الأمم المتحدة: شبكة «القاعدة» ما زالت تملك قدرة كبيرة على الحركة وتحصل على أموال طائلة من تجارة المخدرات

TT

جاء في مسودة وثيقة تعدها الأمم المتحدة، أنه بعد خمسة عشر شهرا من قرار مجلس الأمن التابع للامم المتحدة بحظر أعضاء «القاعدة» من السفر وحيازة الاسلحة، لم يعتقل عضو واحد من أعضاء المنظمة أو تضبط قطعة واحدة من أسلحتها في نقاط عبور الحدود الدولية. وجاء في مسودة التقرير الذي لم ينشر بعد: « رغم الحظر على سفرهم، ما يزال أعضاء شبكة القاعدة يملكون قدرة كبيرة على الحركة واستطاعوا المشاركة في عدة هجمات إرهابية في عدة أقطار عبر العالم».

ويوضح فشل قرار الأمم المتحدة في تقييد حركة أعضاء منظمة القاعدة، التحديات التي تواجه تطبيق قرارات المقاطعة على منظمة تعيش في الخفاء، وينتقل أفرادها عادة باشكال مموهة ويستخدمون جوازات سفر مزورة. كما يعكس كذلك نقاط الضعف في القائمة التي وضعتها المنظمة الدولية للإرهابيين والتي وصلت إلى 220 إسما وهيئة يشتبه في علاقتها بالقاعدة. وتستخدم هذه القائمة في ملاحقة المشبوهين، مع أن أغلب الاسماء مكتوبة بصورة خاطئة وأغلب الأشخاص لا تتوفر عنهم معلومات تفصيلية يمكن أن تدل عليهم بصورة واضحة.

وتحدد مسودة التقرير التي تتكون من 42 صفحة والتي أعدتها «لجنة عقوبات القاعدة» التي كونها مجلس الأمن الدولي بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، على مبنى مركز التجارة الدولية والبنتاغون، النقطة التي وصلتها الحرب ضد الإرهاب على النطاق العالمي. وتقول المسودة أنه بالرغم من بعض النكسات، إلا أن الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهاب، حققت بعض الانتصارات وخطت خطوات واسعة، أدت إلى القبض على بعض كبار قادة المنظمة ومن ضمنهم خالد شيخ محمد، الثالث في هرم المنظمة القيادي، وأبوزبيدة المسؤول عن العمليات. إن اعتقال أعضاء الفريق القيادي الأصلي لاسامة بن لادن، قائد القاعدة: «خفض مقدرات المنظمة العملياتية ووفر معلومات استخباراتية هامة جدا عن الشبكة الإرهابية». ولكن المسودة تورد كذلك أن الهجمات الناجحة التي نفذتها المنظمة في الدار البيضاء بالمغرب، والرياض بالعربية السعودية، خلال الشهرين الماضيين، توضح أن أتباع القاعدة ما يزالون «راغبين وقادرين على ضرب الأهداف التي يقع عليهم اختيارهم».

وقد اوضحت هجمات الدار البيضاء التي نفذتها عناصر محلية لم تكشف لها صلات سابقة بـ«القاعدة»، أن المنظمة قادرة على تجنيد جيل جديد من المقاتلين. وذكرت المسودة أن القاعدة كشفت عن «جرأة جديدة» عندما ضربت هدفا حددته بدقة كبيرة بالسعودية، حيث وصل أعضاؤها إلى أهدافهم بصورة عنيفة وتمكنوا من تفجير ثلاثة مجمعات سكنية يوم 12 مايو (ايار) الماضي.

ويقول تقرير اللجنة ان الضعف الاساسي في عقوبات الأمم المتحدة، هو تقديم أعضاء المنظمة لقوائم من المشتبه في انتمائهم إلى الشبكة الإرهابية من دون أن تصحب ذلك معلومات تفصيلية ومن دون حتى كتابة أسمائهم بصورة صحيحة. وعلى سبيل المثال فإن 34 من هؤلاء ذكرت أسماؤهم الأولى فقط. وقد تسببت ترجمة الأسماء من العربية إلى الإنجليزية في كثير من التشويش للمحققين.

ومن ناحية أخرى رفضت الولايات المتحدة ودول أخرى وضع أسماء بعض الإرهابيين المعروفين لديها في قائمة الأمم المتحدة في محاولة منها للمحافظة على السرية حرصا على نجاح التحقيقات التي تجريها بنفسها. وجاء في التقرير: «هناك تقارير عن أعضاء معروفين بـ«القاعدة» ولكن أسماءهم ليست في سجل الأمم المتحدة. وهؤلاء يمكن أن يكونوا قد اعتقلوا اثناء عبورهم من بلد إلى بلد آخر».

ويورد التقرير كذلك عددا من النجاحات في إيقاف تمويل القاعدة، بما في ذلك اعتقال بعض ممولي المنظمة ومديريها الماليين. ويذكر اعتقال مصطفى محمد هوساوي وعبد الرحيم الشرقاوي. كما يلاحظ كذلك أن عددا من الحكومات العربية، بما فيها حكومات السعودية والإمارات، بدأت في تشديد الإجراءات والتشريعات على كل الأموال المجهولة الأصول وعلى التحويلات المالية التي كانت تستخدمها القاعدة في نقل الأموال من موقع إلى آخر. وتشير اللجنة إلى عدد من نقاط الضعف في محاصرة تمويل النشاطات الإرهابية، قائلة ان خلايا القاعدة ما تزال تحصل على أموال طائلة من تجارة المخدرات وتهريب السجائر وأعمال التزوير عن طريق البطاقات الائتمانية.

وبعد تجميد أكثر من 125 مليون دولار من الأموال ذات الصلة بالإرهاب، ومن ضمنها 59 مليون دولار، مرتبطة مباشرة بـ«القاعدة» وأعضائها، وذلك بعد مدة قصيرة من هجمات 11 سبتمبر 2001، فإن الولايات المتحدة وغيرها من الدول لم تصادف نجاحا يذكر في الوصول إلى أموال إضافية تخص القاعدة. ويقول التقرير: «ربما ينجم الضعف الاساسي في تجميد تمويل الأعمال الإرهابية، من الأوضاع الغامضة التي تحيط بالجمعيات الخيرية والاستخدام الواسع للاساليب البديلة في التحويلات المالية».

ويضيف التقرير أن القاعدة، وحركة طالبان، وحلفاءها، ما تزال لديهم القدرة على الحصول على «كميات كافية من الأسلحة والمتفجرات وقتما وحيثما يحتاجون إليها. ولم تكشف حتى الآن أية محاولات من الأفراد أو الهيئات لخرق إجراءات الحظر والعقوبات المفروضة على القاعدة».

* خدمة واشنطن بوست ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»