عالم عراقي يسلم الاستخبارات الأميركية وثائق عن البرنامج النووي أمره قصي صدام بدفنها في حديقة منزله

TT

قدم عالم ذرة عراقي الى مسؤولي الاستخبارات الاميركية معلومات جديدة عن البرنامج العراقي الخاص بالأسلحة النووية. وتمثلت هذه المعلومات في مخططات اولية وقطع قال عنها العالم العراقي انها دفنت في حديقة بيته قبل 12 سنة لاستخدامها في حالة اعادة صدام حسين مساعيه لانتاج قنابل نووية، حسبما اكد مسؤول في المخابرات المركزية الاميركية (سي. آي. إيه) اول من امس.

وسلم مهدي العبيدي، الذي ترأس برنامج تخصيب اليورانيوم في اواخر الثمانينات وبداية التسعينات، هذه الوثائق الى المسؤولين الاميركيين في بغداد بارادته، وهو يساعد حاليا عمليات التحقيق الجارية فيما يخص برنامج الاسلحة العراقية السابق حسبما ذكر مسؤولون من معهد العلوم والامن الدولي، وهو مؤسسة لا تستهدف الربح في نشاطاتها وساعدت في اجراء المفاوضات لتسليم هذه المواد الى الحكومة الاميركية.

وزود العبيدي المسؤولين الاميركيين بعدة اجزاء مكونة لجهاز الطرد الغازي الذي يستخدم لتخصيب اليورانيوم لغرض صنع الاسلحة النووية، مع تصميمات لهذا الاجراء وفق ما قالت كوري هندرشتاين مساعدة مدير المعهد. وحسب قولها فان العالم العراقي العبيدي الذي تم الاتصال به في نهاية ابريل (نيسان) الماضي قال انه دفن مواداً في فناء داره سنة 1991 بناء على اوامر قصي ابن صدام حسين.

وقالت هندرشتاين: «لو ان الاوامر صدرت لكانت هذه الوثائق والمواد قد استخدمت لبدء البرنامج مرة اخرى، لكن العبيدي لم يتلق مثل هذه الاوامر».

وعلى الرغم من تأكيدات المسؤولين في ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش قبل الحرب على ان العراق يعيد وضع خطط لانتاج القنبلة الذرية، فان المسؤولين الاميركيين لم يعثروا حتى الآن على اي ادلة تثبت ان صدام اعاد اطلاق برنامج الاسلحة النووية المتطور الذي تمكن من تطويره خلال السبعينات والثمانينات. وذلك البرنامج الذي يتضمن بناء عدة مرافق لتخصيب اليورانيوم تم تفكيكه في اوائل التسعينات على يد قوات التحالف والمفتشين العاملين مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

مع ذلك يقدم هذا الكشف الجديد، خطط بناء الاسلحة النووية الاولية مع اجزاء من مكونات الطرد الغازي في بداية هذا الشهر، تعزيزاً للشكوك من ان صدام حسين كان مستعدا للبدء بمساعيه الهادفة للحصول على الاسلحة المحرمة في المستقبل ولعل ذلك كان سيكون بعد رفع العقوبات الدولية عن العراق.

وكانت محطتا «سي إن إن» و«إن بي سي» اول من اعلن عن هذا الكشف يوم الاربعاء الماضي.

واجهزة الطرد الغازي هي مكائن تدور بسرعة وتستخدم في معالجة اليورانيوم وتحويله الى مواد انشطارية وهي ضرورية في صنع الاسلحة النووية. ولانتاج مادة انشطارية كافية لصنع قنبلة واحدة سيتطلب مئات من اجهزة الطرد الغازي (المماخض الغازية) بحيث تعمل باستمرار لفترة لا تقل عن عام واحد.

وقالت هندرشتاين ان المخططات التي قدمها العبيدي ستختصر الكثير من الوقت بالنسبة للعراق لو ان صدام قرر البدء ببرنامجه النووي. واضافت انهم «لن يكون عليهم ان يبدأوا من نقطة الصفر. لكن العراق كانت لا تزال امامه عدة سنوات كي يصل على انتاج السلاح النووي. لكنهم سيختصرون الوقت من حيث عدد السنوات المطلوبة لتطوير الاسلحة النووية.

وفي مقابلة مع محطة «سي إن إن» اول من امس قال العبيدي انه قرر تسليم هذه المواد الى المسؤولين الاميركيين لتشجيع العلماء العراقيين الآخرين للتعاون. واضاف: «لدي اشياء مهمة جدا امرت بالاحتفاظ بها ففعلت ذلك. ولا اريد لهذه المواد ان تتكاثر بسبب النتائج الخطيرة التي قد تترتب عليها اذا ما وقعت بيد طغاة او دكتاتوريين او ارهابيين».

وقال مسؤول حكومي اميركي كبير ان المكونات والوثائق التي يبلغ سمكها حوالي قدم واحد سُلمت الى وكالة الاستخبارات الاميركية هذا الشهر. ويعتبر المسؤولون الاميركيون ان «ذلك تطور مهم» في مجال المساعي الهادفة لكشف اسلحة العراق وبرامجه. واضاف المسؤول نفسه: «نحن لا نستطيع ان نحفر كل حديقة في البلد». واكد ان العالم العراقي افاد بأن المواد قد خُبئت بعد انتهاء حرب الخليج الثانية 1991 وقبل وصول المفتشين الدوليين الى العراق. والفكرة وراء ذلك هو منح العراق فرصة «المواصلة وتجنب خسارة ملايين من الدولارات» في حالة ما اذا انطلق برنامج الاسلحة النووية مرة اخرى.

من ناحية اخرى افادت محطة «إن بي سي» التلفزيونية اول من امس ان المحققين الاميركيين اكتشفوا حاويتين خبئت فيها ملايين الوثائق المتعلقة بالاسلحة الكيمياوية والبايولوجية. وتتضمن احدى الوثائق تعليمات حول كيفية اخفاء المواد وتضليل مفتشي الامم المتحدة. وتتعلق وثائق اخرى بغار الاعصاب UX.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»