الأميركيون يسألون: أين صدام؟ والعراقيون يجيبون: يبحث اتفاقا مع الـ«سي. آي. إيه»

TT

الوحدات الأميركية تلاحقه ولعلها تقترب من الامساك به، مع ذلك فإن مخبأ الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ما زال موضع تخمينات وشائعات بين العراقيين. وقال أحدهم إنه رآه يأكل الحمص بالقرب من تكريت وآخر يعتقد أنه في بغداد متخفيا بملابس امرأة، ولعله يكون موجودا في قبو، فيما تقول اشاعات اخرى أنه يبحث اتفاقا مع وكالة المخابرات الأميركية «سي. آي. ايه». ويظل السؤال مطروحا: لو كنت صدام فأين ستختفي؟ والقناعة الواسعة داخل العراق بأن صدام متخف في مكان ما، ادت إلى تقوية ساعد أتباعه وساعدت على تصعيد الهجمات المسلحة ضد الجنود الأميركيين خصوصا في مواقع حزب البعث القوية الواقعة شمال وغرب بغداد.

واصبح طرح هذا السؤال ملحا مرة أخرى مع اعتقال سكرتيره الشخصي عبد حميد حمود في تكريت، فالكثير من أهالي بغداد يعتقدون أن مكان صدام لن يكون بعيدا عن المكان الذي كان عبد حمود يقيم فيه قبل إلقاء القبض عليه. وتعرقل حالة الغموض التي تحيط بمصير صدام جهود إعادة الإعمار والبحث عن الأسحة المحظورة. وقال الكثير من العراقيين إنهم يشعرون بالرعب من أن يقوم أنصار صدام بالانتقام من أي شخص يتعاون مع قوات الاحتلال الأميركية أو من يشارك في البحث عن الأسلحة المخبأة.

وقال ماجد عليوي، 38 سنة، من مدينة الضلوعية حيث اعتقلت القوات الأميركية ما يقرب من عشرين شخصا قبل أسبوع «نحن لا نعرف مصيره. إذا طلب صدام منا إخفاءه فنحن لن نقوم بذلك لأنه لم يقم بأي شيء جيد للضلوعية. فهو لم يبلط الشوارع فيها ولم يربطها بالخطوط الهاتفية. فلماذا نقوم بإخفائه؟».

وقد يُعتبر هذا الجواب بالنسبة للمتشككين نوعا من المبالغة في الاحتجاج ضد الرئيس السابق لكن هذا النمط من الأجوبة هو الذي تسمعه في الكثير من المدن السنية. وقال إبراهيم علي حسين، 60 سنة، من نفس المدينة ويرتدي دشداشة زرقاء مع عقال أبيض: «البعض شاهده يأكل حمصا، وبعض الناس شاهده يتمشى، وبعضهم شاهده يسوق سيارة فولكس فاغن». واعترف حسين أنه كان يحب الدكتاتور، لكنه أقسم أنه لم يره: «أنا مسلم. أنا أقول الحقيقة. نحن لم نره قط».

لكن في بغداد لن يثير سؤال من هذا النوع إلا ضحكة متشنجة وفي بعض الأحيان نظرة حادة ثم يسأل البعض أن تريهم بطاقتك الاعلامية. لكنهم في الأخير يقدمون جوابا متشابها: إنه في الولايات المتحدة. وإذا لم يكن صدام الآن يتسوق في شارع «فيفث أفينيو» فإنه منشغل في توقيع اتفاق مع الحكومة الأميركية. وما يثير الدهشة أن الكثير من أهالي بغداد يعتقدون أن صدام موجود خارج البلد. وقال سلام مهدي صلاح العقيد السابق في الجيش العراقي: «لأنه عميل أميركي فهو قد أجرى اتفاقا مع الأميركيين يعطيهم وفقه العراق مقابل ضمان حياته. أظن أنه موجود في إحدى الجزر الأسبانية».

وقال طبيب العيون رجاء ياسين إن صدام «قد يكون في روسيا لأن روسيا تهتم بمصالحها وصدام هو واحد من اهم مصالحها». ويتفق ياسين مع صالح حينما قال: «أظن أن صدام قد أجرى اتفاقا مع الأميركيين كي يعطيهم العراق».

لكن آخرين يعتقدون أنه موجود في أحد المخابئ المحصنة التي لم يكتشفها الأميركيون داخل بغداد محميا من المقربين منه. أما المعلمة المتقاعدة أمل طالب فتظن «أنه موجود في بغداد داخل بيت عادي لا يشبه قصوره. هو لم يتمكن من مغادرة العراق وإذا شاهده العراقيون فإنهم سيقتلونه». أما الاحتمال الآخر حسب رأي بعض العراقيين فهو اختفاء صدام بين القبائل البدوية المتنقلة في الصحراء، فهو كان يرتبط معهم بوشائج عشائرية. وقال سنان عزيز الشيخ خريج كلية الحقوق: «تقاليد أولئك الناس تمنعهم من خيانة صدام إذا طلب حمايتهم».

* خدمة «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»