مسؤولون أميركيون: حرب العراق تكلفت أقل من مبلغ 62 مليار دولار المرصود لها مسبقا

خبراء يتوقعون: إعادة إعمار العراق تتكلف 30 مليار دولار سنويا وعمليات حفظ السلام 20 مليار دولار سنويا

TT

لم تستغرق الحرب الاخيرة في العراق وقتاً طويلاً ولم تستخدم القوات الاميركية خلالها عدداً كبيراً من الصواريخ، كما ان عدد آبار النفط التي اضرمت القوات العراقية فيها النيران كانت اقل من المتوقع، فضلا عن ان النزاع لم يسفر عن نزوح أعداد كبيرة من اللاجئين، وبالتالي فان تكلفة الحرب كانت اقل مما كان متوقعا.

وهذا يعني ان الرئيس الاميركي جورج بوش لن يضطر الى التوجه الى الكونغرس طالبا المصادقة على ميزانية اضافية بشأن العراق، وهي خطوة يتوقع مراقبون ان تثير الجدل مجددا حول الحرب نفسها.

لا يتوقع ان يتم الانتهاء من اعداد التكلفة الكاملة للحرب في وقت قريب، اذ يتوقع ان تستغرق هذه العملية فترة شهور، بيد ان مسؤولين بارزين في الادارة الاميركية اشاروا الى ان تكلفة نشر القوات والعمليات القتالية ستكون اقل من مبلغ 62.6 مليار دولار التي صادق عليها الكونغرس في مارس (آذار) الماضي كميزانية طوارئ لـ«عملية تحرير العراق». وهذه هي المرة الاولى التي يشير فيها مسؤولون اميركيون الى تقديرات حول التكلفة المالية للحرب في العراق.

وطبقا للتقديرات فان كل دافع ضرائب اميركي سيتحمل مبلغ 215 دولاراً، علما بأن تكلفة حرب الخليج السابقة عام 1991 وصلت الى 76.1 مليار دولار، طبقا لقيمة الدولار الحالية. وفيما تحملت دول اخرى نسبة 80 في المائة من تكلفة تلك الحرب، فان الولايات المتحدة ستتحمل غالبية نفقات الحرب الاخيرة.

وقال ميتش دانيالز خلال لقاء اجري معه الاسبوع الماضي قبل مغادرته الموقع الذي شغله على مدى عامين في الادارة الاميركية كمدير للميزانية، ان الخطة المالية للحرب كانت ناجحة تقريبا مثل الخطة العسكرية، مؤكداً ان التخطيط بصورة عامة كان متميزاً.

وفيما يتعلق بالاسباب التي ساعدت على تقليل تكلفة الحرب الاخيرة، فان ميزانية الحرب التي تقدمت بها الادارة الاميركية كانت قائمة على اساس عمليات حشد القوات ثم فترة شهر من القتال والقصف تتبعها عدة شهور من المناوشات، الا ان المسؤولين قالوا ان الحرب استمرت 26 يوما ابتداء من اطلاق اول صاروخ في 19 مارس الماضي حتى منتصف ابريل (نيسان) عندما التقى قادة سياسيون ودينيون عراقيون مسؤولين اميركيين بشأن تشكيل حكومة عراقية انتقالية.

وقلل الاستخدام المحدود نسبياً للاسلحة ذات التقنية العالية، كثيرا من تكلفة الحرب، ففيما كان متوقعا ان تطلق القوات العراقية حوالي 200 صاروخ «باتريوت» مضادة للصواريخ، كان عدد الصواريخ المضادة المستخدمة اقل من 26، علما بأن تكلفة الصاروخ الواحد من طراز «باتريوت» تصل الى 2.3 مليون دولار.

وقدر مخططو الحرب ان تبلغ تكلفة اطفاء حرائق آبار النفط التي كان من المتوقع ان تضرم القوات العراقية النار فيها حوالي 489 مليون دولار، اذ توقع المخططون ان تشعل القوات العراقية النار في 500 بئر نفط على الاقل، الا ان عدد الآبار التي اضرمت النيران فيها كان اقل من عشر فقط، وبذلك كانت تكلفة اطفائها وصيانتها اقل من 5 ملايين دولار.

ووضع المخططون تقديرا وصل الى 593 مليون دولار لتوفير الرعاية اللازمة لحوالي مليوني لاجئ، الا ان هذه المشكلة امكن تجنبها بسبب عدم اندلاع قتال مدن واسع مثلما كان متوقعا. فعدد اللاجئين قدر بأقل من 100 الف، كما خصص مبلغ 200 مليون دولار للامدادات الغذائية الطارئة، بيد ان الحرب لم تسفر عن حدوث نقص حاد في الاغذية.

وطبقا للخطط التي وضعت قبل الحرب، كان مقررا ان تظل القوات الاميركية في العراق فترة اطول. ودعا المخططون لتوجه 400 الف جندي وضابط الى المنطقة، يعاد معظمهم في غضون ستة شهور. وقدرت تكلفة نقل وابقاء ثم اعادة القوات بحوالي 30 مليار دولار. الا ان عدد القوات الاميركية التي ستبقى في العراق الى اجل غير مسمى يقدر بحوالي 160 الف جندي، مما يعني ارجاء تكلفة اعادتهم الى الولايات المتحدة.

تجدر الاشارة الى ان دانيالز ومسؤولين آخرين في البيت الابيض ووزارة الخزانة والدفاع (البنتاغون) رفضوا اعطاء تقديرات لتكلفة المناوشات خلال مرحلة ما بعد الحرب وعمليات حفظ السلام واعادة البناء في العراق مما ادى الى بروز شكاوى من اعضاء في الكونغرس وجهات اخرى.

وقال مسؤول بمركز تقييم الميزانية، وهو عبارة عن مركز ابحاث خاص، ان تكلفة عمليات حفظ السلام على مدى خمس سنوات في العراق ربما تتجاوز 100 مليار دولار، فيما قدر المركز تكلفة اعادة بناء العراق بحوالي 30 مليار دولار سنوياً.

* خدمة «يو. اس. ايه. توداي» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»