تصاعد الخلاف بين الـ«بي. بي. سي» والحكومة البريطانية والمتحدث باسم البيت الأبيض يدعم مساعد بلير

TT

شهد الخلاف بين هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) وحكومة توني بلير أمس تصعيداً جديداً عشية إصدار لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس العموم تقريراً حول اشتراك لندن في الحرب وصدقية المعلومات التي بثتها عن نظام بغداد السابق. وترددت امس انباء نفتها مصادر برلمانية تفيد أن التقرير المزمع نشره بعد غد سيبرئ آلاستر كامبل مدير الاتصالات والاستراتيجية في مكتب رئيس الوزراء من تهمة تضخيم الخطر العراقي المزعوم. وإذ أعرب آري فلايشر، المتحدث الرسمي باسم البيت الابيض الاميركي، على نحو مفاجئ بتأييده الشديد لكامبل، فقد اعلنت الـ«بي.بي.سي» عن فتح تحقيق في تقرير بثته أواخر مايو (آيار) الماضي عن «تصرف» مكتب بلير في معلومات استخباراتية بقصد المبالغة في تصوير خطر الاسلحة العراقية المزعومة.

وأدلى فلايشر امس بدلوه في الخلاف، مؤكداً براءة كامبل الذي يعتبر نظيره البريطاني. وقال المسؤول الاميركي في مقابلة اجرتها معه الـ«بي.بي.سي» اتابع باهتمام ما يجري حالياً في بريطانيا. «لدي ثقة بآلاستر، ولدي ثقة أيضاً بالطبع برئيس الوزراء وأولئك الذين من حوله». واضاف «لدينا كل الثقة بانهم قالوا الشيء الصحيح والحقيقة الدقيقة». وزاد هناك «اشخاص جيدون ممن يفعلون الاشياء الصحيحة للاسباب الصحيحة». ويعتقد ان تدخل فلايشر سيعزز موقف كامبل في الخلاف الذي بدأ منذ اسابيع بسبب بث برنامج «توداي» (اليوم) الاخباري في راديو فور التابع للـ«بي.بي.سي» تقريراً لمراسله لشؤون الدفاع آندرو غيلغان، جاء فيه نقلاً عن مصدر أمني رفيع أن مكتب بلير تعمد «رفع درجة إثارة» ملف نشرته لندن في سبتمبر (ايلول) الماضي عن اسلحة بغداد للدمار الشامل. ونسب غيلغان الى المسؤول الذي رفض الافصاح عن اسمه، قوله عن ان مكتب رئيس الوزراء أضاف الى الملف معلومة تفيد ان من الممكن تجهيز بعض هذه الاسلحة العراقية المزعومة للإطلاق خلال 45 دقيقة. والخلاف الذي وصلت حدته الى درجة لعلها غير مسبوقة في تاريخ بريطانيا لجهة علاقة الحكومة بأهم المؤسسات الإعلامية المستقلة العريقة التي تتلقى دعماً مالياً منها، شهد هدنة وجيزة انتهت امس. فقد جدد الناطق الرسمي باسم بلير في مؤتمره الصحافي اليومي امس الهجوم على الـ«بي.بي.سي». وانتقد برنامج «توداي» بشدة لانه ألغى مقابلة كانت مقررة سابقاً مع وزير الدفاع جيف هون، وذلك بسبب طلب الاخير اتاحة الفرصة له لمناقشة القضية. وتناقلت صحف امس أنباء تفيد ان اللجنة البرلمانية ستقول في تقريرها المزمع إصداره ان كامبل لم يُضف شيئاً الى الملف بهدف «رفع درجة إثارته». غير ان مصادر برلمانية ذكرت أن اللجنة التي يتمتع بها نواب حزب العمال الحاكم بأغلبية ساحقة، لا تزال منقسمة حتى ظهر أمس بسبب معارضة بعض الاعضاء لتبرئة مساعد بلير القوي. وقال نائب طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الاوسط» إن «أعضاء اللجنة من نواب المعارضة (3 محافظين وواحد من الديمقراطيين الاحرار) لا يستطيعون منع زملائهم العماليين (7 بينهم رئيس اللجنة دونالد اندرسون) تبرئة كامبل». بيد انه اضاف ان المحافظين الذي يضمون وزيرين سابقين، «يستطيعون الاعراب علناً بعد صدور التقرير عن معارضتهم لتوصيته الرئيسة بتبرئة الرجل»، وهذا سيفقد التقرير صدقيته لانه سيبدو للجميع «مفبركا» وضع تحت ضغوط كبيرة من جانب الحكومة على نواب الحزب الحاكم.

وفي هذه الاثناء، اعلنت الـ«بي.بي.سي» امس أنها بدأت تحقيقا داخليا حول تقرير غيلغان وما إذا تمت المحاولة للحصول وقت بثه على تعليق من الحكومة حول التهمة التي تضمنها. ويفترض ان يحدد المسؤول عن سياسة التحرير في الهيئة ستيفن ويتل ما اذا كان المراسل قد اعطى وزارة الدفاع وقتاً كافياً للتعليق قبل بث التقرير في برنامج «توداي».