تقرير المفتش العام لوزارة العدل الأميركية ينتقد اعتقال مئات المسلمين بدون سند قانوني.. ويحقق في شكاوى المعتقلين

TT

أصدر المفتش العام لوزارة العدل الاميركية مؤخرا تقريرا عن معاملة الوزارة، وخاصة مكتب المباحث الفيدرالي (إف بي آي)، للعرب والمسلمين الاجانب الذين اعتقلوا بتهمة الارهاب بعد الهجمات بالطائرات في نيويورك وواشنطن.

عدد الذين اعتقلوا كان سبعمائة شخص تقريبا، ولم توجه تهمة الارهاب الا الى واحد منهم فقط، وهو زكريا موساوي، الفرنسي الجزائري، الذي يوصف بأنه «الخاطف العشرون»، أي انه تأخر في الانضمام الى التسعة عشرة الذين خطفوا الطائرات وفجروها في نيويورك وواشنطن.

اما الذين لم تعثر الشرطة على أي دليل يربطهم بالارهاب او الارهابيين فقد ظلوا معتقلين بتهمة مخالفة قانون الاقامة، مثل عدم التجديد، وعدم التسجيل، والدخول بطريقة غير قانونية، والزواج المزور بأميركية، وهؤلاء ابعدوا كلهم تقريبا.

تقرير المفتش العام اعتمد على تحقيقات اجريت مع بعض أفراد الشرطة الذين اساءوا معاملة المعتقلين، ومع بعض المعتقلين انفسهم. هؤلاء قدم لهم المفتش العام فرصا كثيرة لشرح ما حدث لهم، مما يعطيه مصداقية تستحق التقدير، رغم ان رئيسه، وزير العدل، جون آشكروفت هو الذي قاد حملة الاعتقالات. وفي ما يلي مقتطفات من التقرير:

* الاخطاء:

* «نحن نعترف بأن هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) كانت تحديا صعبا لمكتب المباحث الفيدرالي (اف بي آي) وادارة الهجرة والتجنس (آي ان اس) ومكتب السجون الفيدرالية (بي او بي). هذه كان عليها التحقيق في الهجوم الذي حدث، وفي نفس الوقت، كان عليها تحاشي هجوم آخر مماثل.

وبدون التقليل من جهودهم، نريد ان نقدم بعض الملاحظات حتى لا تتكرر الاخطاء التي حدثت:

واول ملاحظة هي ان كثيرا من المعلومات التي جمعتها الشرطة واعتمدت عليها في الاعتقالات، كانت غير محددة، مثل ان يشك صاحب شقة في سلوك مستأجر الشقة العربي.

وثاني ملاحظة هي عدم الفصل الكامل بين المعتقلين بتهمة الارهاب والمعتقلين بتهمة مخالفة قانون الاقامة. ولهذا وضع معظم المخالفين لقانون الاقامة في قائمة جديدة اسمها «معتقلوا الحادي عشر من سبتمبر»، وهذا زاد الشكوك فيهم، وزاد المعاملة السيئة التي كانوا يعاملون بها …».

و«حسب القانون، لا بد من ابلاغ المعتقل بالتهمة ضده خلال ثمان واربعين ساعة بعد اعتقاله. وبالنسبة للذين يخرقون قانون الاقامة، لا يوجد قانون معين، لكن المسؤولين، عادة، يبلغون المعتقل بالتهمة ضده خلال اثنين وسبعين ساعة بعد اعتقاله».

لكن هذا لم يحدث مع معتقلي «الحادي عشر من سبتمبر». لماذا؟

اولا: مكتب المباحث الفيدرالي (اف بي آي) طلب من ادارة الهجرة والجوازات عدم اطلاق سراح أي معتقل قبل ان يحقق هو معه، ويراجع سجلاته. لكن هذا استغرق وقتا طويلا.

ثانيا: ربط المعتقلين بهجمات الحادي عشر من سبتمبر عرقل اطلاق سراحهم بكفالات مالية، وعرقل توفير المحامين لهم.

ثالثا: نقل المعتقلين من مكان الى آخر اثر على سرعة الاتصالات بين المسؤولين عن التحقيقات والمسؤولين عن السجون والمحامين.

رابعا: احيانا، وحتى بعد قرار من قاض بابعاد بعض المعتقلين لمخالفة قانون الاقامة، استمروا في الاعتقال في انتظار تحقيق مكتب التحقيق الفيدرالي معهم».

* زيارة المعتقلين

* «فريق من مكتب المفتش العام قابل تسعة عشر من المعتقلين، وكلهم اشتكوا من سوء المعاملة، مثل الاذى الجسماني او الشتائم، وقالوا ان رجال الشرطة قيدوهم بطريقة خشنة، وضربوهم بالحائط، واشتكوا من عدم السماح لهم بالاتصال تلفونيا بعائلاتهم. ونحن راجعنا قوائم الاتصالات التلفونية التي تحتفط بها شرطة السجون، ووجدنا ان التسعة عشر معتقلا اتصلوا مائتي مرة، ورفضوا الاتصال ستين مرة. وهناك سبعة وعشرون محاولة اتصال، بدون تحديد انها اكتملت او لا.

