أبو مازن يواصل اتصالاته بفصائل المقاومة لتثبيت الهدنة و«حماس» و«الجهاد» تؤكدان بحث الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين

شارون يعد نظيره الفلسطيني بوقف عمليات الاغتيال إلا في حالات نادرة

TT

واصل محمود عباس (ابو مازن) رئيس الوزراء الفلسطيني امس لقاءاته في قطاع غزة مع الفصائل الفلسطينية المختلفة لتثبيت الهدنة المؤقتة التي توصل اليها يوم الاحد الماضي، بمساعدة من مروان البرغوثي امين سر اللجنة الحركية العليا لفتح في الضفة الغربية، في وقت تعرضت فيه احدى المستعمرات في منطقة القطاع الى قصف بقذائف الهاون، واعتقلت السلطة الفلسطينية 5 فلسطينيين لخرقهم اتفاق الهدنة، بينما اعلنت اسرائيل عن اعتقال 12 فلسطينيا في مناطق مختلفة.

والتقى ابو مازن الليلة الماضية قادة حركة الجهاد الاسلامي في غزة حيث بحيث معهم موضوع الهدنة وسبل تثبيتها بما فيها قضية الافراج عن جميع المعتقلين الفلسطينيين.

وكان ابو مازن قد التقى امس مع عدد من قادة حماس في غزة. وقال عبد العزيز الرنتيسي احد كبار قادة حماس في القطاع ان اللقاء جاء بناء على طلب من ابو مازن بهدف التواصل. واضاف الرنتيسي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «بحث خلال اللقاء آلية تنفيذ شروط حماس للهدنة وعلى رأسها آلية الافراج عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية».

والشرط الآخر الذي كانت حماس قد وضعته للموافقة على الهدنة كما قال الرنتيسي «عدم الاعتداء الاسرائيلي على الافراد (الاغتيالات واعمال القتل) والبيوت والمقدسات والزروع، وهذا يشمل ايضا رفع الحصار بما فيه حصار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات». وتابع الرنتيسي القول «الحقيقة ان ابو مازن يبارك هذه الشروط». واعتبر ان اي خرق اسرائيلي لها سيكون بمثابة خرق لاتفاق الهدنة الذي كما قال الرنتيبسي لم يكن اتفاقا مكتوبا بل مجرد مبادرة تقدمت بها حركته «لحجب الشر لاننا كنا نخشى ان تؤدي الضغوط الخارجية على السلطة والحكومة الفلسطينية الى فتنة داخلية فعليا».

وكانت قضية الافراج عن المعتقلين احدى النقاط الرئيسية التي ناقشها وأكد عليها ابو مازن خلال لقائه مع نظيره الاسرائيلي ارييل شارون لا سيما اجتماع يوم الثلاثاء الماضي الذي اسفر عن انسحاب قوات الاحتلال عن مدن بيت لحم وبيت ساحور وبيت جالا والقرى والمخيمات المحيطة بها.

وافرجت اسرائيل في الايام الاخيرة عن عشرات المعتقلين (52 معتقلا) من بينهم العقيد سلمان ابو مطلق احد مسؤولي الامن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة الذي اعتقلته في مايو (ايار) الماضي للاشتباه في مشاركته في عمليات ضد الجيش الاسرائيلي والمستوطنين.

ووصفت حماس والجهاد والحركات الفلسطينية الاخرى عملية الافراج هذه بأنها خطوة غير كافية، وطالبت بالافراج عن جميع المعتقلين بمن فيهم الذين قضوا فترات طويلة في المعتقلات والنساء والاطفال والمرضى من المعتقلين. واعتبرت ان عدم التزام اسرائيل بها ربما يعني انهيار الهدنة قبل قضاء مدة الاشهر الثلاثة.

ويعد الجانب الفلسطيني قوائم باسماء الاسرى الذين يطالب بالافراج عنهم من بينهم عدد قضى في السجون فترات طويلة. ووعد شارون بالافراج عن المزيد وطلب من الاجهزة الامنية اعداد قوائم باسماء المعتقلين الذين يمكن الافراج عنهم رغم المعارضة الشديدة التي يبديها اليمين المتطرف في حزب الليكود والائتلاف الحكومي.

وسيقدم جهاز المخابرات العامة (الشاباك) لشارون في اجتماع الحكومة غدا، قائمتين تشمل احداهما اسماء مئات من المعتقلين الفلسطينيين الذين يمكن الافراج عنهم وقائمة اخرى تحوي اسماء المعتقلين الذين نفذوا عمليات قتل ضد الاسرائيليين ولا يمكن الافراج عنهم.

