الإنتربول المصري: إلغاء محاكم أمن الدولة يتيح لنا استعادة الفارين بأموال البنوك من الخارج

TT

أثار قانون الغاء محاكم أمن الدولة العليا رقم 95 لسنة 2003، الذي أقره البرلمان المصري أخيراً جدلاً واسعا في الدوائر القضائية والامنية، حول سلطة قاضي التحقيق التي انتقلت الى النيابة العامة كسلطات أصلية، وليست كسلطات استثنائية كما كان في القانون الملغي. وأعرب المستشار سعد عبد الواحد، وهو القاضي الذي اصدر حكما شهيرا في قضية حادث قطار الصعيد، حمل فيه كبار مسؤولي الحكومة مسؤولية الكارثة، عن خشيته من أن "يؤدي التغيير في الألفاظ القانونية الى ارتباك العاملين في مجال القانون، سواء كانوا تابعين لجهات التحقيق او القضاة، في ما يتعلق بتصنيف العقوبة، وتحديدها لكل جريمة على حدة، لأن المشرع وضع لكل جريمة عقوبة معينة وفقاً للخطورة الاجرامية".

لكن مصدرا مصريا في الانتربول الدولي اشار الى ان هناك وجها ايجابيا ومشرقا للقانون قائلا: "ألغى القانون الجديد عقوبة الأشغال الشاقة التي كانت تحدث لنا مشاكل في الخارج، لأن الأشخاص الذين يحكم عليهم بالأشغال الشاقة ويهربون، عندما تطلب مصر تسليمهم تفاجأ بأن تشريع الدول الأخرى لايعرف هذه العقوبة، لأنها عقوبة مهينة وقاسية، وتخالف الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي وقعت عليه مصر، وبالتالي ترفض هذه الدول تسليم المتهمين، لأن الاحكام الصادرة عليهم، صدرت عن محكمة استثنائية لا توفر ضمانات كافية للمتهمين، مما أدى الى اعتبارها محاكم مناهضة للحريات العامة التي نصت عليها المواثيق الدولية التي وقعتها مصر.

واضاف المصدر ان عددا من الأحكام التي أصدرتها محاكم أمن الدولة العليا في قضايا الأموال العامة والبنوك حرمت مصر من استعادة المجرمين الذين فروا بأموال عامة طائلة للخارج، ولم تتمكن من استعادة اي منهم، وفي مقدمتهم المرأة الحديدية هدى عبد المنعم، وعلية العيوطي المتهمة في قضية نواب القروض، رغم وجود اتفاقيات قضائية لتسليم المتهمين الى الدول التي هربوا إليها.

وفي المقابل حذر عدد من القضاة من "حالة ارتباك" قد تصاحب تطبيق القانون الجديد في مراحله الأولى، وتحديد الحالات التي ينطبق عليها والحالات التي لا تخضع له. لكن خبراء تحدثوا الى "الشرق الأوسط" قالوا ان هناك ضرورة التفريق بين محاكم أمن الدولة العادية، والتي تتشابه مع محاكم الجنايات، وتخضع لنصوص القانون العادي، وبين محاكم أمن الدولة العليا (طوارئ) التي تخضع لقانون الطوارئ فقط

واشاروا الى ان درجات التقاضي في محاكم الطوارئ تقتصر على درجة واحدة، يعقبها تظلم من الحكم أمام الحاكم العسكري صاحب الحق الوحيد في التصديق على الحكم أو قبول التظلم، ونقل القانون الجديد اختصاصات محاكم أمن الدولة الملغاة إلى محاكم الجنايات، وألغى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لتصبح السجن المؤبد، واستبدل عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بعقوبة السجن المشدد. وقال المستشار أحمد بدور رئيس محكمة أمن الدولة العليا السابق انه بمقتضى القانون الجديد "لم تعد هناك عقوبات بدنية كالجلد، ولم يعد هناك ما يسمى بعقوبة الأشغال الشاقة، واصبح من حق المسجون أن يعمل بأجر مناسب، وفقاً للنهج الحديث في السياسة العقابية وعلم الاجرام، لأن القاعدة هي أن الجاني لا بد أن يعود إلى المجتمع فرداً صالحاً بعد قضاء العقوبة".

وأشار إلى أن المادة 16 من قانون العقوبات تؤكد أن عقوبة السجن هي وضع المحكوم عليه في أحد السجون العمومية، وتشغيله داخل السجن أو خارجه في الأعمال التي تعينها الحكومة.

لكن مصدرا أمنيا مسؤولا قال ان "عقوبة الاشغال الشاقة لا تطبق داخل سجون مصر منذ أوائل الثمانينات، حيث لا توجد حالياً مساحات جبلية يقوم فيها المحكوم عليهم بتكسير الجبال والأحجار مثل ما يظهر في الأفلام، رغم أن عدد الذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن المؤبد مع الاشغال الشاقة بلغ 26 ألف سجين يقضونها في الليمانات المتضمنة ورشاً ومصانع انتاجية.

وعن موقف المحكوم عليهم حالياً بالمؤبد أو المؤقت قال: "سوف يتم نقلهم الى السجون العادية، وتطبق عليهم أحكام القانون الجديد، كما سيتم الغاء الليمانات وتحويلها الى سجون، واستبدال اسمها (7 ليمانات) أشهرها ليمان طره، وسوف يتم توزيع العمل على المساجين وفقاً لحرفة ومهنة كل سجين ليعود الربح عليهم وعلى أسرهم".

واوضح المستشار محمد شيرين فهمي أن القانون الملغي الخاص بمحاكم أمن الدولة العليا كان لا يقبل الادعاء المدني أمام محاكم أمن الدولة، بينما القانون الجديد أعطى الحق للمتضررين من الجرائم في التوجه الى المحاكم الجنائية، مطالبين بالتعويض عن الضرر الناتج عن الجريمة مباشرة بدلاً من الانتظار إلى أن يصبح الحكم باتاً.