن ذلك كان بهذا التصويت، الذي كان أول عمل سياسي وتشريعي نقوم به بعد هذه الأحداث المؤلمة، وهو أيضا رسالة إلى الاستئصاليين الذين يبتغون نهج الخلط. لقد أردنا أن نفوت عليهم الفرصة. إن قانون الإرهاب كان سيصادق عليه سواء صوتنا لفائدته أو ضده ، لكن كان الكثيرون سيتساءلون عن حقيقة موقفنا من الإرهاب، خصوصا وأن التصويت على القانون جاء بعد ثلاثة أيام من الأحداث الإرهابية، فلم نرد إذن أن نتيح لخصومنا أي مجال للخلط أو التشويش على مواقفنا. ومع ذلك فإننا لم نفوت على أنفسنا فرصة التصويت ضد بعض مقتضيات هذا القانون، التي تتسم بالإجحاف الشديد بحقوق الناس، وعلى سبيل المثال، مدة الحراسة النظرية التي حددت في 12 يوما.

* لكن لماذا لم تكتفوا فقط بالامتناع عن التصويت على هذا القانون كما فعل حزب اليسار الاشتراكي الموحد والكونفدرالية الديمقراطية للشغل؟

ـ لا أحد يهتم بموقف الهيئات الأخرى، ولا أحد استهدف الهيئات المذكورة بالتشويش والحصار والخلط لذلك لا قياس مع وجود الفارق.

* من خلال ما سبق ألاحظ أنك تضع الإرهابيين والاستئصاليين في كفتي ميزان واحد، أليس في هذا استفزاز لخصومكم؟

ـ إن خطر الاستئصاليين لا يقل عن خطر الإرهابيين، والمنطق الاستئصالي هو وجه آخر للإرهاب.

* في إطار التحريات المرتبطة بأحداث 16 مايو أحيل مسؤول محلي داخل حزبكم الى العدالة بتهمة الاشتباه في ارتباطه بهذه الأحداث، هل يمكن أن نعرف موقف حزبكم من مثل هذه المواقف التي قد تجره إلى ساحة الاتهام بسبب عناصر تنتمي له قد يكون لها ضلع من قريب أوبعيد بما وقع؟

ـ يوم السبت الماضي اتصل بي صحافي من وكالة الأنباء الفرنسية يستفسرني في الموضوع، إنني أتساءل كيف يكون عضو من حزبنا قد تعرض للاعتقال ووصل خبره إلى وكالة الصحافة الفرنسية في وقت كان جميع المسؤولين الحزبيين لا علم لهم بذلك؟ وأتساءل من أخبر هذه الوكالة وغيرها بهذه الواقعة في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن البحث التمهيدي في مثل هذه الأحوال يكتسي طابع السرية؟ ولماذا قام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في الدار البيضاء بذكر الانتماء الحزبي لهذا الشخص في الوقت الذي يعرف المتخصصون أنه لا حق له في ذلك.

* لمن توجه هذه الأسئلة؟

ـ أوجه هذه الأسئلة لمن يهمه الأمر، وأؤكد أننا قمنا بالبحث عن هذا الشخص، وصدر بيان عن المكتب الإقليمي للحزب في مدينة القنيطرة (شمال الرباط، ومكان اعتقال العضو الحزبي) يشير إلى أن هذا الشخص معروف لدى الناس باستقامته وليس هناك ما يثير الشكوك في تصرفاته وأنشطته، وحزبنا ليس بمقدوره الآن أن يتخذ أي موقف أو يصدر أي تعليق، سنترك الأمر للتحقيق الجاري وما يصدرعنه، والأصل في الناس البراءة، وهذه البراءة لا ترفع إلا بحكم قضائي في إطار محاكمة عادلة. ونحن نشدد أنه عندما يثبت وجود علاقة لأي عضو من حزبنا بأي جهة إرهابية، أو نلمس في عضو تعاطفا مع الإرهابيين فموقفنا سيكون صارما إزاءه لأننا لا نقبل الخلط فالحلال بين والحرام بين.

