السلطات الفرنسية تداهم مقرات «مجاهدين خلق» الإيرانية وتعتقل مريم رجوي والعشرات من كبار قادة الحركة

وزير الداخلية الفرنسي يتهم الحركة بالسعي إلى تحويل بلاده إلى «قاعدة خلفية» لعملياتها

TT

أنزلت الاجهزة الامنية الفرنسية امس ضربة قاصمة بمنظمة مجاهدين خلق وبالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية الذي يرأسه زعيم «مجاهدين خلق» مسعود رجوي. ونجحت قوات الامن الفرنسية في اعتقال 167 ايرانياً، بينهم مريم رجوي، زوجة مسعود وأخوه صالح والعشرات من كبار كوادر التنظيم.

وعثرت الاجهزة الفرنسية، التي تدخلت في اطار تحقيق قضائي وامر من القاضي المتخصص في شؤون الارهاب جان ـ لوي بروغيير، على كميات كبيرة من الوثائق ومعدات الاتصال والكومبيوترات ناهيك من 1.3 مليون دولار، مخبأة في احدى الفيلات الواقعة في قرية اوفير ـ سور رواز، على بعد عدة كيلومترات، شمال العاصمة باريس.

واستهدفت القوات الامنية الفرنسية 13 موقعاً سكنياً، ابتداء من فجر امس، فيما جندت لها وزارة الداخلية 1300 رجل من عدة اجهزة متخصصة اهمها جهاز الرقابة على الاراضي، اي جهاز مكافحة التجسس والشرطة العدلية وفرق التدخل التابعة للوزارة.

وقال نيكولا ساركوزي وزير الداخلية الفرنسي امس ان «مجاهدين خلق» كانوا يريدون «اقامة قاعدتهم الخلفية في فرنسا»، وشدد على انه «لا يمكن لفرنسا القبول بذلك».

وافادت مصادر فرنسية امنية رسمية ان عملية يوم امس جاءت بعد ثلاث سنوات من البحث والاستقصاء قامت بها الاجهزة المعنية. غير ان مرد التوقيت كما قالت هذه المصادر، يعود الى «المخاوف الكبيرة» من تدفق اعداد متزايدة من «مجاهدين خلق» ومن تحول فرنسا الى قاعدة تجذب مقاتلي هذه الحركة بعد سقوط النظام العراقي الذي كانت متحالفة معه.

واكدت الاوساط الرسمية الفرنسية وجود تدفق من «مجاهدين خلق» ليس الى فرنسا فحسب وانما الى عدة دول اوروبية مجاورة ايضا. وبحسب وزارة الداخلية الفرنسية، فان مجموعة الفيلات التي كان يشغلها المجلس الوطني للمقاومة الايرانية والتي تعود حقيقة الى «مجاهدين خلق» قد تحولت مع الوقت الى «المقر العام العالمي والعملاني» لهذا التنظيم، الموجود على الاراضي الفرنسية منذ ما يزيد على 20 عاماً.

وأفاد مصدر امني فرنسي ان الفيلا التي كانت تشغلها مريم رجوي كانت تحتوي على تجهيزات ارسال وانه كان يعمل بها ما بين 25 الى ثلاثين شخصاً، يحضرون برامج بالفارسية موجهة الى ايران عبر الاقمار الصناعية وتستخدم لذلك عشر موجات اذاعية مختلفة. وكانت عمليات الدهم والاعتقال بدأت في الساعة السادسة صباحاً وانصبت خصوصاً على محلة اونير ـ سور رواز التي كان يسكن فيها مسعود رجوي قبل ترحيله الى العراق عام 1986.

وسارع ناطق باسم المجلس الوطني للثورة الايرانية، من لندن، الى ادانة العمليات الفرنسية التي وصفها بأنها «غير شرعية وغير مبررة لا اخلاقياً ولا سياسياً».

واعلن علي صفوي لوكالة «رويترز» ان ما حصل امس في فرنسا «نتيجة صفقة مشبوهة بين الاتحاد الاوروبي وبين الارهابيين الذين يحكمون في ايران».

ووصف صفوي الاتهامات الفرنسية بالارهاب بأنها «تثير الضحك».

وما لفت الانظار امس هو توقيت العملية. ذلك ان «مجاهدين خلق» لم تواجه تهم التحضير لأعمال ارهابية في فرنسا او حتى تهم الجباية غير المشروعة للأموال. بالاضافة الى ذلك، ثمة اتفاق غير مكتوب بين «مجاهدين خلق» وبين السلطة الفرنسية وذلك منذ عام 1987، اي منذ ان كان الرئيس شيراك رئيساً للحكومة ويقوم الاتفاق على امتناع مجاهدين خلق عن اية اعمال ارهابية او مخلة بالأمن على الاراضي الفرنسية مقابل السماح لها بالتواجد. وجاء هذا الاتفاق بعد ان قامت السلطات الفرنسية بطرد حوالي الف عنصر من «مجاهدين خلق» في اطار سياسة تطبيع العلاقات بين باريس وطهران. ومن بين الذين غادروا الاراضي الفرنسية مسعود رجوي الذي اختار اللجوء الى العراق.

وتعتقد الاجهزة الامنية الفرنسية ان «مجاهدين خلق» استخدموا الاموال التي عمدوا الى جبايتها لشراء اسلحة ومعدات وارسال محازبيهم الى العراق قبل العملية الاميركية التي اطاحت نظام صدام حسين.

ونفت الاوساط الفرنسية التي سألتها «الشرق الاوسط» عن وجود علاقة بين ما اصدره الاتحاد الاوروبي اول من امس من تحذير لايران ودعوتها الى التوقيع على البروتوكول الاضافي للوكالة الدولية للطاقة النووية الذي يعطي الوكالة حق القيام بعمليات تفتيش غير معلن عنها للمنشآت النووية الايرانية وبين ما قامت به قوى الامن الفرنسية.

ومنذ شهر مايو (ايار) من العام الماضي، وضعت منظمة «مجاهدين خلق» على اللائحة الاوروبية للمنظمات الارهابية، كما انها موجودة، منذ ما قبل ذلك، على اللائحة الاميركية. غير ان السؤال يكمن، تحديداً، في الاسباب التي دفعت السلطات الفرنسية المعنية الى انتظار اكثر من عام كامل حتى تتحرك ضد «مجاهدين خلق».

وجاء تحرك قوى الامن بناء على طلب قضائي وفي اطار تحقيق يعود الى عام 2001. وبانتظار ان توجه، رسمياً، التهم للموقوفين، فان اوساط التحقيق تفيد ان محازبي «مجاهدين خلق» سيسألون عن دورهم في عمليات ارهابية حصلت في ايران وتم التخطيط لها انطلاقاً من فرنسا.

ويمكن ان تفهم العملية الفرنسية ضد «مجاهدين خلق» على انها «هدية» للنظام الايراني الذي تشتد عليه الضغوط هذه الايام بسبب ما يظن من سعيه الى امتلاك السلاح النووي وبسبب ما تدعيه واشنطن من ان له دوراً في تحريك الوضع العراقي ضد الولايات المتحدة الاميركية ودعم «المنظمات الارهابية»، في اشارة الى حزب الله اللبناني و«حماس» الفلسطينية.