إسرائيل تتعهد لواشنطن بعدم التصعيد مع الفلسطينيين وتبدأ عملية إخلاء 10 ـ 15 مستعمرة يهودية

تل أبيب تعطي الفلسطينيين مهلة لمعالجة الموضوع الأمني وتبقي مدتها سرا

TT

ردت الحكومة الاسرائيلية بالايجاب على الطلب الاميركي واعلنت انها ستمتنع عن المساهمة في التصعيد الحربي ولن ترد على العمليات المسلحة التي تقوم بها التنظيمات الفلسطينية، لكنها رفضت التعهد بأن تستمر في هذا الموقف من دون تحديد زمني. ومنحت للحكومة الفلسطينية، برئاسة محمود عباس (ابو مازن)، مهلة حتى تعالج الموضوع وتوقف العمليات.

ورفض وزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز، القول اذا كانت هذه المهلة ستطول اسبوعا او شهرا او سنة. وقال «ان هذا قرار اسرائيلي داخلي، والمدة المقررة سرية. فاذا اقتنعنا ان القيادة الفلسطينية الجديدة جادة في مكافحة الارهاب بشكل جذري، اي بما في ذلك تفكيك التنظيمات المسلحة وجمع السلاح غير الشرعي، فان المدة ستطول. ولكن اذا لاحظنا تقاعسا في هذه المهمة فسنأخذ امورنا بيدنا من جديد، ونعالج الامر بانفسنا».

وكان موفاز يعقب على العمليات الثلاث التي وقعت في الاول من امس، والتي قتل فيها خمسة جنود (4 في قطاع غزة وخامس في الضفة الغربية) وجرح خمسة آخرون من جراء عمليات فدائية شارك فيها ممثلو ثلاثة تنظيمات عسكرية هي: كتائب عز الدين القسام (حماس) وكتائب شهداء الاقصى (فتح) وكتائب القدس (الجهاد الاسلامي). وقد اعتادت اسرائيل على الرد على عمليات كهذه بقسوة، بعمليات اجتياح وبقصف وغارات جوية هستيرية، خصوصا عندما تكون العمليات الفلسطينية موجهة ضد الجيش. فهذا النوع من العمليات يمس في هيبة جيش الاحتلال امام العالم ويذكر بان هناك احتلالا ومقاومة، على عكس العمليات ضد المدنيين الاسرائيليين، التي يحاولون استغلالها ضد الفلسطينيين باعتبارها ارهابا ضد المدنيين.

وقد بدا واضحا ان العمليات الاخيرة، وخصوصا تلك التي وقعت على حاجز «ايرز»، تثير غيظ قيادة الجيش الاسرائيلي. اذ ان منفذيها الثلاثة نجحوا في اختراق كل الحواجز والاحتياطات الامنية. واعتلوا سوراً عالياً داخل قاعدة عسكرية، واحتلوا موقع مراقبة، واقتحموا مسكن ومكاتب الجنود في القاعدة وقتلوا اربعة جنود واصابوا اربعة آخرين بجراح قبل ان يتمكنوا من الرد وتصفيتهم. ومع ان قائد لواء الجنوب العسكري اشاد بتصرف جنوده، الا ان تساؤلات عديدة قاسية طرحت على الساحة امس عن فشل الجيش، وعن ارتفاع مستوى اداء الفدائيين الفلسطينيين.

والمعروف ان الادارة الاميركية تدخلت فور انتشار النبأ عن هذه العملية وطلبت من اسرائيل ان لا ترد عليها بالتصعيد العسكري وان تواصل الاتصالات مع القيادة الفلسطينية وان تستمر في تنفيذ التزاماتها وتبدأ باخلاء المستوطنات «غير الشرعية» (التي بنيت من دون قرار حكومي). وكان شارون قد اعلن غير مرة انه لن يدير مفاوضات في ظل استمرار العمليات، ومع ذلك، اعلن للاميركيين موافقته على طلبهم. وراح ومساعدوه يقولون ان هذه العمليات موجهة ضد حكومتي شارون وابو مازن وضد المحادثات، حتى يوفروا غطاء يبرر قبولهم الموقف الاميركي.

يذكر ان القادة الاسرائيليين ما زالوا يفتحون باب التشكيك في حكومة ابو مازن وقدراتها. وقال مصدر سياسي كبير في القدس امس ان هذه الحكومة لم تثبت بعد انها جادة في العمل على تصفية الارهاب. وحتى الآن تكتفي بالاقوال.

من جهة ثانية، بدأت قوات الاحتلال الاسرائيلي عملية اخلاء المستعمرات اليهودية التي تعتبر غير شرعية (لانها اقيمت من دون قرار حكومي). وقبل ان تبدأ العملية، اجتمع وزير الدفاع، موفاز، امس، مع قادة المستعمرات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وطلب منهم ان لا يعارضوا هذه العملية. كما اجتمع معهم قائد لواء المركز في الجيش الاسرائيلي وسلمهم لائحة من 15 مستعمرة كهذه (من مجموع 200 مستعمرة صغيرة من هذا الطراز) وابلغهم انه سيقوم باخلائها. وطلب منهم ان يتعاونوا معه على اخلائها من دون مقاومة. فقال المستوطنون انهم لن يتعاونوا معه وانهم سيقاومون الاخلاء بأجسادهم. لكنهم لن يحاولوا الاعتداء على الجنود.

وتبين ان 13 مستعمرة كهذه ( من مجموع 15) هي مجرد ابنية فارغة، والمستوطنات المأهولة لم يقتربوا منها بعد. ومع ذلك، فان الجيش يقوم باخلائها بعمليات عسكرية كبرى.

وكشف قائد احدى المستعمرات ان حكومة شارون كانت قد وعدتهم بان تصبح مستعمرتهم هذه قانونية وثابتة، ومنحتهم وثائق رسمية بهذا الخصوص، ولذلك ـ كما قال ـ فانه ورفاقه يستغربون ما الذي يحدث للحكومة ولشارون: «انني اعرف شارون كيف كان في المعارضة يقول: مقابل كل جندي يقتل يجب ان يفتح مستوطنة جديدة. والآن، مقابل قتل خمسة جنود يخلي 15 مستوطنة. انه يخضع للارهاب ويخضع لضغوط الاميركيين». وقال قائد لاخلاء لمجلس المستوطنات ان رجاله لن يقاوموا الاخلاء بقوة، ولكن مقابل كل مستوطنة يتم اخلاؤها الآن، سوف يقيمون عشر مستوطنات بدلا منها.

وعلم ان الجيش يخطط لاخلاء 10 ـ 15 مستوطنة هذه الليلة (الاثنين ـ الثلاثاء). وسيستريح (!) قليلا ثم يستأنف اخلاء المزيد. وكان شارون قد اتاح اخلاء 63 مستوطنة فقط من مجموع حوالي 200 مستوطنة مؤقتة.