مسؤول سوري: على القيادات اللبنانية الكف عن استدراج دمشق للدخول في «بازار» انتخابات الرئاسة

TT

أبدى مسؤولون سوريون استياءهم مما آل اليه الوضع السياسي في لبنان. ونقل زوار لبنانيون عن هؤلاء المسؤولين قولهم: «ان اركان الحكم في لبنان يريدون تأمين مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة ولا يستشعرون خطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة وتداعيات ما حصل في العراق على مجمل الوضع العربي، بل يستمرون في خلافاتهم التي لا طائل منها».

وبسؤال احدهم عما اذا كانت سورية في وارد التدخل لتبديد الجو المحتقن بين المسؤولين اللبنانيين، قال: «ان سورية ليست عازمة على الغرق مجدداً في الدوامة اللبنانية، فقد رعت لبنان لمرحلة طويلة. وآن للبنانيين ان يبلغوا سن الرشد بعد هذه السنوات».

وحمل المسؤول السوري على من سماهم «التجار الطائفيين الذين استخدموا الطائفة لتحقيق مآربهم فكانت النتيجة ما حل بالطوائف التي يدعون حمايتها وتحقيق مصالحها».

وعن حقيقة حركة السجالات التي يشهدها الوضع اللبناني من حين لآخر على خلفية الصراعات والمحاور السياسية بين اركان السلطة، دعا المسؤول نفسه الى «الاقلاع عن كل ما يمكن ان يثير العصبيات الطائفية تحت اي عنوان من العناوين» مستغرباً ان «تصل الامور الى هذا الدرك وان تتحول حلبة المباريات الرياضية واسماء فرقها الى فرز طائفي ومذهبي وتنقلب ملاعب الكرة الى ساحات للعراك والاقتتال تحت غطاء سياسي مزوّر».

وبسؤال المسؤول السوري عمن يمكن ان يقف وراء استهداف تلفزيون «المستقبل» وهوية المفجرين، اعرب عن اعتقاده بأن «ثمة اصوليين متطرفين قد يكونون وراء استهداف المؤسسة التي يملكها رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري على خلفية اللقاءات التي عقدها مع المراجع الاسلامية ودعوتها الى الانفتاح والاعتدال ونبذ التطرف، حيث جاءت هذه الحملة المنظمة مع رجال الدين في وقت استهدفت فيه التفجيرات المملكة العربية السعودية والمغرب».

وحول التأزم الحاصل في لبنان والمناكفات القائمة بين ركني السلطة التنفيذية وحديث البعض عن ان سورية قد تتدخل لترجيح كفة احد الرئيسين، جاء كلام المسؤول السوري واضحاً، اذ قال: «ليس في مصلحة سورية ان تقف الى جانب هذا المسؤول او ذاك. وليست لها مصلحة في استعداء اي طرف. وطالما ان الرئيسين اقرا بضرورة الاحتكام الى الدستور ومجلس الوزراء فأين هي المشكلة؟ ولماذا اعتبار التصويت، اذا تعذر التفاهم على موضوع خلافي، لمصلحة هذا الطرف او ذاك؟». واضاف: «ان العمل بمنطق المؤسسات بعدما تعافى لبنان وقامت مؤسساته يشكل الضمان الحقيقي لاستقامة الحياة السياسية في لبنان».

ورداً على سؤال عن كيفية تقطيع ما تبقى من السنة ونصف السنة بين الرئيسين لحود والحريري، قال المسؤول السوري مبتسماً: «كما قطعوا الاربع سنوات ونصف سنة» لافتاً الى «وجوب الالتزام بكل عناوين العمل الديمقراطي في مجلس الوزراء لأنها وحدها القادرة على ايجاد المخارج السياسية بين المتصارعين، وبغير ذلك فإن هذا الرئيس قد يربح جولة والآخر يخسر جولة، والعكس بالعكس، انما في المحصلة هناك خاسر واحد هو لبنان».

وشدد المسؤول السوري على «ان تكف القيادات اللبنانية عن استدراج سورية للدخول في بازار انتخابات الرئاسة المقبلة، فلا مصلحة لأحد، لا في سورية ولا في لبنان، في فتح هذا الملف قبل اوانه لأنه سينهك لبنان ويجعله يدفع فواتير باهظة، لذا يجب سحب هذا الموضوع الحساس من التداول».

اما في الشأن الاقليمي وتحديداً بالنسبة الى «خريطة الطريق» بين الفلسطينيين والاسرائيليين والتهديدات الاميركية لسورية بضرورة النأي بنفسها عن هذا الملف، قال المسؤول السوري: «نحن نتفرج ولسنا بحاجة لنتدخل في هذا الموضوع، فخريطة الطريق سيتكفل افشالها ونسفها شارون وغير شارون».

وعما اذا كانت سورية قلقة من الموقف الاميركي تجاهها قال: «سورية لا تعيش حالة قلق على الاطلاق، فهي تعرف ما تريد ولها ثوابتها. وتعرف اكثر حقيقة المشروع المعد للمنطقة وما يخطط. فلماذا القلق طالما اننا نمسك بأوراقنا ونتمسك بحقوقنا وملتزمون بقرارات الشرعية الدولية؟».

وعن «خريطة الطريق» التي تعد للبنان وسورية، قال المسؤول السوري ان الاوروبيين يتحركون في هذا الاتجاه، مستبعداً في ظل الخلل الكبير بموازين القوى الاقليمية والدولية طرح حلول عادلة من الخارج او الداخل».

وعن مستقبل الوضع في العراق، قال انه «مشوش ومضطرب. وان الولايات المتحدة لم تكن لديها اي خطة مستقبلية لحكم العراق بعد صدام حسين. كانت التقديرات ان العراقيين سيستقبلونهم كمحررين ومنقذين وانهم سيجلبون لهم الديمقراطية. وكانت النتيجة ان غرقوا في المستنقع وسيغرقون اكثر لجهلهم بطبيعة شعب العراق والتضاريس السياسية المعقدة لهذا البلد الذي يقوم على الاساس العشائري والذي بواسطته حكم صدام حسين من دون ان يطور في مفاهيم العشائرية» لافتاً الى «ان سورية ليست بحاجة لأن تتدخل في العراق فالشعب العراقي شعب وطني وله تاريخ في مقارعة الاحتلال». وتوقع ان تسوء الحالة اكثر وان تنتظم حالة المقاومة وتتطور من حالات فردية وردات فعل الى فعل مقاوم ومنظم.

وعن رؤيته للحل في العراق، قال المسؤول السوري: «لقد قلنا قبل الحرب وحذرنا، كما حذرت معنا دول عدة، من ان حرب العراق ستحدث زلازلا لا قدرة للأميركيين والبريطانيين على احتوائها. ولن تكون في مصلحتهم ولا في مصلحة شعوب المنطقة. لكنهم، واستناداً الى غطرسة القوة وتوظيفها لتحقيق مصالحهم، احتلوا العراق. وها هم فيه يغرقون ولا حل الا بالعودة الى مجلس الامن والامم المتحدة لأن بمقدور الشرعية الدولية وحدها ان تعيد الاستقرار الى العراق وتساعد العراقيين على اختيار نظام حكمهم».