مشاركة 136 ألف رجل.. وحرمان 271 ألف امرأة في انتخاب أعضاء البرلمان الكويتي

TT

فيما توجه 136 الف رجل كويتي، يشكلون 15% فقط من تعداد المواطنين البالغ حوالي 900 ألف نسمة، الى صناديق الاقتراع لاختيار اعضاء مجلس الامة أمس، كانت 271 ألف امرأة كويتية (أعمارهن 21 سنة وما فوق) يشكين حرمانهن من ممارسة هذا الحق الذي منحها إياه الدستور وحرمها منه قانون الانتخابات، الذي حرم معها حوالي 60 ألف رجل كويتي هم إما من الجيش أو الشرطة أو المتجنسين من حق الانتخاب.

وكانت المرأة الكويتية قد دأبت منذ عام 1963 (أي منذ أول انتخابات لمجلس الأمة الكويتي) على المطالبة بحقها السياسي في الترشيح والانتخاب للمجلس، وحقها في تولي المناصب الوزارية. وهذا العام فتحت جمعية الصحافيين الكويتية مقرها للمرأة الكويتية لتمارس بصورة شكلية عملية الانتخاب، فهيأت الجو الانتخابي، وصناديق اقتراع وطاولات تسجيل الناخبات، وغيرها من متطلبات الانتخاب. وتوافد على مقر الجمعية مئات النساء، جميعهن يحملن الكثير من الإصرار والتصميم للحصول على حقهن السياسي. وقالت الناشطة في مجال حقوق المرأة الكويتية فاطمة العيسى لـ«الشرق الأوسط»: «استنفدت المرأة الكويتية جميع أساليب المطالبة بحقها السياسي على مدى الأربعين سنة الماضية من الحياة النيابية الكويتية، بينها مذكرة الى مجلس الامة قدمت عام 1971، تطالب بتعديل المادة الثانية من قانون الانتخاب ليتسنى لها الانتخاب والترشيح للمجلس، كما عقدت العديد من المؤتمرات والندوات، وتحدثت كثيراً في وسائل الإعلام بهدف التوعية لأهمية دورها السياسي، ولم تحصل على ذلك الحق رغم تلك الجهود لليوم».

واضافت: «ينظر النواب المعارضون لممارسة المرأة لحقها السياسي للأمر من زاوية مصلحتهم الخاصة، وليس من خلال مصلحة البلاد، فيقيسون موافقتهم بمدى ما يستفيدونه من انخراطها في العمل السياسي». واشارت الى أن «أحد النواب المحسوبين على الاخوان المسلمين ذكر في لقاء أجرته معه قناة فضائية عربية أن نيل المرأة الكويتية لحقها السياسي ليس من الأولويات، وأن قضية التنمية في الوقت الحالي أكثر أهمية».

وتساءلت فاطمة العيسى: «عجيب أمر هذا النائب، كيف يتصور امكانية تحقيق التنمية في غياب طاقة المرأة، وهي نصف المجتمع ؟». لكنها اشارت الى «أن هناك عدداً لا بأس به من النواب المؤيدين لنيل المرأة حقوقها السياسية، والذين يصرحون بذلك علنا، منهم الدكتور أحمد الربعي، والنائب محمد الصقر، والنائب عبد الله النيباري، وهناك ايضا عدد من النواب الآخرين الذين يخفون تأييدهم لاعتبارات تتعلق بدوائرهم الانتخابية».

وتوقعت العيسى أن تمارس المرأة حقها السياسي في الفصل التشريعي الحادي عشر (عام 2007) قائلة: «لن تكون ممارستها لذلك الحق نتيجة تغيير في قناعة بعض النواب المعارضين، ولكن سيكون خجلاً من التطور الطبيعي الذي حدث في الدول المجاورة كالبحرين وقطر والإمارات التي أعطت المرأة حقها السياسي».

