«وحدة المهمات رقم 20» الأميركية فشلت في العثور على أسلحة الدمار ونجحت في اعتقال «الدكتورة جراثيم» وإنقاذ المجندة لينش

TT

لم تتمكن الوحدة التابعة للقوات الأميركية الخاصة من العثور على أية أسلحة دمار شامل رغم أنها بدأت عملياتها السرية داخل العراق منذ مارس (آذار) الماضي أي قبل الحرب، حسبما قالت مصادر استخباراتية في بغداد وواشنطن. وتعتبر عمليات وموقع «وحدة المهمات رقم 20» التي تعرف باسم «دلتا فورس» من الامور السرية . وظلت الوحدة تبعث بتقاريرها لدائرة ضيقة من المخططين وصانعي السياسات في واشنطن وظلت في هذه التقارير تؤكد على احتمال وجود أسلحة دمار شامل داخل العراق، مما عزز من تفاؤل الرئيس جورج بوش ومستشاريه لشؤون الأمن القومي بأنه سيتم في النهاية العثور على أسلحة محظورة دوليا. ولكن حتى الآن لم تتحقق التوقعات حسبما تقول المصادر العسكرية والاستخباراتية. بل حتى المتشككين بنجاح «وحدة المهمات رقم 20» يتحدثون بإعجاب عن مهمات أخرى تمكنت من إنجازها. فهذا الفريق تمكن من القبض على الزعيم الفلسطيني محمد عباس في بغداد في منتصف أبريل (نيسان) والعالمتين العراقيتين اللتين تلقبان بـ«الدكتورة جراثيم» و«السيدة أنثراكس»، كذلك حاربت هذه الوحدة وراء الخطوط الخلفية بصلابة لمنع تخريب سد حديثة وإيقاع كوارث هائلة في العراق. كما قام رجال هذه الوحدة باسترجاع الأسيرة الأميركية جسيكا لينتش من مستشفى في مدنية الناصرية.

وكانت مهمة «الوحدة 20» الأساسية هي «مصادرة أو تدمير أو تعطيب أو مسك أو كشف أسلحة الدمار الشامل» حسب بيان صدر عن قوات العمليات الخاصة. ولهذا الغرض شنت غارات قبل بدء التقدم العسكري الأميركي والبريطاني وكان الهدف منها هو مصادرة مخابئ الأسلحة غير التقليدية وجمع مئات العينات من الأسلحة والقبض على علماء الأسلحة الكبار والقياديين في حزب البعث الذي يعتبَرون «ذوي قيمة عالية» وهؤلاء حاليا في قبضة الأميركيين. وأصبح دورها في البحث عن الأسلحة المحظورة أكثر أهمية حسبما قالت المصادر العسكرية والاستخباراتية من أي عمل علني تقوم به فرق البحث الأخرى. لكن هذه الوحدة لم تقترب أكثر من حل لغز الأسلحة المحظورة عن الفريق رقم 75 الذي كلِّف بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل بعد انتهاء الحرب لكنه لم يتمكن من كشف أي شيء مهم في هذا المجال. وتقول مصادر مقربة من «الوحدة 20» إن أعضاءها لم يجدوا أية أسلحة غير تقليدية أو صواريخ بعيدة المدى أو قطع من صواريخ أو أي عوامل كيماوية أو بيولوجية أو تكنولوجيا لها علاقة بتخصيب اليورانيوم. وظلت الإدارة الأميركية تردد أن الكثير من قطع غيار هذه الأسلحة هو جزء من ترسانة الأسلحة العراقية. وظل استيراد الأسلحة ممنوعا على العراق وفق العقوبات الدولية وبوش استخدم هذه النقطة كحجة أولية لخوض الحرب.

