المرشح لقيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط يقر بأن المعلومات الاستخبارية بشأن أسلحة العراق كانت غير مكتملة

الجنرال أبي زيد أمام لجنة فرعية بالكونغرس: القبض على صدام حيا أو ميتا سينهي الهجمات على قوات التحالف

TT

أبلغ الجنرال جون أبي زيد المرشح لتولي منصب قيادة القوات المركزية التابعة للجيش الأميركي، لجنة فرعية في مجلس الشيوخ الأميركي، أن معلومات الولايات المتحدة الاستخبارية بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية «كانت غير مكتملة بشكل محير».

وإستطرد أبي زيد متحدثا الى لجنة الخدمات العسكرية التابعة لمجلس الشيوخ: «من ناحية تكتيكتية كانت المعلومات هي الأدق في نوعها مقارنة بما سبق لي التعرف عليه، كما أنها كانت على الأرحج الأفضل من ناحية العمليات، لكنها كانت غير مكتملة من ناحية استراتيجية في ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل».

وجاءت ملاحظات أبي زيد هذه خلال جلسات الاستماع في وقت تتعاظم فيه حدة التساؤلات التي يطرحها الكونغرس على إدارة الرئيس جورج بوش بشأن قرار المضي قدما نحو الحرب.

وها هم المشرعون يقومون خلف الأبواب باستجواب الخبراء واستعراض الوثائق لتحديد ما إذا كانت الإدارة قد بالغت في طرح التهديد الذي مثله صدام حسين، أو انها مارست ضغوطا على محللي المعلومات الاستخبارية لكي يتلاعبوا بتقاريرهم.

وفي بريطانيا تواصل لجنة تحقيق برلمانية التدقيق في ما إذا كانت حكومة توني بلير قد فعلت الشيء نفسه. وقد نفت الحكومتان أن تكونا قد تصرفتا بشكل خاطئ.

أما الجنرال أبي زيد فقد أبلغ أعضاء مجلس الشيوخ انه مع استعداد قوات الولايات المتحدة والتحالف لغزو العراق، وجه للعاملين في مكتبه بمقر القيادة المركزية المؤقت في قطر، سؤالاً مفاده: «هل يوجد أي شخص حول هذه المائدة يعتقد أننا لن نعثر على أسلحة الدمار الشامل في العراق؟». ولكن لا أحد قال لا، كما يتذكر.

واضاف الجنرال قائلا انه مع تحرك القوات الأميركية نحو بغداد «اعتقدت اننا عبرنا ما اعتبرناه الخط الأحمر، حيث سنعثر على وحدات مدفعية تستخدم قذائف كيماوية».

وقال أبي زيد، وقد كان الرجل الثاني في القيادة المركزية خلال قيادة الحرب، إنه لا يستطيع تفسير عدم العثور على الأسلحة المحظورة، بالرغم من قرابة الف زيارة لمواقع مشتبه فيها. ثم أضاف مخاطبا رئيس الجلسة التي أدلى بأقواله امامها: «من المحير بالنسبة لي أننا لم نعثر على أسلحة الدمار الشامل، رغم ان الدليل كان مباشرا للغاية إلى درجة قد تؤكد وجودها». واستطرد قائلا: «لا يمكنني عرض تفسير مقبول، ولا علم لي، وأعتقد اننا لن نتمكن من معرفة الأمر لبعض الوقت».

يذكر ان كلا من الحكومتين البريطانية والأميركية ألحت قبل الحرب على ان أسلحة العراق الكيماوية والبيولوجية وبرامجها المتعلقة بتطوير أسلحة نووية، شكلت تهديدا آنيا لجيرانه وللولايات المتحدة، الى درجة جعلت الحرب ضرورية لنزع أسلحة ذلك البلد.

ومع ان مسؤولين أميركيين خففوا من حدة تلك المزاعم خلال الأسابيع الماضية، الا أنهم الآن باتوا يطرحون بشدة أن نظام بغداد كان يسعى، بدلا من ذلك، من أجل إحياء برامج أسلحتة غير التقليدية، متى ما تم رفع العقوبات الدولية. واول من امس تعزز هذا الطرح عندما أكدت وكالة المخابرات المركزية (سي. آي. إيه) ما تضمنه تقرير تلفزيوني بثته قناة «سي. إن. إن»، حول قيام العالم النووي العراقي السابق الدكتور مهدي العبيدي، بإطلاعها على موقع يتضمن عناصر لها علاقة بمواد نووية، إضافة إلى مجموعة هائلة من الوثائق التي كان قد دفنها خلال عام 1991 أسفل حديقة منزله ببغداد.

وخلال جلسة الاستماع، تسببت ملاحظات أبي زيد في زيادة حدة انتقاد الديمقراطيين بشأن تبرير إدارة بوش للمضي الى الحرب.