ونحن حسبنا هذه الارقام، ووجدنا ان معناها ان كل معتقل اتصل مع عائلته تلفونيا مرة واحدة كل اسبوع خلال فترة الاعتقال.

واشتكى سبعة من المعتقلين أنهم لم يقدروا على اكمال الاتصالات التلفونية».

وعلى أي حال، لا بد ان مكتب المفتش العام لوزارة العدل بذل جهدا كبيرا للتأكد من شكوى المعتقلين بأنهم لم يقدروا على اجراء اتصالات تلفونية كافية. لكن لا يوجد أي دليل بأن أي واحد من المعتقلين منع من الاتصال بعائلته.

* الإضراب عن الطعام

* «في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 2001، بعد مرور ثلاثة شهور تقريبا على الهجوم الارهابي، واعتقال مئات من المسلمين المشكوك فيهم، نقلت الاخبار ان عشرين من المعتقلين اعلنوا الاضراب عن الطعام احتجاجا.

ومن بين التسعة عشر معتقلا الذين سألناهم، قال اربعة انهم اشتركوا في الاضراب عن الطعام، وان من اسباب ذلك عدم السماح لهم بالاتصال بالمحامين.

ونحن راجعنا قائمة الحوادث داخل السجن يوم 28 ـ 11 ـ 2001، ووجدنا اشارة الى ان عشرين معتقلا رفضوا الاكل في ذلك اليوم.

والمسؤولون في السجون قالوا لنا ان اول محام اجرى اول اتصال مع معتقل كان بعد عشرين يوما من الهجمات الارهابية، ولكن بعد ذلك سمح للمحامين باجراء الاتصالات التي يريدونها».

والمفتش العام اتصل ببعض هؤلاء المحامين، واكدوا له انهم واجهوا مشاكل في البداية، ولكن، بعد الشهر الاول او الثاني، اختفت المشاكل.

وهذا يوضح ان المفتش العام بذل جهدا كبيرا للتحقيق في هذه الشكوى التي قدمها بعض المعتقلين.

* الزيارات العائلية

* «التحقيقات التي اجريناها اوضحت ان كثيرا من المعتقلين لم يتصلوا بعائلاتهم بطريقة منتظمة بسبب وصفهم بأن لهم صلة بالهجوم الارهابي. وايضا بسبب نقل بعضهم من مكان الى آخر.

مثل حالة المعتقل «أ» الذي قال لنا ان المسؤولين في السجن رفضوا السماح لزوجته بأن تزوره. ونحن اتصلنا بالزوجة، وهي قالت لنا ان المسؤولين انكروا وجود زوجها في السجن خلال الشهرين الاولين بعد اعتقاله.

لكنها زارته، لاول مرة، بعد اكثر من شهرين من اعتقاله، ثم منعوها مرة، لأن زوجها عوقب لأنه خالف قانون السجن، ورفض الوقوف عند مرور حارس السجن.

وقالت لنا انهم سمحوا لها بزيارة اخرى، ثم منعوها مرة لأنها ذهبت الى السجن في غير وقت الزيارة.

ثم زارته مرة اخرى، ثم منعوها مرة، لأن غرفة الزيارة كانت مليئة بالزوار. وطلبوا منها الحضور في اليوم التالي، على ان تتصل قبل الحضور، لكنها قالت انها لم تقدر على الاتصال بالسجن لأن الرقم كان مشغولا دائما».

* التعري

* «المعتقل «ب» اشتكى بأن اثنين من حراس السجن، عندما ادخلوه الزنزانة اول مرة، ضغطو ظهره على الحائط، وجرحوا يده، ونزعوا ملابسه، وتركوه عاريا بدون بطانية.

ونحن حققنا مع حراس السجن، وهم نفوا انهم تركوه عاريا، لكنهم قالوا انهم استمعوا الى شكوى المعتقل، ونقلوه الى المركز الطبي داخل السجن، ونفى التقرير الطبي وجود جروح».

هناك شكاوي اخرى، مثل: معتقل قال انهم اعطوه دواء «تايلنول» للصداع، بينما هو اشتكى من آلام الحلق. ومعتقل ثاني قال ان حراس السجن شتموه، وقالوا له: «انت اسامة بن لادن الصغير». ومعتقل ثالث قال ان الحراس شتموه لأنه عربي. وآخرون قالوا ان الحراس قطعوا عليهم صلواتهم. وآخرون قالوا انهم لم يشتركوا في التمارين الرياضية داخل السجن لأن ملابسهم كانت خفيفة والبرد كان شديدا.

المفتش العام حقق مع حراس السجن في كل هذه الشكاوى، ووجد اما ان الحراس نفوا ما حدث، او اخطأوا اول مرة ثم اصلحوا خطأهم، او كانوا يتبعون قوانين السجن حرفيا، مثل عندما يحصون عدد المعتقلين في وقت محدد، يصادف احيانا وقت صلاة.

وانتقد تقرير المفتش العام وزير العدل لأنه اعتقل مئات من المسلمين بدون سند قانوني، ولأنه ابعدهم بدون اجراءات قانونية كافية.