* عرف حزبكم بدفاعه قضائيا واعلاميا عن أشخاص يوجدون الآن رهن الاعتقال في قضايا ذات علاقة مباشرة أو قريبة من أحداث 16 مايو ألا تخشى أن تستعمل مثل هذه المواقف لتوريط الحزب أو بعض من قياداته في الأحداث الجارية؟

ـ أذكركم بأن وزير العدل الحالي (محمد بوزوبع) كان مؤازرا في بداية السبعينات لبعض الانقلابيين في أحداث الطائرة الملكية، كما أذكركم بأن عبد الرحيم بوعبيد (الزعيم الراحل لحزب الاتحاد الاشتراكي) و محمد بوستة (الأمين العام السابق لحزب الاستقلال) كانا ينوبان في قضايا المنظمة «إلى الأمام» (منظمة ماركسية ـ لينينية محظورة).

موضوع الدفاع موضوع مقدس لا يمكن خلطه بالمواقف السياسية إذ الأصل في الناس هو البراءة، ومن حق كل من يعتقد البراءة في شخص أن يدافع عنه أمام القضاء والكلمة الأخيرة للعدالة. أنا شخصيا دافعت عن شاب في قضية «القاعدة» (الخلية النائمة في المغرب)، لأني اعتبرت أنه بريء وما زلت أؤمن ببراءته، وحتى عندما صدر الحكم في هذه القضية قلت بأنه كان «مقبولا» على الإجمال، أما حضوري مع حسن الكتاني، وأبي حفص أمام قاضي التحقيق فقد جاء تلبية لطلب الدكتور عبد الكريم الخطيب زعيم حزبنا، وذلك بحكم علاقته بوالد وأسرة الكتاني. إن دفاعنا عما نعتبره حقاً، وكما تعلم فالكتاني وأبي حفص أعلنا في بيان لهما من داخل السجن عن إدانتهما لهذه العمليات. وكنت سأسحب نيابتي عنهما لو لم يفعلا ذلك، فأنا لا أدافع عن الإرهاب وإنما أدافع عن آراء، والتعبير عن الرأي حق يضمنه الدستور لكل مواطن على أن لا يمس المقدسات الدينية والثوابت الوطنية وعلينا جميعا أن ندافع عن حق الآخر في التعبير المسؤول، وأن ندافع عنه عندما يصبح موضع مساءلة. أما عندما يخرج التعبير المسؤول ويتحول إلى عمل دموي إجرامي فنحن سنقف بكل قوة ضده كما فعلنا بل إننا مستعدون للتعاون مع الجهات المسؤولة لمحاربة الإجرام كيفما كان نوعه ومهما كلفنا ذلك من ثمن.

* كيف تلقيتم تصريحات الدكتور عبد الكريم الخطيب، التي يصفك فيها بـ«العنصر المشاغب»؟

ـ هو وصفني بالمندفع، وهذا الوصف جاء على خلفية موقفي من جمعية «اليقظة والفضيلة»، التي سبق أن قال الأخ محمد خليدي (رئيس الجمعية) إنها جمعية موازية للحزب فقلت لا يمكن أن تكون هناك جمعية موازية للحزب غير مؤسسة على أساس قرار حزبي، وكما تذكرون فإن الدكتور الخطيب الذي حضر الاجتماع التأسيسي لهذه الجمعية، قد يكون اعتبر هذا التصريح تجاوزا في حقه، ولقد اعتذر الدكتور الخطيب لي عن ذلك اعتذارا أخجلني.

وأؤكد أن الموضوع الآن أصبح متجاوزا بالنسبة لنا،والدكتور الخطيب سيظل بالنسبة لنا بمثابة الأب فليقل ما شاء ومتى شاء في شخصي.وهذا أيضا هو رأي الدكتور أحمد الريسوني (رئيس حركة التوحيد والإصلاح) الذي وصفه الخطيب في نفس الحوار الصحافي بوصف غير لائق، فقد جمعتنا وباقي قيادات الحزب جلسات أخوية جماعية بعد صدور تلك التصريحات وما يجمع بيننا اليوم هو المودة والاحترام المتبادل.