أما الدكتورة موضي الحمود التي وجدت في جمعية الصحافيين ومارست صورياً عملية الانتخاب، وهي من أوائل الناشطات المطالبات بحق المرأة السياسي فأكدت لــ«الشرق الأوسط» أن المرأة الكويتية ستحصل على حقها السياسي قبل عام 2007، فزيادة الوعي بدور المرأة ودعم السلطة السياسية لها، سيساعداها على نيل حقوقها السياسية، والمتمثلة في تولي منصب الوزير ودخول مجلس الأمة. وأشارت الحمود إلى أن المرأة الكويتية «تقوم منذ سنوات بدور في الانتخابات لمجلس الأمة، فهناك العديد من المرشحين للمجلس يستعينون بها كمفاتيح انتخابية وكمساعدة في اللجان لكن الناشطة السياسية المحامية كوثر الجوعان امتنعت عن المشاركة في التصويت في الاحتفالية الرمزية التي اقامتها جمعية الصحافيين». وقالت انها لا ترفض مبدأ مشاركة المرأة في التصويت، وان كان رمزيا وغير حقيقي، الا انها تمتنع عن المشاركة لانها تعتقد «ان هذا الحق السياسي هو من حقوق المرأة الاساسية التي يجب ان تحصل عليها وتمارسها فعليا». واضافت: «لن يكون لنتيجة هذه الانتخابات الرمزية تأثير على الانتخابات الحقيقية، كما ان طريقة التصويت لا تعكس الصورة الانتخابية الحقيقية لجميع دوائر الكويت». واوضحت ان امتناعها عن التصويت الرمزي نوع من الممارسة الديمقراطية بحد ذاتها، فالديمقراطية تعطي كل ناخب حق التصويت او عدم التصويت.

بيد ان عضو اللجنة المنظمة للانتخابات الرمزية فاطمة حسين ردت بالقول: «ان المشاركة الرمزية التي تقوم بها المرأة في اختيار نواب الامة تعبير عن حقها الشرعي في الانتخاب والترشيح، وهو الحق الذي يحاول البعض منعه او قمعه.. اي دولة في العالم اليوم لا يمكن لها ان تبقى على خريطة العالم مالم تحقق امكانيات التنمية»، واضافت: «ان المرأة الكويتية لا تحتاج الى «الصراخ» للحصول على حقها السياسي أو الى البحث عن ثغرة في الدستور او قانون الانتخاب لدعم هذا الحق». وكانت اولى المقترعات سلوى العازمي من الدائرة 21 التي قالت انها «سعيدة بالفكرة وان كانت رمزية وليست حقيقية، لكنها تدخل المرأة الكويتية في الجو الديمقراطي». والمدهش ان اولى المقترعات اكدت انها تعارض اعطاء المرأة حق الترشيح ودخول قاعة البرلمان، لكنها تؤيد اعطاءها حق الانتخاب، مشيرة الى ان «هذا الامر ان حدث سوف يقلب العديد من الموازين السياسية في البلاد».

ايضا شارك الرجال امس في احتفالية المرأة الرمزية حيث كان أول الرجال المشاركين في التصويت الى جانب النساء هو الكاتب الصحفي الساخر محمد مساعد الصالح الذي أكد ان ايمانه بحق المرأة اليومي في الانتخاب دفعه للقدوم والمشاركة. وتوقع الصالح ان تكون نسبة التغيير في المجلس المقبل 50 في المائة، مؤكدا ان اعطاء المرأة حقوقها السياسية سيرفض ايضا في المجلس المقبل «الا اذا رأت الحكومة غير ذلك».

وكان التصويت في المقر الانتخابي الرمزي للنساء متاحا لكل كويتية بالغة من العمر 18 عاما، ولا يتطلب سوى ابراز البطاقة المدنية فقط من دون الحاجة الى الجنسية، كما ان مقر التصويت واحد ويضم صناديق الاقتراع لـ25 دائرة انتخابية، حيث تقوم كل ناخبة باختيار مرشحين اثنين من الدائرة التي تنتمي اليها.