دراسة أميركية ـ يونانية: غذاء البحر الأبيض المتوسط يقي من أمراض القلب والسرطان

النظام الغذائي المتوسطي الذي لم يولد من مبادئ الحكمة بل من ظروف الفقر يضمن أعمارا أطول

TT

النظام الغذائي لسكان البحر الابيض المتوسط، يبدو كأنه يمثل الوصفة الغذائية المثلى للصحة الدائمة، هذا ما وجده باحثون في جامعة هارفارد، إذ اجروا دراسة على 22 الف يوناني. واظهرت الدراسة ان اولئك الذين يعتمدون النظام الغذائي التقليدي الغني بزيت الزيتون والحبوب الطبيعية غير المعالجة، والفواكه، والخضروات، ويشربون الخمر باعتدال، يعيشون لأعمار اطول مقارنة بالآخرين الذين لا يعتمدون هذا النظام الغذائي.

وقال الدكتور ديمتروس تريكوبولوس، البروفسور في الوقاية من السرطان والامراض المعدية بكلية الصحة العامة في هارفارد، المشرف على الدراسة، التي نشرت نتائجها في مجلة «نيو انجلاند جورنال اوف ميديسن» انه «كلما اقترب الانسان من التقيد بهذا النظام الغذائي، تمكن من العيش لعمر أطول».

وظل العلماء لعدة عقود يعتقدون ان النظام الغذائي الذي يعتمد على امداد الجسم بنحو 40 في المائة من السعرات الحرارية من الدهون الصحية، ونصف السعرات من الكربوهيدرات المعقدة مثل الحبوب والفواكه والخضروات، اضافة الى اجراء التمارين الرياضية اليومية، هو النظام الافضل لتعزيز صحة الانسان وتقليل الوفاة المبكرة. وقد رصد العلماء منذ ستينات القرن الماضي معدلات متدنية في امراض الشريان التاجي في القلب وبعض انواع السرطان في اليونان ودول اخرى في حوض البحر المتوسط. الا ان الدراسة الموسعة الجديدة لرجال ونساء اصحاء اظهرت امكانات ملموسة لتقليل مخاطر الوفيات بامراض القلب والسرطان وكل الامراض الاخرى، لدى اعتماد النظام الغذائي المتوسطي. وقال فرانك، الاستاذ المساعد في كلية هارفارد «عندما كنا نتحدث في الماضي عن نظام الغذاء المتوسطي، كنا نتحدث عن فوائده للقلب والاوعية الدموية، اما الآن فنتحدث عن امكانات الوقاية من هذه الامراض وامراض السرطان».

ونفذت الدراسة بالتعاون مع باحثين في جامعة اثينا، للبحث عن ادلة جديدة حول فوائد النظام الغذائي للبحر المتوسط. وبدأ الباحثون منذ عام 1994 باختيار متطوعين تراوحت اعمارهم بين 50 و60 عاما، وطلبوا منهم تسجيل قوائم بما يتناولونه من الأطعمة، وعدد وجبات الطعام وتكرارها، وحجم الاطباق، وذلك بهدف التعرف على تأثير نظامهم الغذائي على صحتهم. واظهرت الدراسة ان النظام الغذائي يؤثر فعلا على الصحة.

وقلت نسبة الوفيات بامراض القلب بـ33 بالمائة، كما قلت نسبة التعرض للاصابة بالسرطان بـ24 بالمائة. وكان الباحثون قد تخلصوا مسبقا من اي متطوع شخصت لديه حالات مرضية. واعتمد الباحثون مقياسا لقياس مدى التقيد بالنظام الغذائي لحوض البحر الابيض المتوسط. وسجلوا 119 وفاة من بين 275 حالة وفاة، لاولئك الذين حصلوا على اقل النقاط (من 0 الى3) في مدى تقيدهم بالنظام، بينما سجلت 95 وفاة لدى مجموعة حصلت على 4 الى 5 نقاط، و61 حالة اخرى لدى الاكثر تقيدا بالنظام (من 6 الى 9) نقاط.

ورغم ان الدراسة لم تستطع تحديد عنصر محدد من الاغذية يلعب دورا معينا في خفض الاصابة بامراض القلب او السرطان، فان الباحثين اشاروا الى ان اهمية توازن العناصر والاطعمة الصحية مثل زيت الزيتون، وكميات وافرة من الفواكه والخضروات، اضافة الى المكسرات مثل الجوز والفستق وغيرهما، والحبوب، والبقوليات. كما تشتمل وجبات البحر الابيض المتوسط التقليدية على اطباق اكبر من السمك واصغر من اللحوم، وكميات معتدلة من الحلوى.

وقالت انطونيا تريكوبولو الباحثة بكلية الطب بجامعة اثينا ان الفضل في تعزيز الصحة لا يعود الى عنصر معين من النظام الغذائي بل ان «الغذاء المتوسطي بمجموع عناصره، يبدو حاميا للصحة». واضافت ان الفرد اليوناني يستهلك نحو نصف كيلوغرام من الخضروات، اكثر مطبوخ، يوميا. كما تقدم السلطة مع مختلف الاطباق. وقال كولين دويل مدير التغذية والنشاط البدني في جمعية السرطان الاميركية، ان النظام الغذائي المتوسطي يفترض تناول تسع كميات منفصلة من الخضروات يوميا، وهذا اكثر بكثير مما يتناوله الاميركيون وهو كميتان الى ثلاث كميات منها يوميا.

وقال تريكوبولوس، الذي ما يزال متقيدا بالنظام الغذائي للبحر الابيض المتوسط، وهو في الخامسة والستين من عمره، ان هذا النظام لم يولد ويتطور من مبادئ الحكمة بل من ظروف الفقر. وعلق والتر ويليت رئيس قسم التغذية في الكلية ان «النتائج لا تبدو مدهشة.. لكننا توصلنا الى فهم أشمل لفوائد النظام».

وقال ارثر اغتسون الاستاذ المشارك في كلية الطب بجامعة ميامي ومؤلف كتاب «النظام الغذائي للساحل الجنوبي» الرائج، ان النظام الغذائي الجيد يستند الى عناصر نظام البحر الابيض المتوسط الغذائي.

* خدمات «نيوزداي»، «واشنطن بوست»، «يو إس ايه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»