ولم تنشر وزارة الدفاع الأميركية بعد نتائج عمل «الوحدة 20» ومنها اكتشاف مخابئ للألغام البرية يرى المحللون الأميركيون أنها مصممة لنشر سوائل. ويعد اكتشاف الألغام الذي تم قبل 24 ساعة من بدء الحرب التي انطلقت في 20 مارس (آذار) أمرا مفاجئا. وتمكن فريق من الوحدة من اجتياح قاعدة عسكرية تقع في غرب العراق بالقرب من مدينة القائم لمنع إطلاق أي صواريخ سكود محملة بالعوامل الكيماوية كانت الاستخبارات الأميركية تشك بوجودها في ذلك الموقع. وعلى الرغم من ان الفريق قتل الحرس العراقيين الموجودين في ذلك الموقع فانه لم يجد أي صواريخ وبدلا من ذلك وجد الألغام في مخبأ قريب من القاعدة. وبعد إجراء التحليلات لعينات من الألغام في دائرة البحوث للدفاع البيولوجي في مدينة سيلفر سبرنغ بولاية ميريلاند وفي مختبرات سرية أخرى خارج الولايات المتحدة اقتنع المحللون الحكوميون بأن هذه الألغام كانت تحمل مادة "سم البوتلينوم" حسب مصدرين تحدثا شرط عدم كشف هويتيهما. لكن الألغام لا تُعتبر أسلحة هجومية، إضافة إلى أن هذه المادة داخل الألغام قد تدهورت كثيرا بحيث أصبح من الصعب الاتفاق على محتوياتها. وسبق لمفتشي الأسلحة الدوليين أن أصدروا تقريرا يقولون فيه إن العراق قد فكر بصنع ألغام بعوامل بيولوجية لكنه لا يمتلك ألغام مناسبة لملئها بعوامل الأسلحة البيولوجية. وقال أحد المسؤولين المعنيين بهذا الاكتشاف: «هناك حذر شديد في تجنب إصدار الأحكام. فهم حتى الآن لا يملكون ثقة كبيرة بأن أي شيء وجدوه يشكل الدليل القاطع».

وحتى وقت قريب كان تركيز القيادة العسكرية الاميركية في الخليج يتمحور حول البحث عن الأسلحة المحظورة في 87 موقعا شخصت بأنها أهم المواقع في قائمة البحث التي هيأتها الاستخبارات العسكرية. وتم تكليف 900 اختصاصي وتخصيص عشرات الملايين من الدولارات لهذه المهمة وأعلن المسؤولون عن هذا المسح الكبير أنهم يتوقعون من خلاله العثور على مخابئ كبيرة تضم أسلحة كيماوية وربما أسلحة أخرى في هذه المواقع. لكن كل هذه الجهود حسبما قال مسؤول كبير في مجلس الأمن القومي الأربعاء الماضي كانت «مضيعة للوقت».

والآن أصبح تركيز وزارة الدفاع الأميركية ليس على «المواقع بل على الناس»" كما قال أحد الضباط. وسبق لبعض المسؤولين أن قالوا إن العراقيين هم الذين سيقودون الولايات المتحدة للأسلحة المخفية، ولكن أصبح واضحا الآن من تجربة «الوحدة 20» أن وزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات قد وضعت هذا المبدأ موضع الاختبار لمدة 100 يوم. ومن الممكن حسبما يؤكد بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية «استخدام» الملفات والمسؤولين العراقيين المحتجزين حاليا ولعل ذلك سيحقق نتائج حاسمة. وقال مسؤول حكومي كبير إن «أولئك الذين ينفون وجود أسلحة سيكونون في وضع محرج خلال أسابيع أو أشهر حينما تظهر المواد إلى السطح.. نحن عثرنا على أشياء مهمة في طريقها للعلن» لكنه تجنب ذكر طبيعتها. لكن المطلعين على عمليات «الوحدة 20» يقولون إنه ليس هناك دليل قاطع وإن معظم المهام الناجحة التي قامت بها الوحدة من مصادرة ملفات واعتقال علماء ومسؤولين كبار هي «عينات ساخنة» للعامل القاتل ووقعت في بداية الحرب.

ويقوم خبراء الاستخبارات العاملون مع «الوحدة 20» في مقرها بمطار بغداد حيث يقيم أكثر المعتقلين العراقيين المهمين باستجواب المسؤولين الكبار عن برنامج الأسلحة بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الاستخبارات العسكرية. لكن المسؤولين العراقيين الكبار عن برامج الأسلحة غير التقليدية، ومنهم الدكتورة رحاب طه رشيد وهدى صالح مهدي عماش، لم يكشفوا عن أي شيء. وقال مسؤول في مجال الأمن القومي إن «معظم المسؤولين الكبار المعتقلين لم يقولوا سوى القليل. فما يقولونه هو: «انني لست قريبا جدا من صدام وإنني لا أعرف أي شيء عن أسلحة الدمار الشامل». واضاف المسؤول «كل شيء يبدو منسقا».

*خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»