باول يجري مباحثات في إسرائيل الجمعة وتوقعات بإعلان هدنة مدتها 6 أشهر

رئيس المخابرات الإسرائيلية في واشنطن لمحاصرة حماس وتضارب حول احتمالات إطلاق البرغوثي

TT

أكدت اسرائيل رسميا امس، ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول سيصل اليها بعد غد الجمعة في اطار الجهود المبذولة لوقف اطلاق النار واعلان هدنة لمدة ستة اشهر.

وسيلتقي باول كلا من رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ورئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن). وتواصلت امس الاتصالات بين السلطة الفلسطينية وقادة «حماس» و«الجهاد الاسلامي» في هذا السبيل. وغادر وفد فلسطيني الى دمشق للقاء قادة «حماس» في الخارج، وتابع المبعوث الاميركي جون وولف، لقاءاته في السلطة الفلسطينية.

وعلى الرغم من الاجواء الايجابية المذكورة، كشف النقاب عن تنسيق اميركي ـ اسرائيلي بأعلى المستويات للبحث في مخطط لتصفية دور «حماس» سياسيا وعسكريا. إذ تبين ان رئيس المخابرات العامة الاسرائيلية (الشاباك)، آفي ديختر، يقوم بزيارة سرية الى واشنطن ليعرض تقريرا تفصيليا حول ما سمي بالارهاب الفلسطيني والخطة الافضل لمكافحته. ويشتمل التقرير على معلومات اسرائيلية تفصيلية حول تركيبة كل تنظيم فلسطيني مسلح وسبل عمله والقوى المؤثرة فيه، ومن هم القادة الفلسطينيون في السلطة الوطنية الذين يقيمون علاقات مع هذه التنظيمات، وما هو دور الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في دعمها. كما يقدم تقريرا هو بمثابة خطة عمل لتصفية الارهاب، عنوانها «لو كنت مكان دحلان»، والمقصود بها اعطاء الاميركيين فكرة حول الامكانيات المتوفرة لدى وزير شؤون الامن الداخلي في الحكومة الفلسطينية، محمد دحلان، لمكافحة الارهاب حتى يستطيعوا معرفة مدى جديته في هذه المهمة.

كما يوجد في واشنطن مدير مكتب شارون، المحامي دوف فايسغلاس، الذي يبحث في الاعتراضات الاسرائيلية على «خريطة الطريق» ويحاول ان يقنع البيت الابيض بحيوية قبول هذه الاعتراضات، «حتى لا تكون الهدنة مؤقتة ونفشل»، على حد قوله.

وقال مصدر اسرائيلي رفيع امس ان الادارة الاميركية تفهم الآن، ولأول مرة، كم هي خطورة «حماس» وما هي الابعاد الدولية لنشاطها المسلح وكم هي الطريق قصيرة الى انتقالها من النشاط الحالي ضد اسرائيل الى نشاط دولي ضد الولايات المتحدة ومصالحها الحيوية.

وفي لجنة داخلية للجنة الخارجية والامن في الكنيست (البرلمان) الاسرائيلي، عقدت امس، قال رئيس الاستخبارات العسكرية، اهرون زئيف ـ فركش، ان الولايات المتحدة تدرك اليوم جيدا ان السلطة الفلسطينية واجهزتها الامنية قادرة على مكافحة الارهاب. والدليل على ذلك انها تمكنت من فرض الهدوء التام في المنطقة طيلة مؤتمر شرم الشيخ وقمة العقبة قبل اسبوعين، «فاذا قصدت تستطيع تحقيق ذلك»، كما قال. واضاف ان الادارة الاميركية تشن ضغوطا مكثفة اليوم على مصر والاردن وسورية والسعودية، كي توضح للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ان «عليه ان يوقف دعمه وتشجيعه لمنفذي العمليات التفجيرية».