* بعيدا عن العلاقات الإنسانية كيف تفسر تأسيس جمعية رديفة إن لم تكن موازية لـ«حركة التوحيد والإصلاح» تحت مظلة الحزب نفسه، ألا تعتقد أن الدكتور الخطيب وأعضاء حزبه القديم أصبحوا يشعرون بأن قيادات «التوحيد والإصلاح» باتت تتجاوزهم في مواقفها؟

ـ منذ اليوم الأول الذي فتح فيه الدكتور الخطيب حزبه لحركة «التوحيد والإصلاح» كان يعرف أن عدد المنتمين لحزبه آنذاك قلة قليلة، وأنه يفتح حزبه لحركة يعد أعضاءها بالآلاف المؤلفة، ومن طبيعة تطور الأمور أن يصبح أعضاء حركة «التوحيد والإصلاح» المؤطرين لا أقول الوحيدين ولكن الأساسيين داخل حزب «العدالة والتنمية». ولا شك أن هذا يريح الدكتور الخطيب عندما يرى أن حزبه أصبح حزبا أساسيا في البلاد، لكن لديه مؤاخذات ما فتئ ينبه إليها، وهي أن الحزب يبدو وكأنه مغلق على أعضاء حركة «التوحيد والإصلاح»، لكني أؤكد أن قرارا من هذا النوع غير موجود على الإطلاق، فالحزب إطار سياسي لكافة المغاربة، وبموزاته حركة «التوحيد والإصلاح» التي تعنى بالدعوة والتربية والتكوين. لا أنفي وجود ممارسات نابعة عن بعض الأعضاء لا علاقة لها بحركة التوحيد والإصلاح، بالإضافة إلى بعض المعلومات المضخمة والخاطئة التي تصل إلى الدكتور الخطيب. نحن لا نرفض وجود حركة «اليقظة والفضيلة»، فالدستور والقانون يخول الحق لكل واحد تأسيس الجمعية التي ينتظم داخلها، لكن حينما توصف هذه الجمعية بأنها موازية للحزب أو رديفة له أو بأية عبارة تفيد بأن لها علاقة بالحزب، فردي واضح، لا شيء من هذا يمكن أن يكون لأن هذا الموضوع لم يتم تداوله داخل الحزب، ولذلك فهو لا يهم الحزب في شيء.

* على إثر أحداث 16 مايو اتخذت بعض المؤسسات العمومية والخاصة إجراءات تمس حرية الأشخاص، كمنع النساء المنتسبات لهذه المؤسسات من حمل الحجاب. وفي المقابل نلاحظ سكوتكم على غير عادتكم على مثل هذه التصرفات، كيف تفسر ذلك؟

ـ مثل هذه الممارسات يجب أن يستنكرها الجميع ولا أفهم كيف تصمت الجمعيات النسائية المدافعة عن حرية المرأة عن مثل هذه الممارسات التي تضرب حرية المرأة في الصميم، وهذه السلوكات ليست موجهة ضدنا نحن فقط وإنما ضد حق كل امرأة ملتزمة بأن تلبس اللباس الذي يتماشى مع عقيدتها، بل وحق المرأة في ممارسة حريتها، وعلى الجميع أن يستنكرها. ونتمنى أن لا يعمد بعض المسؤولين في بعض المؤسسات العمومية أو الخاصة إلى مثل هذه السلوكات التي تسيء إلى الإسلام وإلى حقوق الإنسان دون ميز بين جميع المواطنين لا فرق في ذلك بين الرجال والنساء.

* لوحت بمقاطعة حزبكم للانتخابات في حال اشتداد الحملة التي يتعرض لها الآن، إلى أي حد ترى أن مثل هذا التلويح قد يكون رد فعلكم الأخير على ما يتعرض له حزبكم من مضايقات؟

ـ إن مقاطعة الانتخابات هو قرار حزبي يتخذه المجلس الوطني للحزب غير أنني أبديت كما أبدى الأخ الدكتور سعد الدين العثماني نائب الأمين العام للحزب تحفظنا على المشاركة في الانتخابات المقبلة في ظروف مطبوعة بالإقصاء والاتهامات الظالمة.