حماس» و«الجهاد» و«فتح» تتوصل في دمشق إلى اتفاق «هدنة» مع إسـرائيل لمدة 3 أشهر

فارس لـ«الشرق الأوسط»: كلفني البرغوثي بالاتصال بمشعل وشلح في دمشق لإبرام الاتفاق

TT

كشف قيادي بارز في حركة «فتح» انه تم التوصل الى اتفاق مع كل من حركتي المقاومة الاسلامية «حماس» و«الجهاد الاسلامي» لابرام هدنة ووقف عمليات المقاومة ضد الاهداف الاسرائيلية لمدة ثلاثة اشهر.

وفي تصريحات لـ«الشرق الاوسط»، قال النائب قدورة فارس، القيادي في فتح انه توصل شخصيا لهذا الاتفاق مع كل من خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورمضان شلح، الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي، اللذين التقاهما في دمشق. واضاف فارس انه بناء على تعليمات صادرة عن امين سر اللجنة الحركية العليا لحركة فتح مروان البرغوثي المعتقل في السجون الاسرائيلية سافر برفقة احمد غنيم، عضو المجلس الثوري لحركة فتح الى دمشق والتقيا بكل من مشعل وشلح وتوصلا معهما الى اتفاق حول الهدنة. واشار فارس الى انه يتم حاليا تبادل الصيغ النهائية للاتفاق بين فتح وكل من حماس والجهاد الاسلامي. واستدرك قائلاً ان التزام حماس والجهاد الاسلامي بوقف عمليات المقاومة ضد الاحتلال مشروط بقبول اسرائيل لعدة التزامات، اهمها: رفع المعاناة الناجمة عن عمليات الاغلاق وتقطيع اوصال الاراضي الفلسطينية، ووقف عمليات الاغتيال والاجتياحات للاراضي الفلسطينية ووقف سياسة تدمير المنازل وجميع اشكال العقوبات الجماعية واطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، ورفع الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، فضلا عن وقف المس بالاماكن المقدسة الفلسطينية الاسلامية والمسيحية، سيما المسجد الاقصى.

وشدد على ان وقف اطلاق النار سيكون شاملا في الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل اسرائيل. وحول تصريحات ممثلي حماس في قطاع غزة الذين شددوا على انه لم يتم التوصل لاتفاق حول الهدنة، قال فارس انه يتفهم حالة الارباك الموجودة، سيما ان الجميع في حالة تبادل الصيغ النهائية للاتفاق، وتوقع ان تقوم الاطر الرسمية في كل من حماس والجهاد الاسلامي بالاعلان عن الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل اليه، وسيكون هذا الاتفاق ملزماً لكل الاطر الميدانية في الحركتين. ونوه فارس الى ان هذه الهدنة لن تكون «مجانية»، واضاف انه في حال لم تلتزم اسرائيل تحديدا بوقف عمليات الاغتيال ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني ورئيسه والافراج عن المعتقلين لن تكون هناك هدنة.

وتوقع فارس ان تقوم الحكومة الاسرائيلية بافشال الهدنة في غضون ايام. واكد انه في حال تواصلت عمليات الاغتيال فان القوى الموقعة على الهدنة ستكون «في حل من امرها». ولفت الانظار الى الدور الحاسم الذي لعبه مروان البرغوثي من زنزانته من اجل التوصل الى هذا الاتفاق، مشددا الى ان البرغوثي بادر من سجنه الى اجراء اتصالات قادت الى حوار جدي بين ممثلي حركة «فتح» وحماس والجهاد الاسلامي. ونوه الى ان كلا من الرئيس عرفات ورئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس على علم بالخطوات التي سبقت وادت الى الاتفاق. ونوه الى ان عرفات بارك هذه الخطوات. وحول تصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش اول من امس التي قال فيها انه لا يكفي وقف اطلاق النار، بل يجب ان يتم تفكيك حركات المقاومة الفلسطينية، قال فارس ان حركات المقاومة الفلسطينية هي حركات وطنية اصيلة ومسؤولة وتمثل قطاعات شعبية واسعة. واعتبر الدعوة الاميركية الى حل هذه الحركات «تأتي في نطاق الانحياز الاميركي المفضوح لاسرائيل والهادف الى نقل الصراع الى داخل الساحة الفلسطينية». وقال فارس ان تصريحات بوش تهدف الى تشجيع الاقتتال الداخلي الفلسطيني. واضاف «بالنسبة للفلسطينيين فانه في حال خيروا بين مواصلة مواجهة العدوان الاسرائيلي وبين الاقتتال الداخلي، فانهم بلا شك سيختارون الخيار الاول». لكن المراقبين في الساحة الفلسطينية يتوقعون ان يكون اخطر مصدر يهدد الالتزام الجانب الفلسطيني للهدنة سيكون اعضاء كتائب شهداء الاقصى، الجناح العسكري لحركة فتح التي تشدد على انها لن تلتزم بوقف عمليات المقاومة ضد الاحتلال. وقد علم ان افراد الخلية الذين اعتقلوا اول من امس في قرية كفر قاسم، داخل اسرائيل وكانوا يخططون لعملية تفجير فدائية كبيرة في مدينة بيت تكفاة الاسرائيلية ينتمون الى كتائب الاقصى. وفي حال واصلت الكتائب عمليات المقاومة، فان هذا سيحرج رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ووزير شؤون الامن محمد دحلان اللذان سيظهران كمن لا يستطيع الزام اعضاء الحركة التي ينتميان اليها بوقف اطلاق النار، كما ان ذلك سيحرج قيادة حركة حماس امام قاعدتها الشعبية، حيث ان الاعلان عن الهدنة يلقى معارضة من قاعدة الحركة التي تخشى ان تقود الهدنة تدريجيا الى تهيئة الظروف لحكومة ابو مازن للانقضاض على الحركة.

