حكومة بلير تخوض صراعا ضد الـ«بي. بي. سي» وتخسر ثقة الناخبين

TT

فقد توني بلير رئيس الوزراء البريطاني امس، ولأول مرة منذ مجيئه الى السلطة عام 1997، تأييد الغالبية من الناخبين، حسب أحدث استطلاعات الرأي، وذلك بينما كانت سحب الجدل تتكثف حول الطريقة التي قادت بريطانيا الى دخول الحرب ضد العراق.

واظهر استطلاع للرأي اجري لصحيفة «نيوز اوف ذي وورلد» الصادرة امس ان غالبية الناخبين تعتبر ان بلير لم يعد جديرا بالثقة، واعربت الاغلبية عن رغبتها برحيله بدلا من بقائه في السلطة.

ورأى الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع ان توني بلير يقوم بعمله جيدا كرئيس للوزراء في ظروف صعبة. لكن 46% يأملون في استقالته في حين ان 45% يعتقدون بضرورة بقائه في منصبه. وردا على سؤال عن الثقة التي يمنحونها الى رئيس وزرائهم، اعرب 58% من البريطانيين عن شكوك، فيما ايده 36%.

وتتبادل الحكومة البريطانية وهيئة الاذاعة البريطانية، منذ عدة أيام، اتهامات بالكذب والابتزاز، في شأن المعلومات التي استندت اليها الحكومة البريطانية لتبرير الحرب ضد العراق. وشهد الجدل بين الطرفين تصعيدا جديدا، عندما هدد صحافي بريطاني امس بملاحقة نائب في حزب العمال الحاكم قضائيا ما لم يقدم اعتذارا عن اتهامات ساقها ضده في اطار النزاع حول تلك المعلومات.

وقال اندرو غيليغان المراسل العسكري للـ«بي.بي.سي» اول من امس انه يعتزم ملاحقة فيل وولاس نائب رئيس مجلس العموم قضائيا في حال لم يقدم له اعتذارا عن اتهامه بالقيام عبر معلومات خاطئة بتضليل لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم التي تحقق في ظروف دخول بريطانيا الحرب ضد العراق.

ويعود مصدر الجدل الى ملفين جمعتهما الحكومة لعرض التهديد الذي تشكله اسلحة الدمار الشامل العراقية.

وفي الملف الاول الذي نشر في سبتمبر (ايلول) 2002 تؤكد الحكومة ان صدام حسين يملك اسلحة دمار شامل ويمكنه استخدامها في مهلة 45 دقيقة. ويتضمن الملف الثاني الذي نشر في فبراير (شباط) 2003 لائحة ضخمة بأسلحة الدمار الشامل، اثنى عليه وزير الخارجية الاميركي كولن باول في الامم المتحدة. وبدأت مشاكل توني بلير تظهر حين تبين ان العناصر الواردة في الملف الثاني اقتطع القسم الاكبر منها، حرفيا ومع الاخطاء اللغوية، من اطروحة جامعية منشورة على الانترنت.

وكان غيليغان اكد في 29 مايو (ايار)، نقلا عن مصدر لم يحدده، ان ما ورد في الملف الاول عن قدرة العراق على استخدام اسلحة في غضون 45 دقيقة اضيف بطلب من مدير المكتب الاعلامي للحكومة اليستر كامبل. واضاف غيليغان ان ذلك حصل خلافا لرأي اجهزة الاستخبارات البريطانية التي اعتبرت ان المعلومات غير موثوقة جدا.

والهدف على حد قول غيليغان كان «تضخيم الملف» لاقناع الرأي العام البريطاني الذي كان منقسما آنذاك بضرورة المشاركة في الحرب. ووصف كامبل ذلك «بالاكاذيب» في رسالة الى الـ«بي. بي. سي» طلب فيها اعتذارات مضادة.

ورد مدير الاخبار في المحطة ريتشارد سامبروك بسرعة على ذلك بقوله «من تجربتي فان هذا مستوى غير مسبوق من الضغط على الـ«بي. بي. سي» من الحكومة البريطانية» متهما كامبل بشن «عملية انتقام شخصية» ضد غيليغان.

ومع تفاقم حدة الجدل اكدت الـ«بي. بي. سي» انها اطلعت مسبقا وزارة الدفاع على الاتهامات التي وجهتها في مايو (ايار) الماضي الى رئاسة الوزراء بـ«التلاعب» بملفات الاسلحة العراقية.

وكثف انصار ألستير كامبل في المقابل هجماتهم المضادة مؤكدين ان الاذاعة قد كذبت وانتهكت المبادئ الاخلاقية للعمل الصحافي.

وأكد بن برادشو مساعد زعيم مجلس العموم ان هيئة الاذاعة البريطانية لم تحترم قواعدها الصحافية الخاصة ولا سيما منها تلك التي تنص على «عدم الركون الى مصدر واحد مغفل».

وعندما ووجه بن برادشو من قبل مقدم برنامج «توداي» جون هامفريس بأن وزارة الدفاع ابلغت بمضمون البرنامج المثير للجدل عشية اذاعته في 29 مايو، رد بالقول «هذا مثال آخر عن محاولة يائسة تقوم بها هيئة الاذاعة البريطانية للدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، اي صحافة فارغة تفتقد الى الاخلاق المهنية».