معهد دولي: أميركا وراء ارتفاع الإنفاق العسكري العالمي إلى 794 مليار دولار سنويا

TT

استوكهولم ـ أ.ف.ب: افاد معهد استوكهولم الدولي لدراسات السلام امس ان الانفاق العسكري العالمي ارتفع بنسبة ستة في المائة عام 2002، مضيفاً ان ذلك يعود بشكل شبه كامل لزيادة المجهود العسكري الاميركي في ظل ادارة الرئيس جورج بوش الحالية.

وذكر المعهد في تقريره السنوي لعام 2002 انه بعد انخفاض على مدى عقد كامل في اعقاب الحرب الباردة، ارتفع الانفاق العسكري للعام الرابع على التوالي العام 2002 وهذه المرة بشكل كبير. وطبقا للتقديرات، فقد ارتفع الانفاق بنسبة ستة في المائة ليصل الى 794 مليار دولار مما يشكل 2.5 في المائة من اجمالي الناتج المحلي العالمي و128 دولارا للفرد.

وقال المعهد ان انفاق العالم على الاسلحة ازداد بنسبة 14 في المائة مقارنة مع عام 1998 الذي شهد ادنى مستوى له منذ انتهاء الحرب الباردة ولكن بانخفاض نسبته 16 في المائة مقارنة مع اعلى مستويات الانفاق العسكري في الحرب الباردة التي سجلت عام .1988 وساهمت الولايات المتحدة بثلاثة ارباع الزيادة تقريبا عام 2002 حيث ارتفع انفاقها العسكري بنسبة 10 في المائة في اعقاب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) .2001 واشار المعهد الى نية اميركية لزيادات كبيرة حتى عام 2009 باستثناء الحرب على العراق التي لم تدرج في ميزانيتي عامي 2003 و.2004 ورأى التقرير انه حسب سعر صرف العملات في السوق، فان انفاق الولايات المتحدة وحدها يشكل 43 في المائة من الانفاق العسكري العالمي.

وقال التقرير ان اكثر الدول التي انفقت في المجال العسكري هي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وفرنسا والصين، اذ شكلت 62 في المائة من الانفاق العسكري العالمي. واضاف ان الانفاق العسكري ما زال مستقرا في غرب اوروبا ويتوقع ان يشهد زيادة كبيرة في بريطانيا وفرنسا عام 2003 بينما سجل انخفاضا في البلقان حيث بدأ الوضع يعود الى طبيعته تدريجيا في المنطقة.

اما في افريقيا والشرق الاوسط فقد سجلت معظم الدول زيادات متواضعة باستثناء اسرائيل. واضاف المعهد انه فيما كانت الحرب على الارهاب عاملا هاما في زيادة الانفاق العسكري الاميركي، فان ذلك لا ينطبق على معظم الدول الاخرى، موضحا ان «الاسلحة الكبيرة ربما لا تكون هي اكثر الطرق فعالية لمكافحة الارهاب».

ومن ناحية اخرى، رأى معدو التقرير ان المجتمع الدولي اخفق في العمل بشكل جماعي لمواجهة خطر الارهاب الجديد رغم النقاش الحاد الذي اثارته هجمات سبتمبر. وجاء في التقرير ان الاخطار القاتلة التي يشكلها الارهاب والتي تواجهها الدول النامية لم تؤد الى ظهور روح جديدة من التعاون، مضيفاً ان «النقاش الامني الجديد الذي اثارته هجمات 11 سبتمبر لا يرقى الى مرتبة الحل». واضاف ان «الوعي المتزايد بالتهديدات القاتلة التي تواجه حتى المجتمعات الاكثر تطورا لم يؤد الى ظهور شعور جديد بمجتمع عالمي ويعود ذلك في جزء منه الى الافتقار الى سلطات عالمية حقيقية يمكن ان تجمع ما بين الكفاءة الواسعة المطلوبة والتطبيق المتواصل للحلول». وبالاضافة الى نقص سبل مواجهة الارهاب بشكل فعال فان الاخطاء في التحليلات اعاقت التقدم في هذا المجال، طبقا للتقرير.

وقال المعهد انه رغم صحة الاعتقاد بأن الارهابيين وأسلحة الدمار الشامل والدول الخارجة عن القانون يمكن ان تشكل خطرا حتى على اقوى الدول، فانه من الخطأ الافتراض بأن مصادر هذه الاخطاء متصلة ببعضها، الا انه من الواضح ان هجمات 11 سبتمبر كان لها اثر مباشر على معظم النزاعات في العالم عام .2002 وقال التقرير ان احد الامثلة على ذلك هو افريقيا حيث شعرت الولايات المتحدة بالقلق من ان شبكة «القاعدة» ربما تقوم بالعمل مع المنظمات الاصولية هناك. واضاف ان «هناك دليلا كذلك على انه في النزاعات التي اجريت عليها دراسات وربما في بعض النزاعات الاخرى بما فيها بعض الحالات في اوروبا، فان المخاوف من تصنيفها كجماعات ارهابية تركت اثرا على سلوك بعض الجماعات المسلحة غير الحكومية والحركات السياسية».

كذلك، حذر المعهد من ان هناك خطرا من ان الحرب على الارهاب تستخدم كذريعة لتكديس الاسلحة. وقال: «من جهة فان الاسلحة الكبيرة ربما لا تكون انجع الوسائل لمحاربة الارهاب، ومن جهة اخرى فاذا ما طالت النشاطات العسكرية ضد الارهاب واصبحت عمليات مطولة فقد يؤدي ذلك الى اعتبار شحنات الاسلحة الكبيرة امرا ضروريا من اجل زيادة فرص النجاح». واضاف ان ذلك يمكن ان يؤدي الى انخفاض الاستعداد السياسي لتطبيق ضوابط على استيراد الاسلحة.

كذلك رأى التقرير ان تطلعات الولايات المتحدة للقيام بأي شيء لتبقى القوة العظمى الوحيدة في العالم تثير قلق اصدقائها واعدائها المحتملين على حد سواء. وقالت مديرة المعهد اليسون بايلز في تقريرها ان «قرار الولايات المتحدة الدفاع عن تفوقها كدولة عظمى وحيدة بمطاردتها الحثيثة وضربها اذا اضطر الامر للجهات التي يمكن ان تهددها، قد هيمن على مفاهيم الامن العالمية خلال الثمانية عشر شهرا الماضية». واضافت المديرة ان «اصدقاءها (الولايات المتحدة) واعداءها على حد سواء يشعرون بالقلق حول المدى الذي يمكن ان تذهب اليه الولايات المتحدة في هذا الاتجاه».