خبراء في مؤتمر دولي حول نفط العراق: ثلثا الاحتياطي لم يستثمرا وتطويرهما سيرفع الإنتاج إلى 8 ملايين برميل يوميا

TT

العراق يملك مخزونا نفطيا هائلا وقد يصل انتاجه الى 8 ملايين برميل يوميا خلال سنوات.. كانت هذه هي الفكرة التي رددها واستشهد بها وحاول اقناع الحضور بها عدد من الخبراء في مجال النفط في المؤتمر الدولي الذي اختتم اعماله مساء اول من امس في العاصمة الايطالية وخصص لبحث صناعة النفط العراقي في المرحلة المقبلة.

قال هيلر رمبل الباحث في «المعهد الفيدرالي لعلوم الارض والموارد الطبيعية» الالماني في مؤتمر «من نفط الدكتاتورية الى نفط الحرية»، ان العراق ينتج حاليا نحو مليوني برميل يوميا من النفط، ويحتوي على 43 حقلا نفطيا لم يتم تطوير سوى ثلثها، الامر الذي يعني ان تطوير نفط العراق وانتاجه سيتزايدان في مرحلة ما بعد نظام صدام حسين. واضاف ان العراق الذي يحتوي على ثاني اكبر احتياطي نفطي في العالم يقدر بـ112 مليار برميل قادر ان يصل خلال السنوات المقبلة الى انتاج ما بين 7 الى 8 ملايين برميل يوميا.

لكن رمبل قال ايضا ان المعنيين بصناعة النفط العراقي منشغلون حاليا باسئلة مثل طرق نقل النفط العراقي في ظل الظروف الجيوسياسية الحالية والمقبلة وتأثير ديون العراق على استفادة هذا البلد بالكامل من عوائد هذه الثروة والتطورات المحتمل ان تطرأ على اسعار النفط في ظل بقاء العراق او خروجه من منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك). وحول طرق نقل النفط العراقي قال رمبل ان هناك طريق الخليج جنوبا وطريق البحر الابيض المتوسط غربا.

ورأى ان طريق الخليج الذي يوصل النفط الى اليابان والشرق الاقصى ستعرف انتعاشا.

الا ان فاضل الجلبي المدير التنفيذي «لمركز الطاقة الدولية» ومقره لندن، اعتبر ان الولايات المتحدة التي ستحظى بحصة الاسد من نفط العراق ستعتمد على طريق شرق البحر المتوسط.

وكان الجلبي اكثر تفاؤلا عندما قال في مداخلته بالمؤتمر الذي نظمته مؤسسة «ايه. دي. ان. كرونوس» الاعلامية الايطالية الحديثة النشأة، ان البحوث كشفت ان اي اكتشافات جديدة متوقعة في العراق قادرة على رفع الانتاج العراقي الى اكثر من 10 ملايين برميل يوميا.

وتطرق الجلبي الى المصاعب التي تعاني منها عملية اعادة تأهيل صناعة النفط العراقي في ظل المشاكل الاقتصادية وتدهور البنية التحتية الموروثة من النظام السابق. وقال ان المعنيين بصناعة النفط العراقي يتداولون افكارا بشأن خصخصة النفط العراقي واعتماد قواعد جديدة غير المستخدمة سابقا من اجل النهوض بهذه الصناعة الحيوية لانعاش الاقتصاد العراقي ككل.

وحول آثار عودة النفط العراقي الى الاسواق العالمية على منظمة «اوبك»، قال الجلبي ان المنظمة اظهرت حتى الآن قدرة على الحفاظ على الاسعار، الا انه اشار الى ان بقاء «اوبك» في هذه الحالة يعتمد على مدى الطلب خارج المنظمة. وقال ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتوقع ارتفاعا في هذا الطلب، لكن المركز الذي يشرف عليه خلص الى عكس ذلك.

واضاف ان اشارات كثيرة تفيد بأن ارتفاع الطلب سيجعل «اوبك» في وضعية صعبة من حيث الحفاظ على الاسعار. ورأى انه من المرجح ان تتراجع اسعار النفط في المستقبل لكن ليس في المرحلة القريبة جدا.

ومن جانبه، قال محمد السعاتي الاقتصادي بوزارة الطاقة القطرية، انه من مصلحة العراق و«اوبك» ان يبقى هذا البلد عضوا في المنظمة.

وأظهر المؤتمر بجلاء اهتمام المسؤولين الايطاليين بالمنطقة العربية وخصوصا بالوضع في العراق والمسألة الفلسطينية. ومعروف ان ايطاليا تعتبر نفسها بحكم موقعها الجغرافي وعلاقاتها التاريخية بمثابة جسر بين اوروبا والعالم العربي. وأكد ادولفو اورسو وكيل وزارة الانشطة الانتاجية الايطالية في المؤتمر، ان روما خلال ترؤسها للدورة المقبلة للاتحاد الاوروبي ستولي اهتماما كبيرا بالوضع في المنطقة العربية والدفع نحو تعزيز السلام وتطبيق «خريطة الطريق» بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

وركز العديد من المتدخلين في المؤتمر على ضرورة تحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين والاسراع بتشكيل ادارة مدنية عراقية حتى تستقر المنطقة ككل ويعاد الاعتبار للمؤسسات الدولية التي همشت في النزاعات الاخيرة مثل الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي وغيرهما.

ومن جانبها، قالت جوديت كيبر مديرة «منبر الشرق الأوسط» في «مجلس العلاقات الخارجية»، وهو معهد ابحاث بارز في اميركا، انه يتعين على الولايات المتحدة ان تعمل جاهدة مع بريطانيا من اجل اعادة كسب ثقة العراقيين والتأكيد لهم انهما «ليستا هناك من اجل احتلال العراق وانما من اجل اعادة الخدمات اليهم ومنحهم فرصة خلق مسار سياسي يحظى باجماع كافة المجموعات السياسية والدينية».

واضافت لـ«الشرق الأوسط» على هامش المؤتمر انه «من الملّح على الولايات المتحدة وبريطانيا ان يعولما عملية اعادة اعمار العراق» عبر اشراك الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وجهات اخرى.

واعترفت كيبر بأن تصاعد العمليات المناهضة للوجود العسكري الاميركي ـ البريطاني في العراق «مقلق للغاية» لأن «العناصر الموالية لصدام التي تنفذها والتي تريد اظهار الأمر وكأنه ثورة منظمة ستحول دون الاستقرار الذي يريد التحالف تحقيقه».