لندن: هجوم المجر الكبير حادث فردي والأولوية حاليا لتهدئة الأجواء

TT

اعتبر الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن الهجوم الذي اسفر عن مقتل ستة جنود بريطانيين في المجر الكبير بجنوب العراق الثلاثاء الماضي، هو حادث فردي. وقال إن تحقيقاً قد بدأ لاكتشاف ملابسات الحادث. غير ان مراقبين اعتبروا هذا الهجوم شبيها بأحداث أخرى شهدتها الفلوجة (غرب) ومناطق أخرى في العراق، حيث كان الاميركيون هدفاً لاعمال العنف.

وقال الناطق الذي كان يتحدث أمس في مؤتمر صحافي بمقر «جمعية الصحافيين الاجانب» بلندن، إن تحقيقاً قد فُتح لمعرفة تفاصيل الحادث. ونسبت تقارير الى مصادر في وزارة الدفاع قولها إن العسكريين البريطانيين يعملون حالياًَ على اكتشاف تسلسل الوقائع التي أفضت الى مقتل الجنود في المجر الكبير وجرح سبعة آخرين في كمين منفصل. واعتذر الناطق باسم بلير عن الخوض في التفاصيل لرغبته «بعدم استباق نتائج التقرير (الذي يتم إعداده حالياً)». بيد انه اعتبر أن «هذا حادث معين، (وقع) في منطقة معينة وفي وقت معين، اي أنه ليس جزءاً من مشكلة أكبر». ونفى صحة ما نُقل عن بعض سكان المجر الكبير بأن الهجوم جاء رداً على عمليات مداهمة استفزازية لم يحترم خلالها البريطانيون العادات العراقية. وأكد أن «هذا تعميم بالغ، فجنودنا يبذلون قصارى جهدهم على الداوم لمراعاة الحساسيات المحلية». واشار الناطق الرسمي باسم بلير الى أن مجلس الوزراء ناقش في جلسته الاسبوعية صباح امس هجوم المجر الكبير وأقر بأنه يجب ألا يعيق الجهود البريطانية لإعادة الاستقرار الى العراق. ورأى أن البريطانيين لا يزالون يتعلمون الدروس في العراق ويحاولون الاستفادة من تجاربهم بتحسين ادائهم. وزاد «لقد صرنا مسؤولين عن العراق بعدما تحول في بنيته الاساسية الى دولة مفككة». وتابع إن العراقيين كانوا لدى وصول البريطانيين «تعرضوا للترهيب (على يد النظام المخلوع) وليسوا معتادين على اتخاذ القرار بنفسهم، وهم في رعب حقيقي من أن يعود صدام». واردف «مع مجيء بول بريمر الذي يساعده ممثلنا جون سويرز، صار هناك قيادة على رأس العراق وهي تعمل على تخليصه من الفوضى السائدة». وحسب شهود عراقيين فان الاحداث التي وقعت في المجر الكبير بدأت عندما قامت مظاهرة احتجاج على عمليات المداهمة التي يقوم بها الجنود البريطانيون للمنازل بحثا عن اسلحة وذخائر مصحوبين بكلاب. وما حصل في الفلوجة في نهاية ابريل (نيسان) الماضي شبيه بما حصل في المجر الكبير. فقد كان سكان الفلوجة يتظاهرون احتجاجا على عمليات التفتيش التي تستهدف النساء على الحواجز وفي المنازل، ففتح الجنود الاميركيون النار ما ادى الى سقوط 16 قتيلا واكثر من سبعين جريحا. ومنذ ذلك الوقت توالت الهجمات شبه اليومية التي تستهدف قوات التحالف في مدينة الفلوجة التي تعد نصف مليون نسمة والواقعة على بعد نحو خمسين كلم غرب بغداد.

وذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية أمس ان المحققين العسكريين يحاولون تتبع تسلسل الاحداث التي قادت الى الهجوم. ونقلت عن مصدر في الوزارة قوله «إننا نواجه صعوبة في الحصول على الصورة الكاملة لأن جميع الجنود الذين كانوا في البلدة قد قتلوا». ورجح مصدر آخر تحدثت اليه الصحيفة انه «بعد وقوع الحادث في البلدة، قرر مسلحون عراقيون توجيه ضربة استباقية لاي محاولة بريطانية لإرسال (قوة) نجدة» فهاجموا طائرة هليكوبتر من طراز شينوك قدمت لنقل الجرحى. واشارت الصحيفة الى ان مقتل الجنود الستة وقع قبل الهجوم على ثمانية جنود آخرين اسفر عن إصابة سبعة منهم بجروح.

وافادت الصحيفة بأن الاولوية لدى القوات البريطانية حالياً هي «تهدئة الاجواء» بعد حادث المجر الكبير، لا سيما ان غضب بعض العراقيين قد وصل «درجة الغليان». وفي هذا السياق، زار اللفتنانت كولونيل توم بيكيت، وهو قائد فرقة الجنود الذين اصيبوا بجراح جراء تعرضهم لكمين الثلاثاء الماضي، بلدة المجر الكبير حيث التقى الوجهاء المحليين. ونُسب الى الميجور جنرال بيتر وال، قائد القوات البريطانية في العراق، قوله إن جنوده لن يعمدوا الى ارتداء الخوذ الفولاذية والسترات الواقية بسبب الاحداث الاخيرة، بل سيواصلون ارتداء القبعات العسكرية العادية والعمل على حفظ السلام «بالطريقة البريطانية». ويذكر ان البريطانيين، خلافاً للاميركيين تجنبوا الخوذ والسترات الواقية انطلاقاً من نهجهم التقليلدي في التقرب من المواطنين المحليين.

إلا أن صحيفة «التايمز» نقلت أمس عن جنود بريطانيين عاملين في جنوب العراق قولهم إنهم يسعون سعياً دؤوباً لعدم المساس بالعادات العراقية. وقال أحدهم لمراسل الصحيفة «لقد توقفنا عن ارتداء النظارات الشمسية بحضورعراقيين، لأننا نعرف أن هناك اعتقاداً (بين العراقيين) انها (النظارات) لها بشكل ما قوة أشعة إكس التي تمكن المرء من رؤية الاجساد المغطاة بالثياب». وأضاف «نحن حساسون الى درجة خيالية تجاه الثقافة والتقاليد الاسلامية». ومن جهة أخرى، قال الناطق باسم بلير إن كامبل لم يتعمد اتهام الـ«بي.بي.سي» بالسعي لتنفيذ «اجندة خفية». وحاول التهوين ايضاً من تأكيد كامبل المتكرر اول من أمس في إطار إدلائه بإفادته امام لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية، بان الهيئة «تروج للكذب» لانها لم تعتذر بعد على بثها تقارير حول استياء اجهزة الاستخبارات «عبث» كامبل المزعوم بمعلومات أمنية للمبالغة بتضخيم خطر اسلحة الدمار الشامل العراقية. غير ان الناطق باسم بلير اصر أن على الـ«بي.بي.سي» أن تجيب عن عدد التساؤلات التي سردها مفصلة، وتهدف الى تسليط الضوء على «المفارقات والمغالطات» التي يفترض ان يكون تقرير الهيئة قد تضمنها. ويشار الى ان الـ«بي.بي.سي» اعتبرت أن اتهامات كامبل في غير محلها، مؤكدة أنها لم ترتكب خطأً لتعتذر عنه وأنها لاتزال متمسكة بصحة ما ورد في التقرير الذي يثير كل هذا الجدال.