* جون وولف

* وكان رئيس طاقم المراقبين الاميركيين، جون وولف، قد واصل لقاءاته في السلطة الوطنية الفلسطينية، للتعرف على مواقفها من تطبيق «خريطة الطريق» ووقف عمليات «حماس». وقد اجتمع مع وزير الشؤون الامنية الداخلية في الحكومة، محمد دحلان، ورئيس الوزراء محمود عباس (ابو مازن)، وعدد آخر من الوزراء والمسؤولين. وقال لهم انه جاء لكي ينفذ رغبة الرئيس الاميركي جورج بوش في تحقيق الهدوء والامن في المنطقة، من اجل اتاحة الفرصة امام الطرفين، ان يحققا السلام لتشجيعهما.

لكن مصدرا اسرائيليا قال امس، ان وولف كان قد ابلغ شارون، خلال لقائهما اول من امس بأن مهمته الاساسية ستكون حماية امن اسرائيل ومنع اي مساس به ووقف التحريض عليها في الخطاب وفي الاعلام الفلسطيني.

* التنظيمات الفلسطينية

* وكانت السلطة الفلسطينية قد واصلت امس جهودها مع ممثلي 13 فصيلا فلسطينيا (وليس فقط «حماس»، كما يقال في الاعلام، من اجل التوصل الى هدنة. وبدأت تلوح في الافق امكانية ان تعلن هذه الفصائل موافقتها على الهدنة، في حال قبول اسرائيل بها. وانتشرت انباء تقول ان ممثلي هذه الفصائل سيجتمعون في القاهرة من اجل التوقيع على هذه الهدنة في غضون ايام قليلة.

وجاء من مصدر اسرائيلي ان الاتجاه السائد هو ان تعلن الفصائل الفلسطينية وقف النار من جانب واحد، وبعد ثلاثة او اربعة ايام تعلن اسرائيل ترحيبها بهذا التطور فتوافق على الهدنة.

ولهذا، غادر وفد برلماني فلسطيني يضم النائبين قدورة فارس واحمد غنيم، وكلاهما من حركة «فتح»، باتجاه دمشق للاجتماع مع قادة الفصائل الفلسطينية المعارضة وأخذ موافقتها على الهدنة.

ومن الشروط التي وضعتها الفصائل الفلسطينية الثلاثة عشر لقبول الهدنة: وقف تام للاغتيالات الاسرائيلية طيلة فترة الهدنة، الامتناع عن تنفيذ أية عمليات اجتياح، الانسحاب من قطاع غزة، ومن بيت لحم كبداية للانسحاب من بقية المناطق، وقف الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

وانتشرت انباء اخرى امس تحدثت عن شروط اخرى ايضا مثل: اطلاق سراح دفعة جديدة من الاسرى الفلسطينيين، بمن فيهم أمين سر حركة «فتح»، في الضفة الغربية، مروان البرغوثي، وضابط الامن الوقائي مساعد دحلان، سليمان ابو مطلق. وطرح المطلب نفسه محمد دحلان ايضا خلال لقائه مع جون وولف، كما طلب ان تتوقف اسرائيل عن مطاردة رئيس المخابرات، العميد توفيق الطيراوي، ونائب رئيس جهاز الامن الوقائي، رشيد ابو شباك.

وكانت اسرائيل قد رفضت ان يشارك ابو شباك في الاجتماع الامني الاخير، مساء اول من امس، فألغى الفلسطينيون الاجتماع كله، ولكن الاميركيين تدخلوا فتقرر ان يعقد الاجتماع في ساعة متأخرة من مساء امس.

يذكر ان الحديث عن اطلاق سراح البرغوثي احتل عناوين وسائل الاعلام امس، خصوصا بعد ان تبين ان الرئيس عرفات نفسه اتصل هاتفيا مع زوجة البرغوثي وقال لها انه يتوقع الافراج عن زوجها في غضون 24 ساعة. وقد ثارت ثائرة اسرائيل على هذا. وأصدر ناطق حكومي رسمي بيانا قال فيه ان لا صحة لهذا النبأ، وانه مجرد كذبة اعلامية ذات اهداف غريبة.

وقد اصدر المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية الياكيم روبنشتاين، بيانا امس، اكد فيه رفضه اطلاق سراح البرغوثي وقال: «هذا الرجل يعتبر اهم مهندسي العمليات الارهابية، ولا يجوز اطلاق سراحه او اصدار عفو عنه، لا من الناحية القانونية ولا الاخلاقية»، وهب عدد من الوزراء يتكلمون بالاسلوب نفسه.