وقال السيناتور جوزيف بايدن، عن ولاية ديلاوير، وهو ابرز الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: «لم أصدق على الدوام التأكيدات المتعلقة بالقدرات النووية. ولم أصدق على الدوام التأكيدات الخاصة بالقدرة على التخصيب، وفقا لأساليب قد تجعل تلك الأسلحة النووية التي يملكونها قادرة على قتل أعداد هائلة من الشعب الأميركي أو مواطني أية دولة أخرى.. لم أشهد على الإطلاق أي دليل على هذه القدرة البيولوجية الهائلة التي حدثونا عنها أو لمحوا لنا بأنهم يمتلكونها. وأعتقد أنهم بالغوا في الأمر، كما أعتقد أنهم بالغوا في ذلك لسبب محدد».

وعندما تعرض آري فلايشر المتحدث بإسم البيت الأبيض لضغوط من الصحافيين بشأن تصريحات أبي زيد، أصر على أن: «ما قالته الإدارة اعتمد على أفضل التحليلات التي وفرتها أجهزة المخابرات خلال فترة طويلة من الوقت، وأن العراق كان يمتلك أسلحة بيولوجية وكيماوية وسبل إنتاجها، وإننا متمسكون بذلك».

أبي زيد، ذو الأصل اللبناني والذي يجيد التحدث بلغات عديدة، بما فيها العربية، كان قد أنهى دراسته في كلية ويست بوينت بمنطقة كولفيلي في ولاية كاليفورنيا، وهو ضابط مشاة متمكن وشغل منصب نائب الجنرال فرانكس طوال مراحل الحرب. وسبق له العمل في العديد من المواقع الميدانية. ففي عام 1983 قاد مجموعة مقاتلة خلال غزو غرينادا. كما خدم مع قوات الأمم المتحدة في لبنان وأشرف على عمليات إغاثة في شمال العراق عقب حرب الخليج الثانية عام 1991. وعمل قائدا لكلية ويست بوينت ثم مديرا لمكتب موظفي رئيس هيئة الاركان المشتركة.

ومع دفاع إدارة بوش عن موقفها بشأن غزو العراق، تواجه هذه الإدارة أيضا انتقادات متزايدة بشأن المشاكل الأمنية لما بعد الحرب، وبشأن حجم القوات وتكلفة الاحتلال العسكري وإعادة البناء.

وقال أبي زيد إن 145 الف جندي أميركي في العراق يشكلون قواما «كافيا» وإن هذا العدد على الأرجح «قد ينخفض» متى ما انتهت الحملة الحالية ضد جماعات المقاومة العراقية. لكنه أضاف: «على المدى المنظور، ستتواصل الحاجة لأعداد هائلة من الجنود».

وقال الجنرال أبي زيد إنه يتوقع خلال الفترة من الآن حتى شهر سبتمبر (ايلول) المقبل، مشاركة قرابة 30 الف جندي من دول أخرى على هيئة قوات تحالف إضافية في العراق.

وأضاف أبي زيد: «هناك العديد من الناس في منطقة الشرق الأوسط ممن يعتقدون أن ضعفنا يتمثل في عدم تمكننا من المضي قدما، ويعتقدون ان تكبيدنا ضحيتين اليوم، وضحيتين غدا، وأربعا في اليوم التالي، سيؤدي إلى طردنا في نهاية المطاف.. وهذا اعتقاد يتمسكون به بشدة ، ونحن بحاجة لأن نكون واثقين بنفس درجة عزمنا على أن لا يطردونا».

وقال الجنرال إن القبض على صدام حسين سيؤدي إلى تحسن الأوضاع الأمنية. حيث أوضح: «من المهم للغاية تأكيد أو نفي ما إذا كان صدام حسين حيا أو ميتا. إنه مهم لأن عنصر الخوف ما يزال هائلا. وهو مهم لأنه كان حاكما مستبدا بشعا قتل مئات الآلاف من بني وطنه. كما أنه من المهم بالنسبة للشعب العراقي أن يصل إلى نهاية مطاف الكابوس الذي فرضه عليهم».

وأضاف أبي زيد أن الهجمات التي تتعرض لها القوات الأميركية نفذت من قبل بعثيين وأصوليين متطرفين ينتمون الى دول أخرى، ومن قبل مجرمين معروفين. وقال إن الجيش يرد على هذه الهجمات بعنف. ثم استطرد موضحا: «كل إرهابي نتمكن من العثور عليه وقتله بمنطقة الشرق الأوسط يعني أننا تخلصنا من شخص كان في طريقه إلى الولايات المتحدة لكي يقتلنا هنا. وهكذا فإننا بحاجة إلى أن ننقل الحرب اليهم».

لكن السيناتور بايدن ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتورريتشارد لوغار، وهو ديمقراطي من ولاية إنديانا ، توقعا أن تواصل القوات الأميركية حضورها في العراق «لما لا يقل عن خمسة أعوام»، ويوم الأربعاء طالبا بوش بالسماح بانضمام قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) للقوات التي تتزعمها الولايات المتحدة في ذلك البلد.

وقال لوغار للصحافيين عقب عودته من رحلة لتقصي الحقائق في العراق: «لا مفر من مشاركة الناتو في العراق، فنحن نحتاج لأن نقوم على الفور بتحسين العلاقات في إطار الحلف، وأن نقبل بجميع العروض لمساعدة العراق بأسرع وقت ممكن».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»