إسرائيل تستخف بإعلان الهدنة الفلسطيني وتشكر الرئيس بوش على تأييدها في هذا الموقف

TT

في الوقت الذي كانت فيه التنظيمات الفلسطينية المعارضة على وشك الاعلان عن هدنة لمدة 3 أشهر، يتم خلاله التوقف عن اية اعمال مقاومة، امس، خرج عدد من المسؤولين الاسرائيليين الكبار في تصريح موحد يستخفون فيه بتلك الهدنة، ويعتبرونها امرا فلسطينيا داخليا لا يلزمهم بشيء. ويؤكدون ان عمليات الاغتيال ضد القادة الفلسطينيين الميدانيين ستستمر. وقد بدا واضحا ان هذا التطور لم يأت صدفة، بل نبع من المساندة الاميركية الصريحة، حيث اعلن الرئيس جورج بوش انه يؤيد اسرائيل في مطلبها تفكيك التنظيمات مثل حماس وغيرها وعدم الاكتفاء بالكلام عن وقف النار.

وقد اعلن مسؤول عسكري كبير، امس، ان اتفاق الهدنة الفلسطيني ما هو الا خطوة تكتيكية هدفها وقف الاغتيالات والعمليات الاسرائيلية العسكرية لفترة محددة من الزمن، لتستعيد فيه هذه التنظيمات قوتها وتعزز من مخزون الاسلحة والوسائل القتالية الاخرى، حتى تستأنف نشاطها العسكري ضد اسرائيل. واكد هذا المسؤول ان معلومات موثوقة وصلت الى اجهزته الامنية، تؤكد هذا التقدير.

وعلم ان الموقف الاسرائيلي ـ الاميركي بدأ يتبلور بهذه الحدة منذ الجلسة قبل الاخيرة التي عقدت بين وزير الشؤون الامنية في الحكومة الفلسطينية، محمد دحلان، ومنسق الشؤون الحكومية الاسرائيلية في المناطق الفلسطينية، الجنرال عاموس جلعاد. ففي تلك الجلسة طلب جلعاد من دحلان خطة امنية مفصلة توضح كيف ستقوم اجهزة الامن الفلسطينية بعملية تفكيك التنظيمات الفلسطينية المسلحة، وبشكل خاص تلك التابعة لـ«حماس» و«الجهاد الاسلامي» و«فتح». وقد تهرب دحلان من اعطاء جواب مباشر على الموضوع وراح يتحدث عن الواجبات الاسرائيلية وكيفية الانسحاب، مشددا على انه سيتولى الشؤون الامنية في كل منطقة تنسحب منها اسرائيل.

وكشف النقاب امس، ان جلعاد اكد ان اسرائيل مستعدة للانسحاب من قطاع غزة كله ومن مدينة بيت لحم. وعندما طلب منه دحلان ان يشمل الانسحاب من القطاع ايضا شارع صلاح الدين، الذي يفصله الى قسمين، اجاب جلعاد ان اسرائيل مصرة على ان يكون لها دور في السيطرة على هذا الشارع. ومقابل ذلك مستعدة للانسحاب من مدينة فلسطينية اخرى في الضفة الغربية، اضافة الى بيت لحم، هي طولكرم.

واتفق على عقد جلسة ثانية بينهما بعد ايام قليلة. لكن دحلان فوجئ بتصريحات من جلعاد يشكك فيها في نياته ونيات حكومة محمود عباس (ابو مازن) حول جدية التوجه الى الهدنة والى وقف اطلاق النار وتسلم المسؤولية الامنية وتطبيق «خريطة الطريق». وانعكس التوتر بينهما في الجلسة التي عقداها، في نفس يوم صدور تصريحات جلعاد. وقد زاد المسؤول الاسرائيلي الطين بلة، حين بدأ الجلسة بالطلب من دحلان ان يخبره كيف سيقضي على «حماس»، مذكرا اياه بتصريحات وزير الخارجية الاميركي، كولن باول، بان «حماس» تنظيم ارهابي يجب التخلص منه وبانه لا يرى فارقا بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية لهذه الحركة (مما اعتبر في حينه مسانداً للتهديدات الاسرائيلية باغتيال جميع قادة «حماس» السياسيين والعسكريين). فأجابه دحلان انه لا ينوي شن هجوم عسكري على «حماس» ولا يريد اشعال حرب اهلية بين الفلسطينيين. وقال له ايضا: «انا لست ملزما بالعمل وفق املاءاتكم. فنحن حكومة مستقلة. ونتعامل مع شعبنا وفقا لقوانيننا ومصالحنا، مثلما تتعاملون انتم مع شعبكم».

وحسب مصادر اسرائيلية مطلعة، فان جلعاد انهى الجلسة على الفور عندما سمع هذا الكلام. ولم ينتظر لقاء وزير الدفاع، شاؤول موفاز، وابلغه بالهاتف بما جرى في الجلسة. وقد رد موفاز بغضب قائلا: «اذن. سنتصرف حسب رؤيتنا». واتصل برئيس الحكومة، ارييل شارون.. فطلب هذا من مدير مكتبه، دوف فايسغلاس، ان يخبر كوندوليزا رايس، مستشارة الامن القومي الاميركية بالامر. وفي الوقت نفسه اعطيت الاوامر للجيش الاسرائيلي بالضغط الميداني على الفلسطينيين. فنفذ الجيش عملية اغتيال عبد الله القواسمي، قائد «حماس» في الخليل، واجتاحت قوات اسرائيلية كلا من الخليل ونابلس وبيت حانون.

وقد جاءت تصريحات الرئيس بوش لتتوج المواقف الاسرائيلية، اذ اعلن انه لا يكفي ان يتم التوصل الى اتفاق وقف اطلاق نار بين الفلسطينيين: «فالانتهاء الحقيقي لحركة «حماس» وغيرها من التنظيمات الارهابية يكون بتفكيك تنظيماتها العسكرية الارهابية تماما. فمن اجل تحقيق سلام في الشرق الاوسط ينبغي ان ترى تنظيمات مثل حماس مفككة». وقال بوش: «هناك ثلاثة اطراف في معادلة الشرق الاوسط، هي: اسرائيل، وانا اومن بانها تريد حلا مبنيا على اساس دولتين للشعبين، والفلسطينيون الذي ملوا الارهاب، وتنظيمات الارهاب التي تريد ان تخرب كل اتفاق ممكن».