ويقترح «الشاباك» الافراج عن المعتقلين الذين لم يرتكبوا اعمال قتل ولم ينفذوا هجمات ضد الاسرائيليين، وهذا يعني المعتقلين الاداريين الذين عملوا على تسهيل العمليات. ولن يفرج الا عن عدد قليل من المعتقلين الذين كما يقول الاسرائيليون «تلطخت ايديهم بدماء يهود» على الا تقل الفترة التي قضوها في السجون عن عشرين عاما. وسيدعو «الشاباك» الى توقيع المفرج عنهم على تعهدات بعدم القيام باي هجمات. ويتوقع ان تصادق الحكومة على اقتراح الشاباك.

الى ذلك اعتقلت السلطة الفلسطينية اكثر من 5 من عناصر لجان المقاومة الشعبية التي تضم عناصر من جميع الفصائل الفلسطينية في خان يونس جنوب قطاع غزة بتهمة اطلاق قذائف هاون على مجمع مستوطنات غوش قطيف وإصابة أربعة مستوطنين بجراح. ومن بين المعتقلين أحد قادتها العبد يوسف القوقا. واعتقلت دورية أمن فلسطينية ثلاثة آخرين من مقاتلي اللجان في مدينة غزة، الأمر الذي أثار قادتها وعناصرها.

وتظاهر العشرات من المسلحين من انصار لجان المقاومة الشعبية الليلة قبل الماضية احتجاجا على الاعتقالات. وحسب المركز الفلسطيني للاعلام فقد انتظم العشرات من المسلحين تتقدمهم سيارة ثبتت عليها مكبرات الصوت في مسيرة انطلقت من حي الشيخ رضوان بغزة الى حي النصر، انضم إليهم عدد كبير من الفلسطينيين. وردد المشاركون هتافات تندد بالاعتقالات مطالبين بضرورة الإفراج عنهم.

وهدد المتظاهرون بإحراق مقر الأمن الفلسطيني إن لم يتم الإفراج عن رفاقهم. ولم تتدخل عناصر الشرطة الفلسطينية ضد المظاهرة التي تواصلت حتى شارع عمر المختار الشارع الرئيسي بمدينة غزة.

وتضم اللجان الشعبية عناصر سابقين في حركات مثل فتح وحماس والجهاد والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وان كان اغلب الاعضاء من عناصر حركة فتح الذين يرفضون نهج الحركة. وأكد مسؤول في لجان المقاومة رفض الهدنة لكنه قال انها تلتزم بقرار الإجماع الوطني في تعليق العمليات، مؤكدا إن اسرائيل لم تلتزم بشروط الهدنة فكان لا بد من الرد عليها.

وفي ذات السياق كشف مصدر اسرائيلي امني رفيع النقاب عن ان شارون، ومن خلال لقائه الاخير مع ابو مازن وعد بأن يوقف الاغتيالات في المناطق الفلسطينية تماما، باستثناء حالات طارئة ونادرة.

وقال هذا المصدر ان شارون اوضح لرئيس الوزراء الفلسطيني ان قواته ستنفذ عمليات اغتيال فقط في حالة انطلاق شخص فلسطيني لتنفيذ عملية تفجيرية فورية. وحتى في هذه الحالة سيحرص على ان يعرف الجهاز الامني الفلسطيني بأمر هذه الانطلاقة. فاذا تعهد الجهاز باعتقال الشخص قبل مغادرة المنطقة الفلسطينية وتمكن من نزع فتيل العملية، فلن ينفذ الاسرائيليون عملية الاغتيال.

وأكد ابو مازن بالمقابل ان اجهزة الامن لديه «سوف تعمل كل ما في وسعها لكي لا نصل الى وضع يكون فيه انطلاق لعملية تفجيرية». وفي حالة نشوء وضع كهذا، تعهد بأن تقوم اجهزة الامن الفلسطينية باعتقال الشخص ونزع الفتيل ومحاكمته بتهمة خرق اتفاق الهدنة واتفاق وقف اطلاق النار مع اسرائيل.

وأثار هذا الكشف حفيظة وزراء اليمين المتطرف في حكومة شارون، بمن في ذلك بعض وزراء الليكود، الذين اعتبروا الامر بمثابة «تسليم امن الاسرائيليين الى اجهزة الامن الفلسطينية التي اثبتت انها جزء لا يتجزأ من الانتفاضة». وطلب الوزير عوزي لانداو، مسؤول الشؤون الاستراتيجية من شارون، ان يعلن صراحة اذا كان قد تعهد فعلا بهذا الموقف امام ابو مازن. وقال ان تعهدا كهذا يعتبر خرقا لقرار الحكومة الاسرائيلية وشروطها لوقف النار.

على صعيد آخر، اعلن الجيش الاسرائيلي انه اعتقل الليلة قبل الماضية 12 فلسطينيا في الضفة الغربية معظمهم من ناشطي حركة فتح يشتبه في تورطهم في هجمات. وقال متحدث باسم الجيش الاسرائيلي ان ستة منهم اعتقلوا في الخليل جنوب الضفة الغربية والآخرين في شمال الضفة.