وكان اول من تحدث عن اطلاق سراح البرغوثي صحافي اسرائيلي بارز، يدعى عوفر شلح، وهو من كتاب الافتتاحيات في «يديعوت احرونوت»، فقال ان على اسرائيل ان تقدم للفلسطينيين هدية مناسبة بمناسبة استئناف المفاوضات، فاذا وافقت واطلقت سراح البرغوثي ستجد انه سيقوم بعدة نشاطات لمصلحة الهدوء والامن.

* المصريون: ضوء أخضر

* من جهة ثانية، كشف النقاب عن بعض ما دار في الحوار ما بين المبعوث المصري، مصطفى البحيري، وبين رئيس حركة «حماس»، الشيخ احمد ياسين، خلال لقائهما اول من امس في غزة. فقد اوضح البحيري للشيخ ياسين ان اسرائيل وضعت لنفسها هدفا تصفية «حماس» وقادتها ودورها، وان الولايات المتحدة اعطتها الضوء الاخضر لكي تقوم بهذه المهمة، في حال فشل المفاوضات الجارية حاليا من اجل الهدنة، ولذلك فهو ينصح بقبول الهدنة، في سبيل حماية هذا التنظيم وقادته وعناصره.

وقد وافق ياسين على ان يفحص الطلب المصري في قيادة «حماس»، ولكن ليس قبل ان يقول انه لا يخاف التهديدات الاسرائيلية.

من جهة ثانية كشفت مصادر اميركية في القاهرة ان واشنطن طلبت من القاهرة اعادة المحاولة مرة اخرى مع الأطراف الفلسطينية من اجل التوصل الى صيغة مقبولة لاستئناف الحوار بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، بعد سلسلة من العنف والعنف المضاد بين الجانبين. واضافت المصادر ان الاتصال جاء عقب عودة الفريق الامني المصري من غزة اول من امس، حيث تركزت المباحثات على بحث سبل استئناف الحوار الفلسطيني والحصول على موافقة «حماس» بالتعهد على وقف اطلاق النار لاتاحة الفرصة للتفاوض.

ولمحت المصادر إلى ان اميركا تنظر في طلب باشراك أعضاء من «حماس» و«الجهاد»، ضمن وفد فلسطيني من اجل التوصل الى صيغة نهائية، وقد يضم الوفد عدداً من القيادات الفلسطينية المعروفة برفضها لخريطة طريق، وانها ستكون مفاجأة للشارع الفلسطيني والعربي على حد سواء، وهو ما سيعطي قوة للمفاوض الفلسطيني. وحسب ما قالته المصادر فان الترتيبات تصب في ميزان خالد مشعل ومروان البرغوثي بالاضافة الى قيادات من الجهاد، حيث تشهد الايام القليلة القادمة الافراج عن البرغوثي بعد ان أبدى نوعا من المرونة في التعامل مع القضايا موضع الخلاف واتصاله بعدد من القيادات الفلسطينية لحثها على الحوار.

وأضافت المصادر ان واشنطن اطلعت القاهرة على التعهدات التي حصل عليها رئيس الفريق الاميركي جون وولف من رئيس الوزراء ارييل شارون التي تقضي بقبوله الخطة المصرية، والتي تمهد الطريق لاعادة الحوار بين الجانبين بعد الوصول الى وقف اطلاق نار مؤقت لمدة تتراوح بين 4 الى ستة اشهر، مضيفا ان واشنطن تعهدت للقاهرة بدعم جهودها الرامية لاعادة الحوار الفلسطيني بالقاهرة أوغزة وانها ستنظر في جميع المطالب المصرية والخاصة باصدارها ما يشبه العفو العام عمن تعتبرهم واشنطن ارهابيين وعدم تعريض المنشآت الاقتصادية اللازمة لاستمرار الحياة للشعب الفلسطيني، وكذلك المدارس للتهديد. ولم يحدد المصدر موعد عقد الاجتماع بالقاهرة قائلا ان ذلك يرجع للحكومة المصرية وهو امر خاص بها.