بليكس قبل أيام من مغادرة منصبه: منذ 1994 لم تعد لدى العراق من أسلحة الدمار الشامل سوى بقايا قمامة

TT

افاد هانز بليكس كبير مفتشي الأمم المتحدة لنزع اسحلة الدمار الشامل العراقية، الذي يوشك في غضون ايام على مغادرة منصبه، بانه يشك في ان يكون لدى العراق من تلك الأسلحة شيئا اكثر من «حفنة قاذورات». وقال انه امكن تدمير ما كان لدى العراق من هذه الاسلحة عام 1994 ليتركز الاهتمام، فيما بعد على تدمير قدرات انتاجها. وينهي خبير نزع الأسلحة السويدي الذي بدأ عمله لدى الأمم المتحدة في الأول من مارس (آذار) 2002 كرئيس تنفيذي لهيئة المراقبة والتفتيش عن اسلحة الدمار الشامل (انموفيك)، مهمته في الثلاثين من الشهر الجاري. وقال ان الفشل في العثور على دليل يثبت وجود اسلحة دمار شامل في العراق بعد اكثر من شهرين من سقوط نظام صدام حسين اقنعه بخفض اهمية التقديرات المتعلقة بالتهديد الذي كانت تشكله الحكومة العراقية المخلوعة.

وقال بليكس، 75 عاما، انه ما يزال هناك الكثير من عدم اليقين بشأن برامج التسلح العراقية لكي يمكن الخروج باستنتاج بانه لا توجد اسلحة مخبأة في العراق. ولكنه اضاف انه ما يزال حائرا في شأن السبب الذي كان يدفع الحكومة العراقية الى مخادعة الأمم المتحدة على امتداد 12 عاما منذ انتهاء حرب الخليج عام .1991 وتساءل «لماذا كانوا يتصرفون على ذلك النحو على امتداد التسعينات؟ ولماذا منعوا مفتشي الامم المتحدة من دخول بعض المواقع طالما انه لم يكن لديهم ما يخبئونه؟ ما استشعره الآن، هو ما اذا كان اعتداد (العراقيين) بالكرامة يحلق فوق السقف؟

ويقول المسؤولون الاميركيون وبعض المفتشين السابقين لدى الأمم المتحدة انه من السذاجة الاعتقاد ان الحكومة العراقية تخلت عن برامج تسلحها الكيماوية والبيولوجية والنووية. وما يزال الرئيس الاميركي جورج بوش وكبار اعضاء ادارته يعتقدون بقوة انه سيمكن، في آخر المطاف، العثور على تلك الأسلحة.

ولكن بليكس قال ان تأكيدات المسؤولين العراقيين وبعض المنشقين بانهم دمروا كل ما كان لديهم من تلك الأسلحة قد تثبت في النهاية انها صحيحة، وهي ذاتها التأكيدات التي طالما رفضت من قبل المسؤولين الاميركيين وخبراء الأمم المتحدة. وقال بليكس ان فشل العراق في حساب ما كان لديه من الأسلحة قبل عام 1991 لا يعني انها ظلت موجودة.

وقال بليكس ان سلسلة من الاكتشافات المثيرة للشكوك من قبل مفتشيه، بما فيها العثور على مواد خام وطائرات من دون طيار والوثائق التي عثر عليها في منزل احد العلماء العراقيين والـ12 رأسا حربيا فارغا في مخزن اسلحة مهمل، كانت على الارجح مجرد بقايا من مخزونات تم تدميرها. وقال «لقد كان يمكن لهذه البقايا ان توحي انها الجزء الظاهر من جبل الجليد، ولكنها كان يمكن ان تعني انها البقايا المتناثرة من القمامة أيضا». واضاف «الآن، وبينما نحن ننظر الى الوراء، وحيث انهم (الاميركيون) لم يعثروا على شيء، فمن الأرجح ان تلك البقايا كانت بقايا قمامة».

وقال المسؤولون العراقيون انه حيث امكن لمفتشي الأسلحة ان يطوقوا ما امكن اخفاؤه وان يدمروا مكونات رئيسية من قدرات تخصيب اليورانيوم، وان يكتشفوا دزينات من المعدات الصالحة لانتاج اسلحة كيماوية وبيولوجية، فانهم قرروا ان يتخلصوا من تلك الأسلحة. وهو الامر الذي اتاح للعراقيين ان يعلنوا فيما بعد انهم دمروا كل ما كان لديهم من غاز الاعصاب والانثراكس والاسلحة المحرمة في عدة مواقع من البلاد من دون اشراف او معرفة الأمم المتحدة.

وقال بليكس ان لديه قناعة متزايدة بان المعلومات التي قدمها المسؤولون العراقيون وتلك التي قدمها المنشق حسين كامل اشارت الى انه تم بالفعل تدمير الأسلحة وقدرات انتاجها، الا ان البرنامج ظل قائما وذلك على امل ان تتم العودة الى الانتاج بمجرد ان يتم رفع العقوبات عن العراق. واضاف بليكس ان تدمير اسلحة العراق انجز بصفة رئيسية عام 1994، و«فيما بعد ذلك، فقد دمر مفتشو الامم المتحدة عددا من المنشآت والتسهيلات لانهم كانوا يعتقدون انها كانت جزءا من برنامج انتاج تلك الأسلحة، اما الاسلحة نفسها، فلا، لانها لم تعد موجودة».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»