عرفات يرفض الانتقال من سجن في رام الله إلى سجن في غزة

أبو مازن يترأس جلسة للحكومة في القطاع جرت المصادقة فيها على لقائه الأسبوع المقبل مع شارون وتشكيل 8 لجان مشتركة مع الإسرائيليين

TT

رفض الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات امس عرض الحكومة الاسرائيلية السماح له بمغادرة مقره في رام الله للذهاب الى غزة. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» عن الرئيس عرفات قوله عقب لقائه في مقر الرئاسة في رام الله، جون زغلير مقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في الغذاء للأراضي الفلسطينية ان العرض الاسرائيلي «يعني ان انتقل من سجن الى سجن.. أنا لا استجدي احدا». وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون قد اعلن موافقته على السماح لعرفات الذي لم يغادر مقره الا مرة واحدة بعد رفع الحصار عن المقر في اطار صفقة عقب حملة ما يسمى بالستار الواقي في مايو (ايار) 2002 زار خلالها بيت لحم ومخيم جنين، للسفر الى غزة فقط والبقاء هناك، وذلك بعد الحاح من رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) الذي يطالب برفع الحظر كليا عن تحركات الرئيس عرفات. ووصف الرئيس عرفات الانسحابات الاسرائيلية الجزئية من شمال قطاع غزة والانسحاب من قلب مدينة بيت لحم بموجب اتفاق بين ابو مازن وشارون جرى التوصل اليه بعد اعلان خمسة فصائل فلسطينية يوم الاحد الماضي هدنة مؤقتة مدتها 3 اشهر، بانها «تطبيق تجميلي للاتفاقات التي تدفع خطة خريطة الطريق الى الامام». وشدد عرفات على ضرورة تنفيذ خريطة الطريق «تنفيذاً حقيقياً وليس تنفيذاً شكلياً».

ورداً على سؤال حول إمكانية انسحاب قوات الاحتلال من باقي المدن الفلسطينية، تحدث عرفات عن معاناة الشعب الفلسطيني في بيت لحم رغم هذه الانسحاب من بيت لحم. واشار إلى انه استقبل أمس «وفداً من المحافظة استغرقت مدة المسافة التي قطعها من بيت لحم إلى رام الله أربع ساعات ونصف ساعة» مقارنة بربع ساعة في الظروف العادية.

وقال «انظر ماذا حدث في خان يونس ودير البلح وجنين وقلقيلية، فقلقيلية تحولت إلى سجن بالكامل بسبب الحصار الإسرائيلي وليس لها إلا مدخل واحد».

وجاءت تصريحات عرفات هذه في وقت لا يزال فيه ابو مازن موجودا في غزة حيث ترأس امس اجتماعا لمجلس الوزراء بحث فيه الموقف السياسي وقضايا الوضع الداخلي بما فيها نتائج المحادثات التي اجراها على مدى الايام الثلاثة الماضية مع الفصائل الفلسطينية المختلفة وذلك من اجل تثبيت الهدنة المؤقتة التي اعلنها خمسة منها وهي فتح وحماس والجهاد الاسلامي والجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، لاعطاء الفرصة لابو مازن لاحراز تقدم في العملية السلمية مقابل افراج اسرائيل عن المعتقلين الفلسطينيين وكذلك وقف عدوانها على الشعب الفلسطيني بما في ذلك وقف الاغتيالات واعمال قتل المدنيين وجرف الاراضي والمزروعات وتدمير المنازل ورفع الحصار عن المدن الفلسطينية وكذلك الرئيس عرفات كما قال لـ«الشرق الاوسط» عبد العزيز الرنتيسي احد كبار قادة حماس في غزة.

وقالت وكالة «وفا» ان الوزراء قوموا نتائج الاجتماع بين ابو مازن وشارون وعدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين. ورفض المجلس مناقشة فكرة السماح للرئيس عرفات بالتوجه إلى غزة، مصراً على «أن حرية الرئيس، كل لا يتجزأ». وأقر مجلس الوزراء، تشكيل لجان مشتركة مع الجانب الإسرائيلي حيث اقترحت ثماني لجان، ينتظر الرد الإسرائيلي عليها.

وبحث الاجتماع الإجراءات التي اتخذتها أجهزة الأمن، لوضع حد لعمليات اختراق الهدنة بما في ذلك تلك التي وقعت في غزة وغيرها من المناطق، مؤكدا التمسك بالهدنة ودعا الجميع إلى عدم خرقها. وادن عملية اغتيال قوات الاحتلال لاحد قادة كتئب شهداء الاقصى ـ الجناح العسكري لحركة فتح في قلقيلية.

