مغربي معتقل لدى البوليساريو يتهم في كتاب مهرب عسكريين جزائريين بتعذيبه

TT

كشف الحزب المغربي الليبرالي أول من أمس في الرباط عن تفاصيل مثيرة حول قصة أسير مغربي مدني ما يزال رهن الاعتقال في الجزائر منذ اختطافه في الصحراء منذ 23 سنة، ونقله الى تندوف (جنوب الجزائر) ونشرت مذكراته اخيرا.

وقال محمد زيان، الأمين العام للحزب المغربي الليبرالي، إن عبد الله لامني صاحب الكتاب ما يزال يعيش في المعتقل في تندوف، مشيرا إلى أن صدور الكتاب، الذي تكلف حزبه بطبعه بعدما تلقى مخطوطا عبر وسائل خاصة، من شأنه أن يعرض حياة صاحبه للخطر. ودعا زيان الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي أول من أمس الحكومة المغربية إلى القيام بكل ما يلزم لإنقاذ حياته وحياة كل المغاربة الذين ما يزالون معتقلين في تندوف.

وسألت «الشرق الأوسط» زيان عما إذا كان ممكنا الكشف عن الوسائل الخاصة التي تسلم عبرها المخطوط، فرفض إعطاء تفاصيل، مكتفيا بالقول «لنا علاقاتنا مع جهات في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، واني كنت في وقت سابق وزيرا لحقوق الإنسان، وهذه المسؤولية مكنتني من نسج علاقات مع منظمات إنسانية وحقوقية، وهي التي مكنتنا كما تعلم ربما من الإفراج عن الصحافي محمد باهي». وردا على سؤال آخر حول ما إذا كان متأكدا من أن الكتاب يتضمن معلومات صحيحة، قال زيان «راجعنا ما جاء فيه مع عدد من الذين يعرفون الموضوع جيدا، وأكدوا لنا أن كل المعلومات والأماكن والأسماء صحيحة، وصاحب الكتاب ما يزال معتقلا هناك».

ويحكي الكتاب الذي حمل عنوان «الرعب» وهو مكتوب باللغة الفرنسية ظروف اعتقال عبد الله لامني عام 1980 في منطقة طاطا لما كان عائدا رفقة صديقين في حافلة إلى مدينة الدار البيضاء حيث كان يعمل كهربائيا في معمل لصناعة عود الثقاب. وقال لامني إنه في يوم 20 أغسطس (آب) من عام 1980 لما كانت الحافلة قد أخذت طريقها ظهر على بعد 60 مترا رجل مقَنع يصوب بندقيته في اتجاه الحافلة مما دفع السائق إلى التوقف، «ثم ظهر عدة رجال مقنعين، طلبوا منا النزول وبدأوا يضربوننا على الرؤوس والكتف»، ولفت لامني إلى أن عدد الركاب كان 24 شخصا من بينهم أربعة جنود مغاربة، وأغلب الركاب من الفتيان والشيوخ.

وقال لامني إنه تعرض وما يزال يتعرض رفقة مواطنيه على يد عسكريين جزائريين لتعذيب قاس من ضرب وتجويع وتعطيش، كما كانوا يُجْبَرون على القيام بالأشغال الشاقة، وذكر من بينها حمل صناديق مملوءة بالأسلحة والمتفجرات التي «كانت تحمل اسم البلدان التي جاءت منها كليبيا وسورية والجزائر».

وتساءل عن أسباب استمرار السلطات المغربية والمنظمات الحقوقية العالمية في اعتباره رفقة عدد من مواطنيه سجناء حرب، برغم أنه لم يرتد أبدا البزة العسكرية. وكشف أنه قام بإحصاء شخصي تبين له أنه من بين 2331 معتقلا يوجد 105 مدنيين، 60 منهم تم تحريرهم في فترات مختلفة. وقال لامني إن إحصاءه أقرب إلى الدقة من إحصائيات اللجنة الدولية للصليب الأحمر. كما كشف لامني عن وجود نساء مغربيات معتقلات تم اختطافهن في المسيرة الخضراء عام 1975، وقال إن بعضهن قُتِلن وبعضهن أُجْبِرن على الزواج وأصبح عدد من أبنائهن جنودا في صفوف جبهة البوليساريو.

وتساءل لامني أيضا، قائلا بأي قانون ألقى عليه الجنود الجزائريون القبض فوق تراب مغربي مستقل وقادوه إلى سجون الجزائر؟ وقال: «هؤلاء المسؤولون الجزائريون هل يمكن أن يحاكموا يوما عن التعذيب القاسي الذي اخضعونا له. ستكون سعادتي كبيرة عندما أراهم يقفون أمام المحكمة. إنهم خطفوني عام 1980 عندما كان عمري 27 سنة في الوقت الذي كان فيه جيمي كارتر رئيساً لأميركا، وبريجنيف رئيساً للاتحاد السوفياتي. وما زلت أيضا معتقلا وعمري الآن 49 سنة. أنا الآن جد متعب ولا أستطيع إكمال المسيرة في درب الحياة هذا الذي لم يعد يساوي شيئا».