وكان الرئيس عرفات اعلن امس انه يتوقع الاعلان خلال ساعات عن قبول الفصائل الفلسطينية وقف الهجمات على الاسرائيليين لكن مسؤولا بحركة الجهاد الاسلامي استبعد ذلك. وقال عرفات للصحافيين في مدينة رام الله بالضفة الغربية ان الهدنة لم تتقرر رسميا «لكن ننتظر ان تعلن خلال ساعات». لكن محمد الهندي وهو من قادة حركة الجهاد الاسلامي البارزين قال ان الحركة لا تزال تنتظر رد مقاتليها في الميدان وايضا من هم في سجون اسرائيل. وصرح بان ذلك لا يمكن ان يحدث خلال ساعات. وحين سئل عن موعد الهدنة المرتقبة قال انه من الانصف القول انها خلال بضعة ايام. وقال اسماعيل هنية وهو من قادة حماس بعد تصريح عرفات انه يتوقع ان يعلن قرار الحركة بشأن الهدنة «خلال الايام القادمة». ويعتبر الاتفاق على الهدنة ووقف الهجمات ضروريا لتنفيذ «خريطة الطريق» التي ترعاها الولايات المتحدة والتي تنص ايضا على تفكيك جماعات فلسطينية مثل حماس والجهاد.

من جهة ثانية اعتبرت حركة الجهاد الاسلامي تصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش التي دعا فيها الى اتخاذ تدابير حازمة ضد المجموعات «الارهابية» بانها بمثابة تحريض لمواصلة الاغتيالات و«الجرائم» الاسرائيلية. وقال محمد الهندي ان تصريحات بوش «اعلان تحريضي وضوء اخضر جديد لمواصلة الاغتيالات والقصف بالطائرات الاميركية والاجتياحات والاستمرار في الجرائم»، مؤكدا ان على بوش «الا يتوهم بأنه سيلحق الهزيمة بحركات المقاومة مهما بلغت الآلة الحربية الصهيونية». واضاف ان بوش «لا يرى جرائم (رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل) شارون ولا يعتبر الاغتيالات ارهابا لكنه يعتبر مقاومة الاحتلال ارهابا». وقال الهندي ان حركته «لا تتلقى الدعم المالي من اوروبا او غيرها. اننا نتلقى دعمنا من الفقراء من ابناء شعبنا الفلسطيني والمسلمين»، مشددا على ان هناك اجماعا فلسطينيا بشان استمرار المقاومة. وكان الرئيس بوش دعا مساء اول من امس قادة اوروبا والعالم الى الاسراع في اتخاذ تدابير حازمة ضد المجموعات الارهابية كحركة حماس والى قطع تمويلها ومصادر دعمها. وقال بوش «من اجل التوصل الى السلام من الضروري القضاء على حماس».

الى ذلك طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) امس الولايات المتحدة ببذل الجهود لتطبيق خطة «خريطة الطريق» معبرا عن قلقه ازاء «التلكؤ» الاسرائيلي في تنفيذها. وقال عباس في بيان اصدره صباح امس انه يحث الادارة الاميركية على «بذل الجهود اللازمة لتنفيذ خريطة الطريق من كلا الجانبين (الفلسطيني والاسرائيلي)» مشددا على ضرورة الانسحاب الاسرائيلي من المناطق التي تحتلها. واضاف البيان ان ابو مازن اكد من جديد ان السلطة الفلسطينية جاهزة لتسلم مسؤولياتها الكاملة في قطاع غزة ومدينة بيت لحم لحظة انسحاب اسرائيل من هذه المناطق. واعرب ابو مازن عن اسفه «لالغاء الحكومة الاسرائيلية الاجتماع الفلسطيني الاسرائيلي في الوقت الذي كانت السلطة بانتظار الرد الاسرائيلي منذ يومين»، مشددا على الاستمرار بهذه الاجتماعات من اجل ان يبدأ الاحتلال الاسرائيلي بالانسحاب. وقال انه من اجل ان تنجح «خريطة الطريق» «يجب على اسرائيل البدء فورا في تنفيذ التزاماتها بنفس الوتيرة التي تقوم بها السلطة الفلسطينية».