إيطاليا تبدأ رئاستها للاتحاد الأوروبي بالدعوة إلى مواجهة الهجرة بقبضة من حديد

TT

تنتهي اليوم فترة الرئاسة اليونانية للاتحاد الأوروبي التي استمرت ستة أشهر، بدأت مع مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي. وتنتقل الرئاسة إلى إيطاليا ابتداء من يوم غد لستة أشهر قادمة.

وخلال فترة الرئاسة اليونانية للاتحاد نجحت أثينا إلى حد كبير في تحقيق عدة نجاحات تتعلق بملفات داخلية تهم أوروبا في المقام الأول، وملفات أخرى تتعلق بالقضايا الدولية.

لكن الفترة التي تولت فيها اليونان الرئاسة شهدت عدم القدرة على تجاوز خلافات وانقسامات جادة عانت منها القارة الأوروبية، حول العديد من القضايا.

الملف العراقي أكثر الملفات التي شكلت اختيارا صعبا للرئاسة اليونانية عندما انقسم الاتحاد إلى فريقين، أحدهما يضم بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا من الذين يساندون الولايات المتحدة، سواء قبل العمليات العسكرية التي بدأت في العراق في 20 مارس (آذار) وأثناء وبعد انتهاء الحرب. في حين تشكل الفريق الآخر من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا ودول أخرى كانت تفضل اللجوء إلى الأمم المتحدة لإنهاء الأزمة، وترفض انفرادية الولايات المتحدة باتخاذ القرار في القضايا الدولية، وتطالب باحترام قرارات الأمم المتحدة، ودورها الأساسي.

وخلال تلك الأزمة نجحت اليونان في الحفاظ على الاتصال مع واشنطن برغم الضغوط التي واجهتها حكومات بعض الدول الأوروبية من جانب الرأي العام الأوروبي، الذي خرج في الشوارع ليعلن عن سخطه من سياسة الولايات المتحدة ورئيسها في إدارة الأزمة العراقية.

وخلال الرئاسة اليونانية أعلن الاتحاد عن استراتيجية جديدة له للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، كما بدأت أول قوات أوروبية لحفظ السلام تحت قيادة الاتحاد عملها في دول البلقان، وأرسلت قوات عسكرية للمرة الأولى إلى الكونغو برئاسة فرنسية لإنهاء العنف هناك.

وعلى الصعيد الاقتصادي نجحت الرئاسة اليونانية منذ يومين في التوصل إلى اتفاق حول إصلاح جذري للسياسة الزراعية المشتركة بين دول الاتحاد، كما واصل «اليورو» (العملة الأوروبية الموحدة) تقدمه على الدولار، وتم تدعيم ومساندة الدول الأوروبية العشر المقرر حصولها على عضوية الاتحاد مع مطلع مايو (أيار) المقبل.

واتبع الاتحاد الأوروبي أسلوبا هادئاً عبر الحلول السياسية والدبلوماسية لإنهاء أزمات دولية مختلفة مع التأكيد على التزامه بضرورة تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بها وكان واضحا في تعامله مع قضايا مثل كوريا الشمالية وإيران وعملية التسلح النووي.

وشهدت منطقة الشرق الأوسط قرارات عديدة قام بها عدد من المسؤولين اليونانيين، ومنهم وزير الخارجية جورج باباندريو، وحاولوا خلالها تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع، وإقناعهما بوقف العنف والعودة إلى طريق السلام، من خلال تنفيذ خطة «خريطة الطريق»، التي شارك الاتحاد في صياغتها ضمن اللجنة الرباعية.

وأخيرا شهدت الرئاسة اليونانية التوقيع التاريخي على معاهدة توسيع الاتحاد، ليضم عشر دول جديدة من وسط وشرق أوروبا، ليصبح 25 دولة.

وغدا سوف تنتقل الرئاسة إلى إيطاليا التي سوف تتسلم العديد من الملفات التي لم يتم بعد التوصل إلى حلول بشأنها، ومنها ملف استمرار الخلافات مع الولايات المتحدة حول بعض القضايا الدولية، ودور الاتحاد في عراق ما بعد الحرب، وتنفيذ خطة «خريطة الطريق»، وبتحقيق الانضمام الفعلي للدول العشر الجديدة للاتحاد، والعمل على توحيد السياسة الخارجية والدفاعية للاتحاد وتدهور اقتصاديات عدد من دوله وعلى رأسها ألمانيا، والخطوات المترتبة على ذلك.

وقد سارعت روما حتى قبيل تسلمها للرئاسة التي تستمر إلى نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل بالدعوة لمواجهة الهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي من خلال تجديد الإجراءات الأمنية على جميع المنافذ. وحسب ما أعلن وزير خارجية إيطاليا أمس، فرانكو فاراتيني، فإن هناك خطة جاهزة لمواجهة الهجرة غير الشرعية التي تأتي عبر موانئ إيطاليا وإسبانيا واليونان. وأشار كذلك إلى آلية التعاون والعمل المشترك مع عدد من الدول المصدرة للهجرة، من خلال دعمها اقتصاديا، وإقامة المشروعات المشتركة لتوفير فرص العمل لمهاجرين من تلك الدول.

وقال فاراتيني «إن مشكلة الهجرة غير الشرعية لا تهم إيطاليا بمفردها وإنما تمثل مشكلة لكل دول الاتحاد».