الجميل العائد من طرابلس: أبلغني القذافي انزعاجه من تدهور العلاقات اللبنانية ـ الليبية

TT

قال رئيس الجمهورية اللبنانية الاسبق امين الجميل لـ«الشرق الاوسط» ان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ابلغه انزعاجه الشديد مما وصلت اليه العلاقات اللبنانية ـ الليبية، مشيراً له الى ان على لبنان القيام بخطوة لتحسين هذه العلاقات حتى يقابلها بخطوات من عنده.

وكان الجميل قد عاد الى بيروت قبل ايام بعد زيارة قام بها الى الجماهيرية الليبية بدعوة من الزعيم القذافي رافقه فيها نجله النائب بيار الجميل. وقد لقي خلالها حفاوة بالغة كانت موضع تساؤلات في الاوساط السياسية في بيروت التي رأت فيها «رسالة ليبية» الى المسؤولين اللبنانيين، فيما انتقدتها جهات دينية ونيابية واعتبرتها «تجاهلاً لمسؤولية النظام الليبي في اختطاف موسى الصدر».

الا ان الرئيس الجميل رد على هذه الانتقادات متسائلاً: «لماذا لم يحصل مثل هذا الانزعاج حين زار النائب وليد جنبلاط ليبيا قبل اقل من شهر؟ او عندما استقبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري وفداً برلمانياً ليبياً شارك في مؤتمر البرلمانيين العرب الذي عقد في بيروت اخيراً؟ وقبل هذا وذاك يوم جاء وزير الخارجية الليبي علي عبد السلام التريكي لحضور مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في بيروت، حيث جرى له استقبال رسمي والتقى العديد من الوزراء والشخصيات... ناهيك من استقبال رئيس الجمهورية اميل لحود اكثر من مرة لأحمد قذاف الدم ابن عم الزعيم الليبي؟».

واستطرد الجميل قائلاً: «كفى مزايدات، فسياسة النعامة لم تعد تجدي نفعاً. لقد كنت اول من شجب واستنكر مسألة اختطاف وغياب الامام الصدر، كما ان والدي، رئيس حزب الكتائب الشيخ بيار الجميل ، كان على علاقة متميزة معه. ولكم افتقدنا الامام الصدر حين اشتدت الحرب في لبنان، اذ لو كان بيننا لتجنبنا الكثير من الويلات ولجرى تعزيز الوحدة الوطنية التي طالما عمل من اجلها».

ورداً على سؤال عما اذا كان اثار قضية الصدر مع الزعيم القذافي، اجاب الجميل بالنفي، موضحاً انه لم يفعل ذلك تجنباً لاي احراج. لكنه افاد انه تناول هذا الموضوع مع عدد من المسؤولين الليبيين، متمنياً عليهم المساعدة على ايجاد حل لهذه المسألة كما فعلوا في قضية تفجير الطائرة الاميركية فوق قرية لوكربي الاسكوتلندية التي راح ضحيتها عدد كبير من الاميركيين.

ويلفت الجميل الى ما يعتبره «الضرر الاكبر» الناجم عن تردي العلاقات بين بيروت وطرابلس والذي لمسه قبل سفره حين جاءه عشرات التجار والصناعيين اللبنانيين يشكون ما لحق بهم من «كوارث» جراء هذه العلاقات، وبعدما اقدمت السلطات الليبية على الغاء كل العقود الموقعة معهم مع ما يعني ذلك من خسارة تقدر بمئات الملايين من الدولارات، في وقت اكثر ما يكون فيه لبنان بحاجة الى من ينعش اقتصاده، خصوصاً ان ليبيا لا تصدر شيئاً الى لبنان بل تستورد منه الحمضيات وبعض الصناعات.

وأشار الجميل الى انه «بالاضافة الى وقف ليبيا التعاطي التجاري مع لبنان، فإنها منعت اعطاء تأشيرات دخول للبنانيين. ومن يُستثنى فإنما بقرار سياسي. وهذا كله مضر جداً بلبنان».

وعن فحوى المحادثات التي اجراها مع الزعيم الليبي، افاد الجميل انها تركزت على مسألتي الوضع في المنطقة بعد الحرب على العراق والعلاقات الليبية ـ اللبنانية «حيث اعرب (القذافي) في الجانب الاول عن استيائه من بعض الانظمة العربية لطريقة تعاطيها مع الحرب الاميركية على العراق وارتمائها في احضان اميركا، علماً ان الرئيس القذافي مع اقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة لكن مبنية على الصراحة والاحترام المتبادل. اما في ما يتعلق بالعلاقات مع لبنان فقد ابلغني الرئيس القذافي انزعاجه الشديد مما آلت اليه من تدهور»، مشيراً الى انه كان يفضل معالجتها على مستوى الدولتين لايجاد الحلول لها ومؤكداً ان «على لبنان القيام بخطوة في هذا السبيل حتى نلاقيه بخطوات من قبلنا»، على حد قوله.

وقال الجميل انه سعى لاعادة تطبيع العلاقات بين لبنان وليبيا، الا انه ووجه بأسئلة من قبل المسؤولين الليبيين ابرزها يتعلق بقضية الصدر، اذ ابدوا استغرابهم لاثارة هذه القضية التي يعود عمرها الى السبعينات بهذا الشكل، خصوصاً ان العلاقات اللبنانية ـ الليبية كانت على ما يرام حتى عام 2000.

وذكر الجميل ان «السلطات الليبية باتت على قناعة بأن هناك اطرافاً في لبنان لا ترغب في عودة العلاقات الى صفائها».