وكلف مجلس الوزرا وزير شؤون الاسرى هشام عبد الرازق بمتابعة القضية مع الجانب الإسرائيلي على قاعدة حتمية إطلاق سراح المعتقلين، بالتنسيق بين الجانبين. كما كلف وزير الدولة لشؤون الامن محمد دحلان، بمتابعة قضايا «الخطوة التالية لما بعد غزة ـ بيت لحم» وكذلك رفع الأطواق وإدخال تسهيلات على حركة المواطنين.

وأقر المجلس إجراء لقاء آخر مع شارون خلال هذا الأسبوع على مستوى رئيس الوزراء، لمتابعة بحث الموضوعات التي طرحت في الأسبوع الماضي، وتلقي إجابات حول القضايا العالقة.

وكان ابو مازن قد عقد الليلة قبل الماضية في مقر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي يشغل منصب أمين سر لجنتها التنفيذية في غزة، اجتماعا مع وفد من قيادة حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة ضم الدكتور محمد الهندي والشيخ نافذ عزام والشيخ عبد الله الشامي. وبحث ابو مازن مع وفد الجهاد عددا من القضايا بما فيها تثبيت الهدنة والافراج عن المعتقلين الفلسطينيين وهي القضية التي يضعها دوما نصب عينه باعتبارها قضية تحظى بشعبية قوية في الشارع الفلسطيني حسب قول احد مساعديه لـ«الشرق الاوسط».

ونقل عن الهندي قوله عقب الاجتماع الذي استمر نحو ساعتين إن اللقاء كان ايجابيا وصريحا وبحث تطورات الشأن الفلسطيني واتفق على وضع موازين معينة للافراج عن المعتقلين وفق اتفاق بين الجميع، وهو (الافراج) قضية إجماع وطني بين كل الفصائل والحكومة الفلسطينية وملف ساخن يهم الجميع. وأضاف: اننا نعتقد أن قضية الأسرى ستكون القضية الأهم في المرحلة المقبلة وهذا ما تم تأكيده خلال الاجتماع.

ونجح ابو مازن في اقناع قادة الجهاد في وضع قائمة باسماء المعتقلين الذين يمكن اعطاؤهم الأولوية في عملية الافراج. وعكس هذا الموقف مرونة في موقف الجهاد بشأن المعتقلين الذين تطالب بالافراج عنهم جميعا للابقاء على الهدنة المؤقتة. وأكد الهندي على ضرورة وضع أولوية في عملية الإفراج خاصة كبار السن والنساء والأطفال والمرضى وذوي الأحكام العالية، مشيرا إلى أنها «قضايا سيتم مناقشتها بالتفصيل مع الأخ هشام عبد الرازق وزير شؤون الأسرى».

وكانت اسرائيل قد افرجت في الاسبوع الماضي عن العشرات من المعتقلين الفلسطينيين من اصل عدد يصل الى حوالي 8 الاف جلهم اعتقل خلال الاشهر الـ12 الاخيرة، لابداء حسن النية. ويتوقع ان تصادق الحكومة على قائمة افراج جديدة تشمل مئات المعتقلين سيقدمها اليها اليوم جهاز المخابرات العامة (الشاباك) الى جانب قائمة اخرى للمعتقلين الذين لا يمكن الافراج عنهم في الوقت الحاضر.

من جهته قال الشامي إن اللقاء تضمن نقاشاً حول الواقع السياسي وتطوراته وتعقيداته والوضع الداخلي الفلسطيني وضرورة إحداث إصلاح وتغيير في الواقع بما يشعر به المواطن الفلسطيني. وأضاف أن الاجتماع ناقش أمور الاعتقالات الأخيرة وساد توافق على أن يسود القانون لأن ما حدث خطر يستشعره الجميع.

لكنه أكد «أن خيار المقاومة استراتيجي لدى الجهاد الإسلامي». وتابع القول «إن ما حدث لم يسقط خيار المقاومة ووصف بمحطة عابرة اجبارية اضطررنا لها في هذه الساحة من أجل الحفاظ على الوحدة الجماعية للشعب الفلسطيني والمصلحة الوطنية العليا». وأضاف «ان العدو الصهيوني لم يلتزم بالهدنة وحدثت خروقات عديدة من الاحتلال على الأرض على مستوى الاستيطان والاغتيالات وقطع الطريق في غزة، وهي قضايا ستدرس بعناية وجدية من قبلنا».